أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - راعية الأغنام (قصة قصيرة)














المزيد.....

راعية الأغنام (قصة قصيرة)


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 6205 - 2019 / 4 / 19 - 22:30
المحور: الادب والفن
    


فى مصر العليا تقع قرية "نهريس" الوادعة غرب النيل فى وادى أخضر سندسى يتميز بالتربة السمراء التى تنعكس على وجوه أهلها الطيبين؛ و تحفها من الغرب صحراء ذات كثبان رملية تبدوا من بعيد كأنها سلاسل جبال تزحف فى عدم أستقرار نحو الجنوب أو الشمال حسبما تقرر الرياح فى المواسم المختلفة. و أحياناَ تحمل الرياح الغربية سحابات من التراب و الرمال لتضرب الشرق حيث تقبع قرية نهريس وادعة ساكنة.

و النيل "حابى" من الشرق يبثها العشق و الوله فى كبرياء و تواضع ، و فى أنفة و إستحياء ، و فى جرأة و خجل ... و هو يتجه نحو الشمال "مصر السفلى" كأنه لا يعبأ و لا يهتم بقرية "نهريس" التى ترقد على خده كشامة على خد الجميلة فى الخمار الأخصر.

و "رع" العظيم ... عندما يعود من حربه مع الأفعى "أبوفيس" أو (أبيب، أبيبي، آبيب) فى العالم السفلى يفرش على "نهريس" أشعته الدافئة و ترتمى هى فى أحضانه فى حالة من الوجد فيذوب العاشق فى المعشوق ، و تحل الروح فى الجنين ... و تدب الحركة فى أوصال جميع الكائنات التى كانت ساكنة فى هجوع الليل.

لم تكن "نفر" الوحيدة من فتيات قرية "نهريس" و بنات جنسها التى تمتهن رعى الأغنام ؛ تلك المهنة التى كانت تشترط بتولية و عدم زواج الفتاة التى تقوم بها. تخرج مع أغنامها و كلبيها الى الحقول فى الصباح الباكر مستقبلة لوجه "رع" ... و مع نزول رع الى عالم الدوات السفلى تعود مع أغنامها الى بيتها البسيط المبنى من القرميد الأحمر...

و الكلبان يتبادلان السير ... أحدهما بجور "نفر" خلف الأغنام ... و الآخر بجوار الأغنام من الأمام على الجانب الأيسر.

"نفر" ذات قد مياس ... فارعة الطول ... واضحة ومحددة الملامح ... دعجة العينين ... سوداء الرموش ... طويلة الأهداب ... و الشفتان الممتلئتان تنفرجان أحياناَ لتكشفان عن أسنان ناصعة البياض كأنها من الحجر الجيرى الذى كان يغطى الأهرامات ... عندما كانت تبتسم لغنماتها أو كلبيها تشعر أن الكون قد أحاطها بقوس قزح يحوى كل الأطياف و الالوان ... و تتحول "نفر" و أغنامها و القوس القزح الى لوحة فنان سبر كُنه الحياة و سبر جمال الطبيعة.

و كان الفتى اليافع "حور" ينتظر باكراً ، قبل بزوغ "رع" وإمتداد أشعته على كل بيوت القرية ، لكى يلقى نظرة الأمل و الشوق والتطلع على "نفر" و على "أغنامها" و على كلبيها ... ينتظر "رع" و هو يجيئ فيملئ عينيه بجمال هيبته و يستمتع بشحنة الحياة التى يعبئ بها رع جسده و روحه هو يستنشق نسيم الصباح مع الغبار الذى تثيره الأغنام كأنه أريج البخور يصعد الى "رع" محملاً بعبق الورود والزهور.

لاحظ الفتى "حور" أن خطوات "نفر" بدأت تثقل ... و ترفع عصاة الرعية ببطء و تألم ... و خفت دعج عيناها ... و طفحت الصفرة على وجنتيها و أمتدت الى بياض عينيها ... و تمددت منطقة البطن الى الأمام ... و إنطفأ بريق عينيها ...

و كان مساء ... و كان صباح ... قبل أن يظهر "رع" من خلف الجبال الشرقية ... رأى "حور" والد "نفر" يمططى حماره خلف قطيع الأغنام التى كانت تسير فى موكب جنائزى ... و الكلبان يسيران شاردين خلف القطيع ... و لم يعد يرى "نفر" أبداً ... سمع الهمس من بعض أهالى القرية أن "نفر" وُجِدت حاملاً ... فما كان من أبيها إلا أن يدفن عاره.

رمسيس حنا
الجمعة 19 أبريل 2019-04-19



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهسيس
- الوحيد
- رسالة الى ال-عادل- - ال-رَؤوف-
- بارانويا
- هدية عيد ميلاد
- عيد ميلاد
- رع و ايآر و تشرين
- إهداء (شِعر الى إمرأة فى المنفى)
- لمن تدق الأجراس؟ (شِعر)
- حالة لغو
- أيلول
- هيولية (شِعر)
- علمونا
- الغزالة و الصياد(شِعر)
- أحلام يقظة (شِعر)
- عتاب وعقاب
- إرهاصات
- الساحرة (شِعر)
- فجور (شِعر)
- عندما توقف الزمن (شِعر)


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - راعية الأغنام (قصة قصيرة)