أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - العودة














المزيد.....


العودة


مزهر بن مدلول

الحوار المتمدن-العدد: 1535 - 2006 / 4 / 29 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


دائماً .. منذُ أن كنتُ ..
الرمادُ ، يلتهبُ تحت قدميَّ .
فما أن تنتهي معركة ، حتى تستعرُ أُخرى .
ليسَ في الجبل ِ ، من جبهةٍ صامة .
يومها اكلتُ من العشبِ ، حتى تقرَّحتْ اشداقيَ.
ثلوجُ قنديل ، لا فصولَ لها ..
قممٌ تحتضنُ الافق ..َ
الحربُ هناك ، اكثر رعبا من حرب المدافع.
غيومٌ ملونةٌ ، تطاردها رياحٌ قاسيةُ البردِ ، يجتذبها دفئ الوادي ، فتلتفُّ على اجسادنا.
شلالاتُ المياهِ ، تندفعُ بقوةٍ من الاعلى ، فلم تتركُ لنا حجر ، او جذع شجرة بلوط يابسة ، تمتدُّ في عرض النهر ، نستخدمها في العبور من جرفٍ الى اخر.
نحن نمشي على حافة الهاوية ..
الجرحُ مازالَ طرياً ، في احواض بشت ئاشان ..
خجلُ الشهيد ابو صابرين ، الذي فارقنا للتوِ ، منقوشةٌ ظلالهِ في ذاكرتي ..
هناك ، بقايا احلامٌ مبعثرةٌ ..
لااظنُّ بأنَّ احداً مرَّ من هنا ..
كنّا عشرة من الانصار ، يقودنا مام خضر روسي .
مهمتنا ، الكشفُ عن اماكن جديدة للعمل .. امنة ٌ تكون ، وقابلةٌ للاستمرار .
ياإلهي .. بعيداً ، مثلما أهلي ..
كم كان جسدي النحيل متعبا ..
صراخ ابو خالد { امر الفوج } ، مازالَ صداهُ ، يرنُّ في اذني .. ( رفاق ..لا تطأطأوا رؤوسكم امام الرصاص ، عيب ، بعدين ايضحكون علينا ) ، و ذلك يشدُّ ساعدي .
نهارٌ كامل ، مشيٌ متواصل ، امطارٌغزيرةٌ لاتتوقف، و
مصحوبة في اغلب الاوقات بكراةٍ ثلجيةٍ { الحالوب } في جبالٍ باردةٍ ، بدتْ ، كأنَّ الحياةَ تيبست هنا ، فلاسهول ، ولا مسالك واضحةً ، انما مجردُ ، قمم شاهقة نتسلقها ، ووديان عميقة نتدحرج اليها .
قد نجد ، لنا صخرة ، نستريح تحتها ، لكنّ هذه الاستراحة لا تدوم ، كنّا اثنائها نرتجف من شدةِ البردِ ، ولا يوجد فيها حطباً ، يُمكُنُنا من ايقاد النار ، لكي نجففُ ملابسنا ونتدفأ حولها . الجبالُ الممتدةُ على مسافات طويلة ، كانت جرداء وموحشة ، خالية من كل شئ ، ولم ارى لها شبيها في مناطق كردستان الاخرى .
ورغم الجوع والبرد ، ورغم الاجهاد الذي أعيا كواهلنا ، كنّا مصرين على الحركة ، من اجل تحقيق مهمتنا ، فليس لنا على غير ذلك ايّ سبيل .
وصلنا الى مقر روست ، وهو مقر قديم ، لسرية الشهيد خضر كاكيل ، كان في تلك الايام ، لايصلح من الناحية العسكرية ، فالمخاطر تحيط ُ به من كل جانب . بتنا ليلتنا هناك ، وتحركنا في اليوم التالي ، بعد ان رافقنا عدد اخر من الانصار ، وكانت حركتنا صوب منطقة ليلكان ،التي سبق لي وان مررت بها .
كم كنتُ في تلك اللحظةِ ، بحاجةٍ الى وجبةٍ دسمةٍ وحارة ، وكنت امازح الرفيق المرحوم ابو تانيا ، الذي تمنى في وقتها قائلا .. لو كنتُ الانَ في المدينة ، لطلبتُ من الكباب نفرين ورأس بصل .
كانَ ذلكَ الرفيقُ محقاً ، حينَ احتلَّ زاوية َ الغرفةِ ، وكانَ عريفُ الحفل في اعيادِ رأس السنة ، يسألُ الرفاق واحداً بعد اخر ، عن امنياتهم بالعام الجديد ، وكانت التمنيات كبيرة وعامة ، وتتلخص جميعها في التخلص من الديكتاتور .. لكن ذلك الرفيق قلبَ الموازينَ ، حين سألوه..
ماذا تتمنى يارفيق في السنة الجديدة ؟
أجاب ...
واللة يارفيق ، مااكذب عليك ، أتمنى { بيضتين بالدهن } .
عندها ضجت القاعة بالضحك ، وتبدلت الامنيات ، وصغر حجمها .
ليلكان ، قرية ٌ صغيرة ٌ، تقع على سفح جبل ، لااسمَ لهُ ، او إنّنا لم نسميهِ ، كما تعودنا ان نطلق اسماءً عربيةً ،على القممِ والتلالِ والاماكنِ ، وينابيعِ الماءِ ، التي لا نعرفُ ، او نسمعُ باسمائها الحقيقية . تمتدُّ امامَ تلك القريةِ ، سهولٌ واسعة ٌ، وترتبطُ بقرى اخرى مترامية ، وهي في كل الاحوال ، بعيدة عن الحدود الايرانية والتركية ، نحن نعتبرها واقعة في العمق العراقي ، لذلك كنّا نبحثُ عن مصادر تموين عراقية ، فكانت هي الاسهل والاقرب .
اتخذنا من سفح الجبل ، مكانا مؤقتا لتجمعنا ، في الجهة الاخرى المقابلة للجهة ، التي تقع فيها قرية ليلكان . هنا بدأنا السعي من اجل تحديد الاماكن ، التي تصلح ان تكون ثابتة . فقمنا بالاستطلاعات اللازمة ، وحددنا مصادر التموين الممكنة .
وإن كانت جميعها لاتسد حاجة الانصار ، وخاصة بعد ان التحق بنا عدد كبير من الهورمان ، ولا ادري اية حكمة وراء ذلك ، كما وصل بعض الرفاق الجدد ، الذين قدموا من الخارج عبر الحدود السورية ، وكذلك بدأت المفارز ، التي انسحبت من بشت ئاشان الى ايران ، بالالتحاق بنا ، فباتَ المكان مكتضا بجموع الانصار ، وسادت بعض الفوضى هناك .
ونتيجة ، لما تركته معارك بشت ئاشان ، من اثرٍ ، في نفوسنا وفي نفسي ، قررتّ أن ابحثُ في طلامسِ الجبل . فبدأت اتعلم اللغة الكردية ، وكنت اربط اليشماغ ، على الطريقة البرزانية ، حتى ان احدَ القرويين في [ ادلبي ] مرة ً ، ردَّ علي ، غير مصدقا ، حين اخبرتهُ ، بانّي عربي ، وقال { بخواه تو برزانيَ } . ثم دخلت في عالم المغامرات ، عالم الادلاء ، في اكثر الاماكن خطورة ، حيث الاعداء يكثرون ، ومن الوان مختلفة واحيانا متحاربة ، من والى باهدينان ، ومن والى برزان وريزان ، وهنا كان الموت يلامسني في احيانا كثيرة . لكني ساحكي ، عن تلك ، في مراتٍ قادمة .



#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد
- سيدي الحاكم .. إسأل المتهم
- كل الحب الى الحزب الشيوعي العراقي
- قُبَّرةٌ
- تعالي معي ...!
- لكنه سيأتي
- اللوحة السومرية..... الى الشهيدة الشيوعية المنى ليزا - انسام


المزيد.....




- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - العودة