ومضة الحياة

يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 01:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يُخطئ البشر إذا اعتقدوا ان الكون خُلق من أجلهم، وأن الحياة سُخِّرت لخدمتهم، فوجودهم لا يمثل سوى ومضة خافتة سريعة في هذا الوجود المترامي.
نشوء المجرات والنجوم والكواكب وحركتها وانفجارها وتقزّمها وفناؤها على نطاق الكون الواسع لا شأن له بمصير الإنسان ورغبته ووجوده، فإن كان خلقه محض صدفة فإن فناؤه سيكون كذلك، أو ربما حسب المبدأ الإنساني السائد الذي يروق لغالبية البشر فإن هذا البناء الهائل للكون كلّه بما احتوى من جماد ونبات وحيوان لم يوجد إلاّ من أجل الإنسان؛ خليفة الله في الأرض. إذاً نحن لم نوجد إلاّ كفعلٍ للخالق الذي يقصد بإرادته هذه أن يوجِد كائنات مثلنا تراقب أحداث الكون وتكون لها بصمتها الواضحة في الوجود من خلال الاستكشافات العلمية ووضع القوانين وتطبيقاتها على مفاصل الحياة. لكن على الرغم من نرجسية الإنسان وحبه لذاته هل بإمكانه وهو في موطنه الصغير كوكب الأرض مهما كان رقي ذكائه وقدراته أن يعيش دون منغصات ويتمكن من منع الكوارث الطبيعية المدمرة كالزلازل، والفيضانات، وسقوط النيازك، وربما ارتطام الكويكبات التي من المحتمل أن تقترب من الأرض في لحظة ما وتُفني الحياة على سطحه، فمنذ عشرات ومئات السنين الشواهد كثيرة على المآسي التي خلفتها التسونامي والزلازل والبراكين والفيضانات والكوارث الأخرى التي أبادت الكثير من البشر دون أن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً. ماذا يحصل إذاً لو هطلت الأمطار لأيام وأسابيع وأشهر بدون انقطاع هل قوة الإنسان وحدها وإمكاناته قادرة على إيقاف ذلك؟ وكل ما تسجله الأرصاد الجوية من تغيرات في الطقس وتوقعات ليس سوى مراقبة فقط وإحصاءات ومقارنات تتغير على مدار الساعة ولن يمنع حدوثها قوة الإنسان، فمهما حلَّ بالحياة من ضرر فلن تبالي السحب ولا السماء بذلك. الفصول الأربعة التي يتغنى بها الشعراء لن يمنع أحد من اندماجها بشتاء طويل واحد بارد ممطر. ما ألفناه وتعلمناه لا يعدو أن يكون سوى علوم ومعارف متراكمة مكررة، وقد تفاجئنا الأقدار بمتغيرات غير محسوبة خارج نطاق المألوف، فليس كل شيء في منظور الإنسان وتحت محتوى تجربته.

#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات