أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم عبد القيوم عباس - أبَاطِيلُ الْإِسْلَامِيِّينَ تَسْقُطُ فِي إختبار التَّغْيِيرَ















المزيد.....

أبَاطِيلُ الْإِسْلَامِيِّينَ تَسْقُطُ فِي إختبار التَّغْيِيرَ


اكرم عبد القيوم عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6218 - 2019 / 5 / 2 - 20:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اللافت للنظر وجدير بالملاحظة في كل الحراك الثوري الذي يشهده السودان الأنْ وبدأ منْذ شهور ، هو السرعة الفائقة للأختبارات القوة . والذي ظهر منذ البداية في شعار الثورة (تسقط بس) ، والذي جاء مختلفاً لغوياً من شعار الثورات العربية ، حيث أنْهُ يشير بقوة إلى حتمية التغيير و عدم المساومة أو إيجاد أي حلول رمادية . كما أنْهُ ينفي وجود السلطة منْ أساسها ، فقد كانْ شعار الثورات العربية من خلال إستخدامهُ لكلمةَ (يريد اسقاط) ، يوحي بطلب رد الفعل من سلطة ما ، في حين أنْ شعار ثوار السودان يلغي كل السلطات ويجعلها تحت إرادتهُ فقط من أجل تحقيق هدف الإسقاط النهائي ، و ليس للنظام فقط بل لكل السلطات المادية والاجتماعية والثقافية ، والتي عَرفها مَيشيل فُوكو بأنها ( علاقات القوى المتعددة التي تكون محايثة للمجال الذي تعمل فيه تلك القوى ) .
ما حدث في خلال هذه الأيام ، ولعل أبرزها حادثتي قاعة قرطبة ، وثورة الجماهير على المدعو محمد مصطفي عبدالقادر ، توضح سرعة أختبار القوة الذي وقعت فيه التيارات الإسلامية ، وكانْ نتيجتها سقوط مدوي أغلق الباب ونهائياً أمام أي محاولة هذه التيارات في إعادة التموضع منْ جديد في الحياة العامة السودانية ، أو حتى في المشهد السياسي الراهن و مساره المستقبلي.
أنْ هذه التيارات باطيافها المختلفة والتي تتخذ من الإسلام السياسي عباءة تتدثر بها ، وتخفي بها عورة مصالحها الإنتهازية ، دأبتً علي إستخدام فزاعة الدين كمخرج ظرفي منْ أزمتها في ممارسة العمل السياسي على نحو رشيد ، و أعتمدت بشكل دائم على خطابها السلفي والمُنكر لحقائق الحاضر ومستجداته . وبناءً على وقائع التاريخ السياسي السوداني و أصل الممارسة السياسية في سودان مابعد الإستقلال ، نجحت هذه التيارات من خلال هذا المنهج في تحقيق بعض المكاسب السياسية . و للتذكير فقط هنا ، لمنْ تَكُنْ حادثة معهد المعلمين العالي في منتصف الستينات منْ القرن الماضي ، و التي حل علي إثرها الحزب الشيوعي السوداني وصُدرتَ دُورهُ ، وُطرد نوابهُ منْ البرلمان ، غير تأكيد على منهج تلك القوى الظلامية .
وحتي في المعاصر من تاريخنا السياسي والذي كنا عليه شهود ، سيرتً الجبهة الإسلامية القومية قبل أنقلابها في يونيو 1989م ، مواكب يومية ليلة صادفت شهر رمضان في ذلك الوقت ، للتصدي لألغاء قوانين سبتمبر 1983م ، التي جاء ألغاءها من ضمن شروط مبادرة السلام السودانية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحزب الأتحادي بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني . و قد نالت مبادرة السلام تلك ، تأييداً حزبياً وشعبياً واسعاً في ذلك الوقت ، وربما كان تنفيذها يؤدي لسلام مبكر ونهاية للحرب الأهلية الطويلة في جنوب السودان، حسب توقعات كثير من الأطراف المحلية . الأ ان الجبهة الإسلامية و أشياعها رفضوا تلك المبادرة ، وجاء منْ بعد ذلك الإنقلاب 1989م ، ليقطع الطريق نهائياً أمام هذه المبادرة ، وكانت تكفلة الباهظة التي دفعتها البلاد أستمرار الحرب مرة أخرى ، ولستة عشر عاماً متتالية ، خلفت مزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات، حتى أنتهت أحدى فصولها عيشة اتفاقية السلام السودانية في العام 2005م ، و أدت لإنفصال جنوب السودان.
في الحادثتين وغيرهما أعتبار ، من ناحية النظر للمنهج المُلتف والمراوغ للتيارات الإسلامية. حيث أن قضية سبَ اليبت النبوي الشريف في حادثة معهد المعلمين العالي ، أو الدفاع عن قوانين سبتمبر سئية الذكر ، لم يكن سواء (قميص عثمان) ، كلمتي باطل أريد بهما باطل . والباطل هو أستخدام سلطة الدين في الكسب السياسي وأقصاء الخصوم . أن الحركات الإسلامية وعلى رأسها تنظيم الأخوان المسلمين السوداني بمسمياتهَ المختلفة بدايةً منْ الاخوان المسلمين وجبهة الميثاق الإسلامي ، أنتهاءً بنسخة (المؤتمر الوطني ) ، مارس القمع السياسي قبل أنْ يكون حاكماً أو بيده السلطة السياسية ، و استفلح في ممارسة القمع عند وُصولهِ للسلطة السياسية وخلال ثلاثين عاما من حكمهِ . و القمع في تفسير فوكو كما ذكرهُ في دراستهَ للسلطة والمعرفة ( القمع ليس مجرد منع ، بل هو أقصاء ، و إسكات ، و إعدام ما يجب قمعهُ بمجرد ظهوره . أنْهُ يعمل وفق آلية ثلاثية من التحريم والتغييب والصمت ، حتى أنه بإزاء الموضوع الذي يضربهُ القمع ، لا شئ يمكن قولهُ أو رؤيتهُ أو معرفتهُ ). هذا التعريف ينطبق تماماً على خطاب التيارات الإسلامية وممارستها السياسية غير الرشيدة .
ورغم هذه الخبرة المتراكمة عند التيارات الإسلامية في إستخدام الخطاب الديني القمعي والمعوج ، فقد تهاوت وبشكل سريع في أول أختبار لها مع قوى التغيير الحالية في السودان ، وفشل ما خططت لهُ تماماً في استخدام عبارات الماضي الممجوجة عنْ (علمانية الدولة ، الإلحاد ، انهيار قيم الشريعة ) ، من أجل الحصول على مكاسب سياسية تمُكنها منْ إحتواء الحراك الثوري الحالي . وقد تلقت درساً بليغاً وقاسياً في نفس الوقت ، وتكشف لها أن بضاعتها القديمة بارت بوراً محيقاً ، وليس لديها ما تبيعهُ في معرض السياسة . قد وضح تماماً أنْ محمد مصطفي عبدالقادر أو عبدالحي يوسف لم يكونوا يحلموا حتي في اتعس غفواتهم و أسوائها بما حدث لهم ، ولا أعتقد أن ذهول تلك اللحظات يُمكنْ أنْ يفارقهم طلية ماتبقي لهم في الحياة .
النتيجة الحالية في أختبار القوة ، صفر كبير للتيارات الإسلامية وخطابها ، وعدم قدرتها مرة أخرى لإستخدام منهجها الملتبس في التأثير على مجرى الأحداث السياسية ، أو أحزار أي مواقع متقدمة في صنع المتغيرات على الفضاء العام. ما حدث يؤكد أن الصراع مع هذه القوى أضحى الأن أكثر وضوحاً ، وأنْ اعتمادها على العبارات الغامضة والمشحونة بالعاطفة مثل ( الإسلام هو الحل ) أو ( العودة لدولة الخلافة ) ، لنْ يساعدها مجدداً في احتلال أي حيز ممكن في فضاءات السياسة ، أو يمكنها من بناء فعل سياسي متقدم . و أعتقد أنها النهائية الحتمية لحركات وتيارات تَبنتَ مهنجاً ظلامياً ، أعتمد على أفكار متطرفة أنتجها عبر التاريخ أمثال أبو الأعلى المودودي ، محمد بن عبدالوهاب ، وسيد قطب . وبالرجوع للنشاة الحديثة لتلك التيارات نجد أنها أعتمدت لنفسها تعريفاً ملتبساً وعامضاً ، فقد عرف حسن البنا حركة الأخوان المسلمين بأنها ( دعوة سلفية، وطريقة سُنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية) . إذا تأملنا هذا التعريف بشموله المُخل والمُلتبس ندرك تماماً أنْ المقدمات الخاطئة تؤدي لنتائج خاطئة ، وهذا هو ما حدث على وجه الدقة .



