أنشودة الحياة ـ 1 ـ ( نص مفتوح )
( ص 28 ـ 30 )
سقطَ غرابٌ من قمّةِ الجبلِ
لَمْ يكنْ معتاداً على القممِ
عندما نهضَتْ مٍنْ نومِهَا
رأَتْ أفواجَ الجرادِ
تلتهمُ مؤونةَ الشتاءِ
مِنْ أينَ جاءَ كلّ هذا الجراد؟
قحطٌ مخيفٌ
يغلّفُ أعماقَ الوديان
عابراً السهول الفسيحة
المتاخمة لمرافئِ الأنهارِ!
هذيانٌ لا يخطرُ على بال
رؤى حالكة
داسَتْ فِي جوفِ عَتْمِ الليلِ
حضارةٌ حُبلى بالهلوسات
هلوساتُ آخر زمن
رحلةُ الإنسانِ
على كفِّ عفريت
نسى الأطفالُ
عبقَ الياسمينِ
حضارةٌ تعتاشُ
على أنقاضِ الأساطيرِ
حضارةٌ مملوءةٌ بالوطاويطِ!
ذكورةٌ طائشة
بعيدةٌ عن لجّةِ الإبحارِ
في دنيا الفرح
سطوةٌ قامعةٌ
ساطعةٌ بالوباءِ
جموحٌ نحوَ ساحاتِ الوغى
نحوَ حقولِ الألغامِ
نحوَ هدرِ الدماءِ
دمارٌ معشعشٌ
في مخيخِ الذكورة
أخلاقٌ
منـزلقة نحوَ الهاوية
عالمٌ مزنّرٌ بالشوكِ
خفتَتِ المعاييرُ
أمامَ نكهةِ الشامبانيا
تغيّرَتْ مذاقات الحياة
ذكورةٌ مسربلةٌ بالضياعِ
قامعةٌ حميميّات البشر
ضحالةٌ ما بعدَهَا ضحالة
علاقاتٌ نافرةٌ بينَ شُعَيْعَاتِ الحضارةِ
هَلْ مازالَ يَلوحُ في الأفقِ
نفحات بقايا الحضارة؟
خفوتٌ مفزعٌ في ألقِ الحضارة!
عاطفةٌ من لونِ الصقيعِ
هَرَبَ الوئامُ بعيداً
مختبئاً بينَ مخالبِ هذا الزمان
جمودٌ من لونِ الزمهريرِ
يغلّفُ تعاريجَ الجسدِ
فشلٌ في برجِ القيادةِ
فرّت فلاسفةُ هذه الأيام
من ضجرِ الإشتعالِ
متواريةً من تفاقمِ قحطِ الحياةِ
هلْ لاذَ المبدعونَ الفرار
أم أخذهَم النعاس
تحتَ ظلالِ الصحارى؟
لستُ أدري بلْ أدري وأدري!
...... .... ..... .... .... يُتبَع
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خطي مع الكاتب.
ستوكهولم: كانون الثاني 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]