أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الهُوية إشكالية المفهوم وسياقات المعنى














المزيد.....


الهُوية إشكالية المفهوم وسياقات المعنى


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 03:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الهُوية إشكالية المفهوم وسياقات المعنى
الهوية مفهوم شديد التعقيد والتركيب, إذ ما زال مُحاطا بظلالٍ كثيفٍ وسوءِ فهمٍ شديد وذلك بسبب الطبيعة الشائكة للظاهرة التي يحاول وصفها, فضلا عن الخلط في الاستعمالات المختلفة للكلمة التي أخذ الناس يطلقونها على أشياء كثيرة بما تنطوي عليه من عناصر وأنساق وأبعاد متشابكة ومتعددة الصيغ والمستويات والدلالات. وقد عبر كثير من الدارسين عن ذلك بطرائق وصيغ عديدة, فهذا جان فرانسو بيار يرى في كتابه (أوهام الهوية) "أنه ليس هناك من دواعي قلق معاصر إلا وتثيره قضية أوهام الهوية" ويذهب أمين معلوف في كتابه (الهويات القاتلة) إلى"أن التصدي لمفهوم الهوية يتطلب كفاءة عالية،وجسارة فائقة، وحذر شديد، لما ينطوي عليه من طبيعة زائفة وخادعة, إذ إنه يشبه الأصدقاء المزيفين الذين يبدون، في ظاهر الأمر، أكثر شفافية وبساطة, بينما هم في الواقع أكثر مكر وخيانة " وهذا ما سماه الفرنسي كلود دوبار،"أزمة الهويات إذ بات مصطلح "هوية" نموذجا للكلمة المنحوتة التي يعكس عليها كل منا معتقداته ومزاجاته ومواقفه". بينما يذهب دنيس كوش إلى القول: " إذا كانت الهوية عسيرة على الوصف والتعريف فذلك بسبب خاصيتها الدينامية المتعددة الإبعاد ومرونتها المفرطة بما يجعلها قابلة للتبدل وإعادة الصياغة بل وللتلاعب". وهذا ما حدي ببعض الكتاب إلى استعمال اصطلاح (استراتيجيات الهوية ). بدلا من اصطلاح (الهوية )بصيغتها المجردة. ولعل الإشكال الذي يتصل بمفهوم الهوية لا يكمن في الأسماء والمسميات و التعريفات والصفات ذاتها وبذاتها, بل فيما تعنيه للفاعلين الاجتماعيين في السياقات الاجتماعية والثقافية المشخصة (البسيطة والمركبة, الميكر والماكروسوسيولوجيا ) وربما كان جون جوزيف يشير إلى هذا حينما كتب " أن مصطلح الهوية لا يحظى أبدا بقبول عام في البحث الراهن ... فهذه ايفاينتش 1998 تذهب إلى أنه على الرغم من أن الهوية هي " الكلمة العادية التي ترمز إلى معنى ماهية الناس فإن مشكلتها أنها لا تحمل معها تضمينات بشكل أوتوماتيكي لبناء وتقييد اجتماعيين" ومن أجل مقاربة معاني الهوية وفهمها حاول بعض الفلاسفة التمييز بين الكائنات وتصنيفها في مبدئيين: مبدأ الهوية ومبدأ الوجود ، فمن مبدأ الهوية نتعرف على ماهية الكائن وهويته الجوهرية (النوع والجنس والصفات) هذا معدن وذاك حجر هذا كلب وذاك جمل ..الخ ومن هنا يمكن تصنيف جميع الكائنات غير العاقلة بعدها كائنات ماهوية وجدت بماهية وهوية مكتملة قلما تتغير مع الزمن، في حين أن مبدأ الوجود يقتصر على وجود الكائن الإنساني ، إذ إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي ولد ناقصا، أي غير منجز الهوية,إذ إن وجوده يسبق ماهيته، فهو وجود لذاته ومن أجل ذاته وليس وجودا في ذاته وفي متناول اليد مثله مثل وجود الأشياء. وهذا هو مبعث حضور مشكلة الهوية الطاغي في عالم الإنسان, إذ توجد الحرية والعقل واللغة والحاجات والمصالح والرغبات والأحلام والأوهام والتنافس والصراع... إلخ.
ويميز الفيلسوف الفرنسي بول ريكور بين معنيين للهوية: ف"الهوية بمعنى الشيء عينه (idem) والهوية المطابقة (Sameness) بالإنجليزية بمعنى الهوية المتطابقة بإحكام، أو المتماثلة إلى حدِّ التطابق التام أو التشابه المطلق مع الذات في جميع الأزمنة وجميع الأحوال"( ). وربما كان الفيلسوف اليوناني بارمندس هو أول من وضع هذه الصيغة بعبارته الشهيرة (( الوجود موجود والعدم غير موجود )) ثم جاء أرسطو فصاغها منطقيا في قوانين الهوية الثلاثة( ). وهذا هو التصور الذي شاع في الفلسفة العربية الإسلامية المتأثرة بأرسطو. ويذهب الجرجاني في "التعريفات" إلى أن الهوية هي "الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق" و(البذرة تحمل في جوفها شكل الشجرة وطعم الفاكهة) حسب هيجل. أما عالم الاجتماع البريطاني انتوني جدنز فيذهب إلى أن الهوية Identity هي" السمات المميزة لطابع الفرد أو الجماعة المتصلة بماهيتهم وبالمعاني ذات الدلالة العميقة لوجودهم". ويذهب مايك كرانج إلى القول: إنه "يمكن تحديد الهوية من نقيض ما نحن عليه بقدر ما يمكننا تحديدها من طريق من نحن ... وكثيرا ما تتدخل الجغرافيا هنا لأن الجماعات في صيغة ( نحن _ هم ) هي في أحوال كثيرة محددة إقليميا" ولعل هذا التعريف يستند إلى الفكرة الفلسفية التي مفادها (أن كل تعريف تحديد وكل تحديد سلب). ويرى روجيس دوبرية أن "هوية الجماعة هي إيديولوجيتها " وحيثما تختلج (( نحن )) فستكون (( إيديولوجيا )) وحينما يتعذر قول (( نحن )) لا تكون (( إيديولوجية )) ... لأن ولادة إيديولوجية معناه ولادة جماعة "( ). وتلك الصيغة هي التي وجدت رواجها في فكر ما بعد الحداثة الذي ينفي وجود هوية ذات مستقلة قبل وجود محمولها، فلا تتأسس هوية الذات إلا في علاقتها بالآخر وهكذا تتحدد المفاهيم بوساطة ما لا تكونه, بل إن الفيلسوف الأمريكي ريتشارد رورتي وصفها ب "النقلة الحاسمة في إعادة تفسير العلاقة بين الذات والموضوع ... لا يوجد أساس أوجوهر أومحل وراء الصفات أو المحمولات ... بل توجد }الهويات{ فقط كما يجري تمثيلها في شكل مادي ملموس"
نخلص مما تقدم إلى أن الهوية الجمعية هي بنية ثقافية تاريخية تمنح المنتميين إليها إحساسا بالتماهي مع ذاتهم الجمعية ( نحن ) التي تميزهم عن الجماعات الأخرى, فضلا عن كونها إيديولوجيا كلية تحدد نظرتهم إلى ذاتهم وإلى الآخرين وإلى التاريخ والحياة والعالم



