|
غرائب اللغات 2
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 6241 - 2019 / 5 / 26 - 02:09
المحور:
الادب والفن
1 الكلمة الكردية buzo تعني " الأبيض الناصع ". وآل " بوظو " في حي الأكراد الدمشقي، عرفوا بهذا اللقب لأن أغلبهم من ذوي البشرة الناصعة البياض والشعر الأشقر. لقد اشتق من الكلمة الكردية، buzo، المصطلح العامي الشامي، " البوظة "، المرادف للمصطلح العربي الفصيح " مثلجات " وللأوروبي " آيس كريم ". أيضاً، يستعمل المصريون كلمة " بوظة " للتعبير عن المشروب الروحي، " العَرَق "؛ لأنه يصبح أبيض كالحليب عندما يتم مزجه بالماء. ثم صارت البوظة، عند المصريين، تعني الخمارة. وهذه الكلمة الأخيرة، مشتقة كما هو واضح من الخمر !
2 كلمة brygg السويدية، تعني القهوة المحضّرة بالجهاز الآلي. وأعتقد أن الكلمة محورة عن " ابريق ". هذه الأخيرة، دخلت إلى اللسان العربي من ضمن الكثير من الكلمات الأعجمية ( الكردية والفارسية ). اللاحقة، ber، يمكن أن تركب في الكلمة الكردية بشكلين؛ كما اقترحناها في كلمة " ابريق " وأيضاً في غيرها: bergil ( البغل )، berxwedan ( الفداء ) وغيرها. كذلك فإن ber تدخل في نهاية التركيب للكلمة، مثل gulber ،dilber ،hember وعلى ذكر كلمة " bergil البغل "، فإنني لاحظت استخدامها في اللهجة المصرية بتعبير يعني: الشخص المعاند ( ما تبركَلش ). والمعروف، أن صفة ( التتنيح ) ملازمة للبغل وأبيه الحمار !
3 سبقَ لي في منشور قديم أن نوهت عن أسماء الأعضاء الجنسية، الغالبة الاستعمال في العالم العربي، بأنها عامية وليست فصحى. حيث بينت أنها تحوير عن أمثالها في مجموعة اللغات الآرية الشرقية. في هذا الشأن، يستوقفنا اسم " المؤخرة "، والذي له مرادفات عديدة بالعربية؛ ردف، كفل، دبر. ولكنها لا تتفق مع الاسم العامي، المتداول في المشرق: " طيز ". في شمالي أفريقيا يستخدمون في العامية لذلك الاسم تعبيراً مختلفاً تماماً: " زُك ". وما يثير الدهشة، أن الكلمة نفسها تعني بالكردية أحد أعضاء الجسم: zuk البطن. في فقه اللغة العربية، أنّ " الدبر "، اشتق من فعل ( أدبرَ )؛ مثلما أن فعل ( أقبلَ ) اشتق منه أحدُ مرادفات اسم الفرْج: " قِبْل ". باللغات الآرية، فإن اسم الدبر ( qun ) له مرادف وهو ( pisht ) أي الظهر. ولكن، هل يمكن إعادة الاسم العامي للمؤخرة ( طيز ) لمصدر ما في المجموعة الآرية؟ نعم، إنما بشكل مجازي. وأولاً، أنا أفترض أن ذلك الاسم محوّرٌ عن الكلمة الفصحى " أست ". فالمعروف، أنه في اللغات ذات الجذر الواحد، كالعربية هنا، تتبادل الحروف مواقعها بالنسبة للمعنى الواحد. ولو طبقنا القاعدة على الاسم العامي، نجد أنه كالتالي: الطاء/ التاء، الياء/ الألف ( حرفان صوتيان )، الزاي/ السين. في حالة هذه الأخيرة، نلاحظ على سبيل المثال أن اللفظ في اللغة السويدية يجعلُ حرفَ الزاي z سيناً s. أعود لمقارنة اسم المؤخرة بالعامية ( طيز ) مع مثيله المحتمل في اللغات الآرية. فلدينا الكلمة الكردية ( tazi ) وتعني: العاري. قد يبدو الاسمان غير منسجمين بالمعنى. وإذاً، أقترح في هذه الحالة أن نرى كيف أن اسم السروال الداخلي بالعامية الشامية هو ( لباس )؛ مع أن الأخير يشمل الملابس كلها بالعربية الفصحى. فلو وضعنا نفس القياس على ( tazi ) الكردية، والتي تعني عري الجسم كله، فإننا نرى أن المقارنة جائزة؛ مجازياً على الأقل. ولنتذكر، أننا نتكلم عن لهجة عامية صيغت على مر القرون والأجيال إلى أن وصلتنا كما هي عليه اليوم. وكمثال أخير، يمكن أن يفيد مقارنتنا، نجد أنه في العامية الشامية يُقال عن الطفل العاري ( طيزه برا ) !
