|
بيت السياب
مهدي القريشي
الحوار المتمدن-العدد: 6227 - 2019 / 5 / 12 - 03:54
المحور:
الادب والفن
بيت السياب مهدي القريشي ————- ——————- كل ألأشياء في هذا الكون المترامي ألأطراف تحمل هويتها الخاصة ، ومن الصعب أن تذوب هوية بهوية اخرى سوى بملامسة الحدود ، قد تتلاقح وتستفيد كل من مميزات الاخرى لان لكل منهنَّ خصوصيتها وطعمها ومريديها ومخالفيها.. ومن هذه ألمكونات المدن ، الاسواق ، الحارات ، والبيوت حتى نصل الى الغرفة والرواق الضيق . ولبيت المثقف والأديب والعالم والمبتكر خصوصيته ، وما يميز هذه البيوتات ليس الجدران وما تزينها من لوحات او كتابات وألوان ، إنما بما تحمل من عبق ورائحة الماضي المكرس جُله للمعرفة بالثقافة والعلم والابتكار وغيرها ، هذا العبق نجده مُدخر في الأشياء والحاجيات والأدوات التي كان يستخدمها المثقف بصورة عامة في حياته إبتداءً من القلم والقرطاس والمخطوطات والإصدارات الادبية او العلمية ومروراً بأدوات الطبخ ونوعية الملابس وليس انتهاءً بخصوصياته الحياتية الأسرية وعلاقاته الاجتماعية . ما قدمناه لا يشكل استعراضاً مجانياً ، إنما تخليداًلهذه الذوات التي قدمت عصارةذهنها وخلاصة افكارها وسولاف جماليات العصر ، قدمتها جاهزة ناضجة للإنسانية لتكون أمام ناظرينا جيلاً فجيلا ولتبقى رمزا خالداً، ومن هؤلاء الذي يستحق الذكر والإشادة والاحترام شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب وعن بيته المنزوي التي تسرح وتمرح به الريح . لم اندهش حين أُعلن في برنامج المربد 33 عن زيارة الى بيت السياب لانها لم تكن زيارتي الاولى فقد زرته ووقفت كثيرا عند نهر بويب الذي خلدة السياب في بعض قصائده لكنني كنت محرجا من بعض أصدقائي العرب ،ضيوف المهرجان ، وما ستؤول اليه مشاهداتهم لبيت السياب وما هي حجم المفاجأة غير المتوقعة التي ستهطل عليهم في نهاية المطاف وكم من الوقت يحتاجون الى لملمة افكارهم ومزاوجتها بين عظمة السياب الشعرية وتواضع وبؤس بيته . للذين لم يشاهدوا بيت السياب سأخبرهم بان بيته عبارة عن ساحة كبيرة مفتوحة نسميها ( الحوش ) تحيط به عدة غرف جدرانه كانت آيلة للسقوط فتم ترميمها فطمست معالمها ومحت اثارها بأستثناء السقف الذي حافظ على تأثيثه بالحصران والأعمدة الخشبية ، والمَعلم الوحيد الباقي كما هو ، ارضية البيت المرصوف بالفرشي . في كل دول العالم المتحضر والتي تحترم مفكريها وعلماءها ومثقفيها تعمل جاهدة بتحويل هكذا أماكن الى متاحف تستهوي ليس الادباء والمثقفين فحسب بل تكون اداة جاذبة لكل عشاق التراث والتاريخ والثقافة والأدب وقد يتحمس البعض لمعرفة الكيفية التي كان تعيش بها هذه الكائنات العملاقة ومعرفة أدوات كتاباتهم ونوعية ملابسهم وحتى أدواتهم المنزلية والاطلاع على مخطوطاتهم ومؤلفاتهم ونتاجهم العلمي والأدبي ومن كتب عنهم ؟ . ولنلقي نظرة سريعة على بعض بيوتات الادباء والمفكرين التي تحولت الى متاحف مفتوحة ابوابها للزائرين . فمتحف تشارلز ديكنز ويقع هذا المتحف في هولبورن وسط لندن منذ عام 1925 ويمكن لعشاق هذا الكاتب التمتع بكل مقتنياته ومنها اللوحات العالمية والطباعات النادرة والمخطوطات الفريدة اضافة الى حاجياته الخاصة . كثيرة هي بيوت المثقفين والأدباء التي تحولت بيوتهم الى متاحف مثل بيت مارك توين ومتحف ادغار الان بو ويعتبر من اهم المتاحف الادبية ويضم مجموعة كبيرة من الطبعات والتذكارات والمتعلقات الشخصية ، كذلك متحف تولستوي . اما متحف جين أوستن فهو عبارة عن كوخ صغير الا انه يضم مجموعة كبيرة من الأعمال المكتوبة بخط يدها وقد قضت فيه 8 سنوات ... شاعرنا بدر شاكر السياب وما أحدثه من ثورة عظيمة على قصيدة العمود التقليدية ليس بالقليل ومكانته الادبية لا تقل شأناًعن مكانة اَي أديب عالمي معروف . وحين تتعاون وزارة الثقافة والسياحة والآثار مع اتحاد الادباء المركز العام واتحاد أدباء البصرة وعائلة ومعارف السياب ، سوف لا يبخلون في تأثيث بيت السياب بما يملكون من مخطوطات ومقتنيات ومن أدوات كان يستخدمها في الكتابة ، حتماً ستكون بذرة طيبة ومثمرة لمتحف المستقبل نباهي به الشعوب والأمم حينها سيعيش زائر المتحف لحظات حميمية مع السياب من خلال مقتنياته . هذا المشروع ليس صعباً او مستحيلا لو تظافرت الجهود والنوايا الطيبة . هل من مجيب ؟0
#مهدي_القريشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصل من مدينة مناضلة
-
سيرة عصفور
-
شجرة عيد الميلاد
-
غيمة شجرة الميلاد
-
رقصة
-
كرنفال طريق الشعب
-
أصدقاء
-
جثة في منفى
-
كامل شياع ... النبيل الكثير
-
سوناتا الريح
-
زجاج مدهون بالدهشة
-
انت َ اللحظة … لستَ انت َ
-
عام 2017 اللئيم
-
الفلق في محنته
-
امثال
-
الجهات كلها / شعر
-
الجنوب /شعر
-
رحلتي الى السليمانية
-
المثقفون التجار
-
شلل نصفي
المزيد.....
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|