|
احذروا، إنه بيض أدولف هتلر
عمر بن أعمارة
الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 16:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"هذا المعتوه الذي نسب انتصاراتنا في مجال الرياضة للملونين السود نسي أو لعله تناسى أننا نحتقرهم حتى وهم يحرزون النصر لنا.إن رائحتهم كريهة وان أصحاب النصر الحقيقيين هم أبناء ألمانيا البيض الذين ينحدرون من أرقى الأجناس البشرية".كلام نسب إلى إحدى المتصلات عبر الهاتف بأحد البرامج التلفزيونية وهي في سن الخامسة والثمانون، ردا على أحد دعاة حقوق الإنسان الذي دافع عن غير الأوربيين في أحد البرامج التلفزيونية مبرزا دورهم المهم في بناء أوروبا (1). “هذه المجموعات الحقيرة من اليهود والمسلمين تستحوذ على بلدنا، ويجب علينا أن نفعل ما بوسعنا لاستعادة ألمانيا ولو تطلب ذلك حمل السلاح، فلنتخلص من هذه الطفيليات!”عبارات أصبحت مألوفة على مواقع التواصل الاجتماعية دون أدنى تحفظ أو خجل.(2) "لابد من ترحيل هؤلاء النساء الخائنات قبل ترحيل أزواجهن لأنهن خن سياسة المحافظة على بقاء الجنس الألماني" هكذا كان الرد من قبل المنظمات العنصرية على بعض النساء الألمانيات المتزوجات من أتراك حينما عبرن عن معارضتهن للحملات العنصرية (3) علينا أن نسأل هل حقا مات هتلر أم فقط ورقة من شجرة التطرف اليميني من تساقطت وعلى مكانها نبتت أوراق عديدة تحمل نفس الشفرة ونفس الجينات والحمض النووي للعنصرية ؟ ما معنى أن يزهر اليمين المتطرف في أوربا وأيضا في بعض دول أمريكا وأستراليا حاليا حيث نلاحظ بعض الحركات التسخينية استعدادا لعصر جليدي بشري ؟ يبدو أن جغرافية هذا اليمين المتطرف أخذت تتمدد وتتسع بعد أن اكتسح دولا جديدة هكذا أصبحنا نتحدث عن اليمين المتطرف الكوني بل نحن مقبلين على منعرجات يمينية متطرفة خطيرة حيث صارت العنصرية وكره الآخر حد الإلغاء، سلعة رائجة وركن مركزي في برامج أحزاب ومنظمات لا يستهان بعددها المتنامي يوما بعد يوم، وأيضا بتجدرها في أوساط شعبية بل حتى لدى بعض النخب ولم تعد هذه التعابير والحركات العنصرية المتطرفة تظهر بشكل محتشم أو تشتغل في الظل أو في مناطق عازلة أو تحت الكلام المضمر بل اكتسحت مساحات مجتمعية شاسعة واقتحمت دوائر ومؤسسات التشريع والقرارات المصيرية: ( البرلمانات الإقليمية والوطنية وأيضا البرلمان الأوربي..) لم يكن هتلر من الوحوش المدمرة أو حتى من الزواحف التي أتت على الأخضر واليابس التي تتقهقر وتنسحب مرة للأبد بسهولة دون أن تترك خرابا وجروحا غائرة ودون أن تستخلف نسلا، هكذا فبعد أن رحل منهزما ترك أمامه وخلفه دمارا شاملا وذرية وبيضا دون أن يفقس. لكن علينا أن ننتبه، فمن خاصية هتلر أنه لم يبيض بيضة واحدة فقط كما أنه لم يضع كل بيضه في عش واحد أو في مكان واحد أو في لحظة زمنية محددة، بل باضه في كل أركان هذا العالم وعلى جميع بقاع هذه الأرض وترك للزمان أن يفعل فعله، قد تجد بيضه مدفونا تحت ثلوج جبال الألب أو تحت أتربة الهضاب والسهول في إيطاليا وإسبانيا أو تحت رمال صحراء نيفادا أو جوار غابة الأمازون. ومن خاصية بيضه أنه لا يتقادم ولا يفسد مع مرور الزمان كما أن ليس له وقتا محدودا ومعينا كي يفقس فيه بل هو يبقى في مكانه في انتظار الظروف الملائمة، هو لا علاقة له بالمناخ الطبيعي أي درجة الحرارة والبرودة بل يخضع وينضج حسب المناخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المحلي والعالمي، حسب درجات الهجرة والبطالة وحضور الأجنبي بأعراقه وألوانه المتنوعة وبثقافاته المختلفة. علينا أن نسأل أيضا، ما الذي يحوّل فكرة ما أو رأيا أو اقتراحا أو حتى حلما أو خيالا أو مجرد وهم لشخص ما:( نبي، حاكم، زعيم، فيلسوف...) إلى عقيدة جاهزة ومغلقة قد تخاض من أجلها حروب وتسال الدماء ويلحق الدمار والخراب بالإنسان والطبيعة والعمران ؟ ليست النازية إيديولوجيا فقط بل هي عقيدة و دين وضعي يدعي امتلاك واحتكار جميع حقائق الكون وأنها أتت من أجل إنقاذ أرفع جنس من أي تلوثات تصيبه من جراء اختلاطه بأجناس هجينة، وإرجاعه إلى عرقه الأصيل الصافي، الخالص والنقي. هي مزيج وخليط هجين من الأفكار تحتوي فتات مما هو شعبوي ،يساري وديني كما تقتات من الليبرالية المتوحشة والقومية والوطنية الشوفينية وكل أشكال العنصرية ومعاداة المرأة،والاستعلاء. منظروها يعزفون على وتر حساس هو التهويل من المشاكل الاجتماعية وعدم الأمن وتخويف المواطنين من الهجرة والأجناس والثقافات المختلفة. علينا أن نسجل أن هناك أشكال من التماهي ومحاكاة هتلر في كل شيء دون أدنى تحفظ أو شيء من التستر أو التمويه وعدم الإفصاح. خلال السنوات الأخيرة،سجل صعود مدوي لموجات من التطرف اليميني العنصري واكتساحه لأوروبا، في الغرب كما في الشرق الأوروبي الأحزاب والمنظمات اليمينية المتطرفة تتقدم بثبات. هذه الحركات السامة أخذت تنموا وتزهر شيئا فشيئا وتتسلق مواقع المسؤوليات في عدة دول: الجبهة الوطنية في فرنسا وفي بلجيكا حزب “فلامزبلانج”اليميني المتشدد. في ألمانيا الحزب الديموقراطي القومي الألماني وأيضا حزب البديل من أجل ألمانيا، في النمسا حزب الحرية و حزب الشعب الدنمركي وحزب ديمقراطيي السويد وفي دول مجاورة كهولندا والمجر وأيضا في ايطاليا حزب الرابطة كذلك إخوان ايطاليا .وفي اسبانيا حزب فوكس والحزب الليبرالي الديمقراطي في روسيا وفي واشنطن الشعبوية الترامبية، في البرازيل تحالف تحت قيادة بولسونارو... رغم اختلاف طبيعة الحركات والأحزاب التي تتبنى إيديولوجيات التطرف مع التفاوت في حدة خطابات العنصرية، هناك خيط رفيع ناظم يجمع فيما بينها حيث العداء للأجانب والكره المبني على الاختلاف العرقي والثقافي مع تحويل الهجرة والمهاجرين إلى كبش فداء ومصدر كل مصائب الغرب. في الأحياء المقصية حيث منسوب الهشاشة مرتفع وفي ملاعب كرة القدم حيث الغوغاء، يظهر جليا العداء للأجانب وكل أشكال الكره والميز العنصري. فالانتماء الطبقي (الشرائح الاجتماعية المتوسطة والفقيرة مثل الموظفين الصغار وأيضا التجار الصغار والحرفيين والعمال) والعيش على الحواشي في مجتمعات الرفاهية والرخاء مع استفحال مشكلة البطالة وهيمنة روح الفردانية كل هذا جعل فئات عريضة قابلة لاستقبال واستهلاك كل أطياف التطرف. مع انهيار السرديات الكبرى التي لم تعد قادرة على الإجابة على إشكالات الوضع الراهن ومخلفات الحداثة والليبرالية المتوحشة، طفت على السطح موجات جديدة من القوميات وانتعشت ثقافة الهويات بشكل شوفيني عنصري، هكذا يتم رفض الاندماج في الاتحاد الأوروبي مع عدم التفاعل مع السياسات الأوروبية خصوصا السياسات النقدية والعملة الموحدة "الأورو" من طرف اليمين الأوربي المتطرف. تعمل الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة على استمالة أصوات المنتمين للشرائح الاجتماعية المتوسطة والفقيرة تحت وهم الدفاع عن الفقراء والحفاظ عن الهوية القومية خالصة مع توفير الأمن، هكذا راحت تربط بين الهجرة كنتيجة لجميع المشاكل التي تسود أوربا حاليا وتعمل على الترويج لشعارات من قبيل: "لا مكان للأجانب أو اللاجئين في ألمانيا". "فرنسا للفرنسيين". "اطردوا الأجانب". هناك إخفاق الحكومات الأوربية بجميع تلاوينها في صد المد اليميني الشعبوي العنصري المتطرف. مع تنامي شعبية الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة واكتساحها لمساحات شاسعة في العالم كله، تنمو الأخطار التي تهدد الأمن والسلم وجميع القيم الإنسانية في العالم بأسره . (1) عبارة منقولة من مقال "النازيون الجدد في أوروبا"بقلم لواء ركن حسام سويلم (2) نفس المرجع. (3) نفس المرجع.
#عمر_بن_أعمارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين تصبح الكراهية آلية للقياس والجهل مستنقع للطهارة
-
كل ما تعلمته من الكتب العربية هو أن العرب(كانوا)
-
هل المستقبل للإسلام الروحاني ؟؟؟
-
الأنا والموت والقبر كنهاية سعيدة (الجزءالرابع)
-
الأنا والموت والقبر كنهاية سعيدة (الجزءالثالث)
-
الأنا والموت والقبر كنهاية سعيدة (الجزء الثاني)
-
الأنا والموت والقبر كنهاية سعيدة (الجزء الأول)
-
في بؤس الفقه الإسلامي-المعاصر-.
-
عنف في الفضاءات العمومية
-
نداء الواحة ورحلة العبور أو السفر حيث تجد نفسك
-
لباس البرلمانية أمينة بين ضيق الدعوي وانتهازية السياسي ورحاب
...
-
فقهاء أم ثقوب سوداء أو العدمية بصيغة دينية.
-
وصفة سلفية أصيلة لحل معضلة حوادث السير عند أمتنا
-
المفكر التنويري محمد أركون تحت مِعْوَل د. بنسالم حميش الصَّد
...
-
المركزية المعكوسة أو احتقار الذات المبدعة
-
إلى متى ستموت الأوطان فينا ؟؟؟
-
انسحبت من الفلسفة مُبَكِّرًا لذلك لم أشرب مما شرب منه سقراط.
-
فوق فڭيڭ، أو الهجرة من صقيع المدينة إلى دفء الوا
...
-
الخطاب الديني مغالطات وأوهام
-
الخطاب الديني الأخلاقي والسلوكات اليومية
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|