4 الزواج، لدى الكثير من الشعوب، له علاقة بالاعتقادات الوثنية القديمة، الخاصّة بالإخصاب. وكمثال، مصدر كلمة الزواج بالكردية هو mar. بعض الباحثين الكرد، يعتقد أن الكلمة منحولة من العربية ( مهر )، التي تعني: الصداق. وما يثبت خطأ هكذا اعتقاد، هوَ أن معنى زواج بالإنكليزية marriage. علاوة على أنّ ( الصداق ) باللغة الكردية هو qelen؛ وبهذه الحالة، يفترض أن يعني ( الزواج ) لو طبقنا ذلك المعيار. بل إن مرادف الصداق بالعربية، المهر، مستمد بنفسه من ( مهرجان )؛ وهي كلمة آرية قديمة، مركبة أساساً من مهر أو ميترا ( إله الشمس ) وجان أو جَجن ( العيد ). ما يستوقفنا هنا، أن مصدر اسم الزواج بالكردية، mar، يعني أيضاً: الثعبان. وهذا يعود بنا إلى ما أكدناه في مبتدأ القول، بأن الزواج مرتبط بالتصور الوثني لعملية الإخصاب. ولدينا أسطورة من ميزوبوتاميا، انتقلت إلى الإغريق، عن الثعبان المقدس الذي اتصل مع أم الكون فأنجبت منه الكواكب السبعة بما فيها الأرض. ومما له دلالته، أن اسم الزواج باللغة السويدية gift يعني أيضاً: السم giftig !
5 أسماء الزهور والنبات والأشجار باللغة العربية، الكثير منها مستمدٌ من مجموعة اللغات الآرية الشرقية؛ ومنها الكردية. كمثال، السوسن والبنفسج والنارنج والأترج والرمان والجوز.. الخ بينما المفترض أن تأخذ العربية من اللغات السامية، التي كانت متواجدة في بلاد ما بين النهرين والشام، لو أنّ لغة الضاد هيَ حقاً أم هذه المجموعة اللغوية ـ كما يسود لدى قطاع كبير من الباحثين العرب. بل إن هؤلاء الباحثين يمضون إلى حد الزعم، بأن السريان هم من العرب الأنباط طالما أن الأخيرين استعملوا لغة الأولين ! كون تلك الشعوب السامية متطورة، في وقتٍ لم يكن سكان شبه الجزيرة العربية كذلك ولحين الفترة المتأخرة من الفتح الإسلامي، فإن المنطقيّ أيضاً أن تكون المصطلحات العلمية والأدبية موجودة في لغة الضاد منذ القدم. فيما أن ذلك لم يحصل غالباً، حيث أخذ العرب الكثيرَ من تلك المصطلحات من نفس المصدر اللغوي، الذي ذكرناه في مبتدأ المنشور، علاوة على الإغريقية واللاتينية وذلك بفضل المترجمين وكانوا بغالبيتهم من الفرس والكرد والسريان.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصير الحصرم 72
-
واقع، حلم ثم كابوس
-
الصعلوك
-
مدوّنات: إخباريون وقناصل/ القسم الثاني
-
الحطّاب العجوز
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 6
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 5
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 4
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 3
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2
-
تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 1
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 11
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 10
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 9
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 8
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 7
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 6
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 5
-
تاجرُ موغادور: الفصل السابع 4
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|