|
اخفاق الماركسيون من تحقيق السعادة ونجاح الرأسماليين من إنقاذ راسماليتهم بالديمقراطية ..
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6218 - 2019 / 5 / 2 - 09:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالتجربة الصينية أتيح للمراقب الكشف عن نواقص الرأسمالية والماركسية ولأن الصينيين احذوا من الطرفين أفضلهما وسعوا إلى اخراج الناس من الفقر المدقع إلى مشارف الطبقة الوسطى وبالتالي جمعت النخبة الاقتصادية والسياسية بين جوهر الشيوعية وديناميكية الرأسمالية بهدف إنهاء حالة البؤس التى تحكمت بالأغلبية الساحقة بالفعل تعهدت النخبة الجديدة بالوصول بالشعب إلى مصاف السعادة ولأن السعادة عند ماركس جاءت شرط شارط بإجتثاث الراسمالية انطلاقاً من مقولته الشهيرة ( الأغنياء يزدادوا غناءً والفقراء قفراً ) ولفترة طويلة من الزمن كانت مقولته صحيحة وتنطبق على نظام الرأسمالي الاقتصادي لكن مع الحركة الثورية التى خاضتها شعوب النظم الرأسمالية تغير الحال بعد اضافة الديمقراطية السياسية الذي جعل من كتاب الرأسمال لكارل ماركس أشبه بالمجمد والثابت عند مرحلة تعاقبت مراحل جديدة عليه ، تغيرت طبيعة الإنسان لكن هو لم يناسبها أو لم يشهد تغيرات ، بل النظام الرأسمالي وبفضل الديمقراطية التى دفعت الشعوب دماء باهظة من أجل تحقيقها أحدثت تغير جوهري الذي جعل المعادلة هكذا ( الأغنياء يزدادون ثراءً والحلقة تتوسع والفقر يتناقص والشعور بالرضى بازدياد ) وهنا تفضي التجربة الصينية التى جازفت باقتصادها مستبشرة بالتغير والنجاح بأن مجلد الماركسي لم يكن متماسك بالشكل الكافي أو أن الفكرة لم تحمل خصوصية المطلق ، فقد كتب قبل 170 عام دون الألتفات للمتغيرات الطبيعية للإنسان الاجتماعية والعلوم والسياسة والاقتصاد ولأن ايضاً كان ماركس قد اختصر التاريخ على طبقية الاقتصاد دون أن يشير إلى الدوافع التى تُحرك الجنس البشري ، وهذه مسألة خاضعة إلى مفهوم معنى الطبقي ، قد تكون تشكيلها بدأ قبل الفرز بين هابيل وقابيل بل هناك طبقات داخل كل فرد تحتاج إلى عقلانية لترتيبها والتى بالأصل هي مسألة غائبة عن الأغلبية بل التجربة البشرية تشير بأن الإنسان بطبيعته يميل إلى سلوك الفوضى أكثر من المنظم .
