أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصعلوك














المزيد.....


الصعلوك


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 20:06
المحور: الادب والفن
    


تحت وقع نظرات الأمير، المتوعدة الصارمة، استعاد بلمحةٍ وقائع مغامرته العجيبة.
لم يكن مألوفاً تحركه من الخرابة صباحاً، طالما أنه يقضي الشطر الأكبر من الليل في التسامر مع أمثاله من المتشردين. كان شاباً، ملاحه دقيقة، إلا أن الفاقة تعاونت مع الكيف على تشويه سحنته وجعلها تلوح كما لو تخص رجلاً عجوزاً.
فكرة طارئة، ألهمته ليلة أمس على الانفراد بنفسه وتجاذب أطراف الحديث مع داخله: " الوليّ، هوَ الشخص الوحيد غير المسئول عن أقواله وتصرفاته "، تمتم متنهداً وقد برقت عيناه في الظلمة. بلى، إنها تجربة جديدة كل الجدة على خطورتها. " ولكنني لن أخسر شيئاً، على أي حال، لو أن رأسي فصل بسيف الجلاد "، قالها فيما كان ينقل بصره في أنحاء البقعة البائسة. نهض إذاً من فوق حشية التبن، فتناول جرعة ماء من الجرة، وما لبث أن غادر المكان باتجاه السوق: " اليوم جمعة، والأمير سيخرج من قصره لتفقد حركة البيع والشراء. فلأتوكل على من يحيي ويميت النفوسَ ثم يبعثها ".
كان الأمير محاطاً بحراسه الأشداء، وقد وصل لتوه إلى السوق المزدحم بالناس، حينَ وقف بطريقه رجلٌ ذي هيئة رثة. بقيَ المتشردُ جامداً للحظات، مثبتاً عينيه بعينيّ مولاه، قبل أن يفتح فمه: " لا تكمل الطريقَ، ما لو أردت العودة حياً إلى قصرك ". لقد قالها بصوت هامس، بالكاد وصل لسمع الأمير. هذا الأخير، طفق يتطلع بالرجل وقد تسمّر بدَوره في مكانه. كان يتذكر المرات القليلة، التي أضطر فيها لقطع جولته في السوق والإياب لقصره. إحداها، حينَ مرت قطة سوداء من بين رجليه وكان يهم بالمرور تحت قنطرة مدخل السوق. آنذاك ما كان منه، متطيّراً، إلا الرجوع على أدراجه بعدما أمر كبيرَ الحرس بضرورة التخلص من جميع القطط السوداء، الهائمة في دروب المدينة.
" لنعد إلى القصر، حالاً "، اتجه الأميرُ بالكلام إلى رئيس حرسه. وإنه هذا المرافقُ، الرفيع الشأن، مَن أسقط على الأثر كيساً صغيراً بيد الرجل الغريب. غبَّ غياب الموكب السامي، راحَ المغامرُ يقدح ذهنه فيما يتوجب عليه فعله: " لا ريب أنها دراهم ذهبية، وعلى ذلك فمن الحماقة أن أرجع بها إلى الخرابة ". هكذا مشى إلى أحد المحلات، وما عتمَ أن خرجَ منه وقد كسا هيئته بملابس جديدة ومعتبرة. توجه بعدئذٍ إلى خان قريب، ليستأجر حجرة مناسبة. ثمة، عدّ القطع الذهبية وإذا هيَ من الوفرة أنها تكفيه للعيش الرغد خلال عام كامل.
كون الأيام الرغدة تمضي سريعاً، فإنّ الرجل قدّرَ ذات صباح أن الوقتَ قد أزف كي يُعيد مغامرته. انتظر لوقت حلول يوم الجمعة المبارك، ثم غادر الخان إلى ناحية السوق، كاسياً هيئته بالملابس الخلِقة والتي احتفظ بها للأجل المناسب. وهوَ ذا موكب الأمير، يبدو لعينيّ الرجل عن بُعد. مثلما فعل في المرة الأولى، اعترض سيرَ مولاه كي يفوه بنفس الكلمات المنذرة. الأمير، انتبه لتورد سحنة الرجل بالصحة والعافية فضلاً عن لحيته المشذبة والمعطرة. بقيَ صامتاً لوهلة، قبل أن يبوح بهذه الكلمات: " سأواصل طريقي، أيها الصعلوك، وحينَ أعود إلى قصري لن يكون رأسك بين كتفيك ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدوّنات: إخباريون وقناصل/ القسم الثاني
- الحطّاب العجوز
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 7
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 6
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 5
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 4
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 3
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 2
- تاجرُ موغادور: كلمة الختام من المحقق 1
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 11
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 10
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 3
- تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السابع


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصعلوك