|
أضواء وظلال على الكاتبة المقدسية صابرين فرعون وروايتها - أثلام ملغومة بالورد -
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6220 - 2019 / 5 / 4 - 11:36
المحور:
الادب والفن
أضواء وظلال على الكاتبة المقدسية صابرين فرعون وروايتها " أثلام ملغومة بالورد " بقلم : شاكر فريد حسن كان قد صدر للروائية الفلسطينية المقدسية صابرين فرعون في العام 2017 ، عن دار " فضاءات " للنشر والتوزيع ، رواية " أثلام ملغومة بالورد " ، تقع في 112 صفحة من الحجم المتوسط ، وتتناول التحولات في البنية السوسيولوجية للمجتمع الفلسطيني ، ولقيت ترحيبًا وصدى بين الأوساط الثقافية والادبية في الداخل والخارج بسبب مضامينها وطروحاتها الجريئة الشجاعة ومواقفها الفكرية من ظواهر سلبية مقيتة وبغيضة تسود مجتمعنا الفلسطيني . صابرين فرعون كاتبة من مواليد القدس ، عاشت وترعرعت بين أحيائها وأزقتها واسوارها ، تحمل شهادة البكالوريوس في الأدب الانجليزي . اقتحمت عالم الكتابة والإبداع في سن مبكرة ، وأخذت تكتب النصوص النثرية التي لفتت الانظار ، وحققت حضورًا في المشهد الادبي والثقافي الفلسطيني تحت حراب الاحتلال . صدر لها عدد من الأعمال الإبداعية ، النثرية والروائية ، وهي : " ظلال قلب ، نصوص نثرية ، ومرايا المطر ، نصوص نثرية ، قلقة في حقائب السفر، رواية قصيرة ، جريمة نصف زرقاء ، مجموعة قصصية ، وأثلام ملغومة بالورد " رواية . تشكل الكتابة بالنسبة لصابرين فرعون حقيقة الذات ، وانعكاسات لحكايات وتجارب الأخريات من بنات جنسها ، وهي تجمع بين تجربتها الخاصة وتجربة الأخريات ، وتنطق بألسنتهن وأصواتهن . ونصوصها تنتمي لأدب الحقيقة ، تحاكي الواقع بسلبياته وايجابياته ، بنسيج متقن من الخيال المقترن والمتجانس مع حقيقة الواقع ، وتبرع في اختزال سرد الأحداث وإطالة الجمل ، ونستشف في سردها ايحاءات ودلالات عميقة . وفي مجمل أعمالها تعتمد السرد القصصي ، وتحفل كتاباتها بالصور واللغة الشعرية المكثفة المهيمنة ، وتمتاز بالغموض والرمزية العالية ، وتتمتع بأسلوب سردي قصصي شعري خاص له رونق ونكهة مميزة . فهي تكتب رواياتها وقصصها ونصوصها النثرية بلغة الشعر . كتبت صابرين فرعون روايتها " أثلام ملغومة بالورد " على فترات متباعدة ، ودمجت من خلالها السيرة الغيرية كمكملة للسيرة الذاتية ، ومنحت شخصيات الرواية صوتًا عاليًا بالثورة والتمرد على قضايا العنف والجريمة . وفي هذه الرواية تطرح قضايا متعددة ومتنوعة تحوم حول المجتمع الفلسطيني ، الذي مزقه الاحتلال ، وشوه كل ما هو جميل فيه ، وحوّل الكثير من أبنائه إلى اناس انفعاليين ممزقين ، ومضطربين ، نفسيًا وأخلاقيًا . وتعرض في سردها للمعاناة المجتمعية والعائلية والانسانية التي تعيشها الفتاة الفلسطينية ، وتتطرق للقوانين التي تفرضها القبيلة وللتقاليد الاجتماعية القبلية الجاهلية ، التي ما تكون عادة ملفعة بعباءة الدين ، وأخرى بفعل الفكر الذكوري السائد ، والتسلط والتوحش غير الانساني اللامحدود ، المسيطر على المجتمع البطريركي الفلسطيني ، هذا التوحش التسلطي الذي تزرعه الأمهات في نفوس وصدور وعقول الأبناء الصبيان دون أي علاقة بالمستوى الاجتماعي والمادي والتعليمي . كذلك تتعرض لجوانب النفاق والرياء ، والعنف المجتمعي بحق المرأة ، والتحايل على القانون بهدف تزويج البنت وهي قاصر في سن الثالثة عشرة . وقد عبرت عن ذلك بشكل واضح وجلي بقولها : " كم كرهت مجتمعي المنافق ، الذي يطبق عادات وتقاليد زائفة لا جذور لها ، في الديانات السماوية والقانون المدني ، ولا في تطور الحضارات الإنسانية " . وتتخذ صابرين فرعون في روايتها موقفًا سلبيًا من الرجال ، ونلمس ذلك في قولها : " سيسيئ بعضكم فهمي حين أقول : لم يكن للرجل مكان في حياتي ، عايشته وحشًا بشريًا يضرب ويهين ويضرب ويؤذي لفظيًا ويرمي بحمله على المرأة ، فألغيت فكرة أن أضع رأسي في فراش رجل أنفاسه بمواجهة أنفاسي ، يشاركني التفاصيل الحميمة ويفرض سطوته عليّ في ملبسي أو عملي ولا يتيح لي اختيار ما أريده يحدد علاقاتي بأهله وأهلي ويمنعني من القراءة والكتابة والاستقلالية بكينونتي " . رواية " أثلام ملغومة بالورد " رواية واقعية جريئة ، محملة بهموم المجتمع ، تصب فيها غضبها وصرختها وسخريتها ورموزها ضد القاهر والمضطهِد ، تتصف كاتبتها بأسلوبها الخاص ولغتها الشعرية ، المعتمدة على الرمز ، لغة وايحاءً ، ويهيمن السارد على تفاصيل أحداثها وشخصياتها . وهي قصة حقيقية وشخوصها حقيقيون ، ترسم ملامح نساء يشبهن الورد ، وتقدم الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية والعربية المضطهدة من العادات والتقاليد الاجتماعية البالية ، وتصور السجن الاجتماعي الذي تقبع فيه ، وهو أشد ظلمًا وقهرًا واضطهادًا من سجون الاحتلال . وقد نجحت صابرين فرعون في سبر عمق مجتمعنا والتسلل إلى دواخله ، وتسليط الضوء على أوضاعه واحواله وما يعصف فيه من اختلال في المفاهيم السلوكية ، ومن عنف وتسلط توحشي . وإن دلت الرواية على شيء فتدل على ثقافة صابرين وفكرها التحرري ، وثورتها العقلية وتمردها على فكر التحجر والتخلف والجاهلية . فألف تحية لكاتبتنا المقدسية صابرين فرعون التي أثبتت وجودها وحضورها في الفضاء الثقافي والابداعي الفلسطيني ، ونرجو لها المزيد من العطاء الهادف الجميل والتألق والسطوع أكثر .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لأجل بناء جيل عربي جديد !!
-
أغنية لأول أيار
-
الفلسطينية زهرة الكوسى شاعرة الحزن والألم
-
إلى عاشق تراب الجليل الشاعر المرحوم جمال قعوار
-
نيسان
-
الروائي الفلسطيني يحيى يخلف يحصد جائزة ملتقى القاهرة للإبداع
...
-
عن انتخابات بير زيت مرة أخرى !!
-
ومضة 2
-
اضاءة على كاتبة الأطفال آمال دلّة كرينّي
-
في ليل الانتظار
-
ماذا بعد الانتخابات ..؟!
-
- الخازوق - عمل مسرحي جديد من تأليف واخراج محمد عبد الرؤوف ،
...
-
نسرينيات بعبق الروح والجمال
-
انتخابات جامعة بير زيت وتراجع حركة - حماس -
-
بكاء على وطن
-
ومضات الشاعر الفلسطيني صادق صبيحات
-
بطاقة إلى السجين الفلسطيني
-
- قصيد المراثي - اصدار شعري جديد للشاعر أمين زيد الكيلاني
-
بطاقة صفراء
-
همسات ربيعية
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|