قد يكون ماركس بالغ في نواياه الهادفة للوصول إلى السعادة أو قد تم تفسير سعادة ماركس بطريقة مختلفة عن مقاصده الحقيقية ، لأن معظم المراقبين خلطوا بين الهرمية والمجتمع الطبقي عندما فندوا طبقية الاقتصاد في التاريخ بل حتى الآن وبالرغم من مزاعم الشيوعيين بماركسيتهم ، المجلد لم يقرأ جيداً ، لكن يبقى السؤال لماذا تطورت الرأسمالية بإضافتها للديمقراطية وبها حافظت الديكتاتورية البرجوازية على قواه في المجتمعات الغربية بينما أخفقت الماركسية من التطور والمحافظة على وجودها ، بل كان انتقال السلطة من البرجوازية التقليدية إلى الطبقة العمالية والتى يسميها ماركس بالفئة الطيبة امام اخرى شريرة أمر كارثي وتجربة غنية بالأحداث ، بل بإختصار تحولوا الطيبون بعد صعودهم إلى السلطة إلى اشرار وتفوقوا على الأشرار التقليدين بشرورهم ، على سبيل المثال ، كالفقير الذي اغتنى فجأة واول ما صنعه قام بنقل سكنه إلى منطقة الأغنياء ، لهذا تأتي التجربة الصينية لكي تقول بأن لا يوجد في الحياة شيء اسمه سعادة اجتماعية شاملة بل ما يمكن تحقيقه على الصعيد الأفقي هو حياة كريمة وأن السعادة تبقى مسألة فردية تقع على عاتق الفرد وليس الدولة ، أي أن تحقيقها ممكن في دولة تتوافر فيها الإمكانيات ، وجل تحقيقها ، أن يسعى الفرد إلى المعرفة اولاً من أجل معرفة نفسه التى توفر المعرفة بناء رؤية تؤدي إلى الوصول إلى حدود السعادة ، إذاً السعادة مرتبطة بالمعرفة وطالما الأغلبية تكره المعرفة وتتمسك بالتعليم إذا تحقيقها بشكل جماعي مستحيل .
هذا السجال صائب بالطبع لا يصح أن تغيب عنه حقيقة بأن هناك مخاضات كُبرى شهدتها هذه الدّول ، مخاض التأسيس أو التحرير أو تطبيق نظريات حداثوية ، استطاع حزب الاشتراكي الصيني أن يدير بجدارة الراسمالية وفي ذات الوقت وفر حماية للطبقة العاملة من خلال إعادة تنظيم الفلاحة ودعم الصناعة الاساسية مع القضاء على الإقطاعية ، وبالتالي ضرب الصينيون تجربة جديدة تناقض تلك التى ترسخت في الذهنية لدى المراقبين حول علاقة الزواج الأبدي بين الراسمالية والديمقراطية ، لكنها تبقى تجربة متصلة بشخص واحد وليست بمؤسسة تماماً كما هو الحال في تركيا أو حال السعودية أو مصر في عهد عبدالناصر فهذا النوع من النهوض مأخوذ من الستالينية التى اعتمدت نظام انهاء شكل الفقر من خلال توفير للناس الخدمات الأولية والطعام وبناء دولة قوية انطلاقاً من مفهوم بأن الناس يهتمون أكثر كونهم غير بائسين من رغبتهم بالسعادة ، لكن غياب الحرية جعلها دول ناقلة للعلم وتفتقد للإبداع بل كان دائماً مصيرها مع أول أزمة حقيقية الإنهيار في متاهات الفساد ، وهنا نجد على سبيل المثال نموذج حداثوي اخر ، الدول الاسكندنافية رغم الخدمات العالية التى تُقدمها وارتفاع دخل الفرد فيها والحرية إلا أن مواطنين تلك الدول أقل سعادة من دول جنوب شرق اسيا المعدومة ، وبالتالي السعادة المفقودة في تلك الدول تطرح تساؤل عميق ، هل للسعادة لها أن تكون في علبة معبئة جاهزة أما تحتاج إلى جهد مبذول من الساعي إليها ، وبهذا الخصوص كان قد ترك الأمريكي كارل ساندبرغ مقولة شهيرة ، ( سر السعادة هو أن تعجب بالاشياء دون أن ترغب في امتلاكها ) .
ايضاً في موقع أخر من العالم تطرق دالاي لاما ، رجل بوذي وحائز على جائرة نوبل طرح مقولة أخرى هي اشكالية ( لن تشعر بالسعادة إذا بقيت تبحث عن مقوماتها ) وفسر ذلك بأن السعادة على أنها فكرة إشكالية كما أن هناك درس في علم النفس أخبرنا بأن البشر مبدعون في تدمير طرق الساعية نحو السعادة ، لكن السؤال الكبير الذي يتوسل الإجابة ، هل هناك علاقة بين الثروة والسعادة أم أن المال يحمل سعادة آنية أو أن هناك فرق بين الشعور بلذة السعادة والسعادة المستمرة أو أن المال يعالج فقط مسألة التعاسة طالما الانسان داخلياً يحمل في تكويناته قوى منفلتة وغير مستسلمة ابداً والسعادة إحدى هذه القوى التى لا تقبل أمر نظري يأمُر بضغطة زر ، إسعدي حاملك فتسعده .
من هنا فإن مضمون المحصلة ، لقد أنقذت الديمقراطية الرأسمالية بل استطاعت الحريّة تأهيل الولايات المحتدة الامريكية لقيادة العالم الحديث ولأن الديمقراطية والحرية تتيح المجال للإبداع أن يبدع ، تفوقت الرأسمالية على الماركسية ولأن الديمقراطية تزاوجت مع الرأسمالية ، استمرت الرأسمالية والماركسية تلاشت بل لم تستطيع في ذروة انتشارها الفكري إنشاء منظمومة مالية على مستوى العالم ولأن الرأسمالية اختُزلت ديمقراطيتها داخل نظامها السياسي والاجتماعي واستثنت منها الاستراتجيات الخارجية الذي أوقعها في مراوحة قد تعيدها إلى الإقطاعية مرة اخرى ، هناك بوادر دامغة تشير عن إمكانية حصول طلاق بين الديمقراطية والرأسمالية لصالح الديكتاتورية الرأسمالية كطبقة بالأصل متناقضة مع الطبقة الأخرى . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحركة الصهيونية من عمليات الاقتلاع إلى عمليات الإنقراض ...
-
رسالتي القصيرة الي الرئيس الفلسطيني ابو مازن....
-
ذكرى رحيل آبو محمود الصباح / من حلم التحرير إلى كابوس الفشل
...
-
عبثية الإصلاح ..
-
بين المُعلم عليهم والمهانيين يقف عبد اللميع متفرج ..
-
درساً سودانياً بالحرية ...
-
نياشين الصبا وأحجار الكِبر
-
الوثيقة المخبأةُ بين الرفات ...
-
استعصاء مفهوم الانبطاح ...
-
انزلاقات متشابهة بين الاستبداديين والشبه ديمقراطيين ..
-
سكموني المقاومجي
-
إعادة الطبقة الوسطى مؤشر للدولة العدالة ...
-
أسباب فشل حراك غزة وحماس بلا عمق دولي أو إقليمي ..
-
بولا والعشاء الأخير
-
التغير في الجزائر في ظل النتف وإعادة الرسم ...
-
الطائفية تطرح نفسها كبديل للأوطان ...
-
بين منظومة الثايد الأمريكية و400 اس الروسية يقف الشرقي في حي
...
-
إخفاقات الجزائريون في الماضي تمنح الطرفين دروس للانتقال السل
...
-
الجزائريون يبحثون عن من يخرجهم من البدايات ليلحقهم بالعصور .
...
-
إصرار على الترشح هو أمر استفزازي ومهين ليس إلا ...
المزيد.....
-
العراق يعلن مقتل -أبو خديجة- والي داعش ويعتبره -أحد أخطر الإ
...
-
فؤاد حسين: التهديدات الآنية للمجتمع السوري والعراقي مشتركة و
...
-
البحرية الملكية البريطانية تضبط مخدرات في بحر العرب
-
غوتيريش: خفض واشنطن وعواصم أوروبية المساعدات الإنسانية جريمة
...
-
مستوطنون إسرائيليون يخربون ممتلكات سكان قرية فلسطينية في الض
...
-
نتنياهو يعلن قبوله خطة المبعوث ويتكوف ويتهم -حماس- برفضها
-
الشرطة الألمانية تحقق في احتراق أربع سيارات تسلا في برلين (ص
...
-
ترامب: الخبيث جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
-
إعلام: -الناتو- يخطط لزيادة قدراته العسكرية بنسبة 30%
-
تجارب الطفولة المؤلمة قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة
المزيد.....
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|