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا أفلاطون .. الفلسفة والأطفال.. استئناف الدهشة!
- منظمات المجتمع المدني ودورها في بناء السلام باليمن
- حينما يكون الجسد اكثر ادهاشا من الروح


المزيد.....




- قاربت سرعتها 140 كيلو مترا في الساعة.. شاهد ما سببته رياح عا ...
- فيديو يثير الغضب يظهر مؤثرة أمريكية تنتزع صغير حيوان -الومبت ...
- رئيس الوزراء العراقي يعلن مقتل -والي العراق وسوريا- الإرهابي ...
- هل يمكن لبولندا وألمانيا امتلاك أسلحة نووية؟- التايمز
- حماس: سنفرج عن رهينة وأربع جثامين ومستعدون لاستئناف المفاوضا ...
- روته: -الناتو- لن يشارك في ضمان وقف إطلاق النار في أوكرانيا ...
- -زلينيسكي بين ضلعين غير متساويين-
- ترامب: تحدثت مع بوتين يوم أمس وطلبت منه الرأفة بقوات كييف ال ...
- فرانس24 في السودان: سلسلة ريبورتاجات ترصد تداعيات الحرب الأه ...
- جدل بشأن وثيقة التفاهم الموقعة بين السويداء ودمشق


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الهُوية إشكالية المفهوم وسياقات المعنى