#اكرم_عبد_القيوم_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لِكَيْ لَا نَنْسَى : الثَّوْرَاتُ مُحَصَّنَةَ ضِدِّ السَّرِق ...
- بناء الخيار الوطني في ظل المأزق الحالي (عطفاً على ذكرى 19يول ...
- السَّلِفِيَّةُ وَتَرْسِيخُ الْعُقُلِ السردي


المزيد.....




- -بحب أغيظهم-.. محمد رمضان يعلن عن جديده بعد جدل إطلالته في - ...
- لقطة تثير تفاعلا واسعا خلال استقبال أمير قطر لأحمد الشرع في ...
- الكويت.. فيديو يُظهر مرافقة مقاتلات من سلاح الجو لطائرة السي ...
- ضربة إسرائيلية تستهدف غرفة مسبقة الصنع في جنوب لبنان
- الجيش الأمريكي قد يخفّض أعداد قواته في سوريا إلى النصف
- من الأفيال إلى النمل.. تحول خطير في عمليات -قرصنة الحياة الب ...
- ترامب يرسل روبيو وويتكوف في مهمة إلى باريس
- -البنتاغون- تعلق على تقارير حول تقليص قواتها في سوريا
- مسؤولة إغاثية تحذر من كارثة ستحل بأطفال أفغانستان بعد قطع ال ...
- المشروبات الكحولية الأكثر خطورة على الصحة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم عبد القيوم عباس - أبَاطِيلُ الْإِسْلَامِيِّينَ تَسْقُطُ فِي إختبار التَّغْيِيرَ