|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (89)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6190 - 2019 / 4 / 3 - 22:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اما الشهرستاني فعند الحديث عن مجموعة (الخياطية والكعبية ) اللتان كانتا مجموعتان معتزليتان في القرنين الثاني والثالث نشيطتين و تعود بدايتهما الى ( ابي الحسن بن ابي عمرو الخياط)، هو ذلك الشخص الذي رد على ابن راوندي الملحد بكتاب ( الانتصار و الرد على ابن الراوندي). انه كان احد اولاءك المعتزلة الذين دافعوا عن تلك العقيدة التي تقول و بشدة ان العدم هو شيء ( 13). في الوقت و على العكس من المعتزلة عند الاشعري و اهل الحديث بشكل عام، ان الشيء معروف دائما على انه الشيء الذي يوجد في الواقع. و حتى ان مركز تعريف الشيء و انعدام الشيء كمصطلحين كلاميين عند هذه المجموعة كان مرتبطا بالوجود و العدم في عالم المخلوقات، يقول ابن الفركي الاشعري من هذا الجانب؛ ان الشيء هو الوجود، و العدم هو اللاشيء ( 14). في الجانب الفلسفي الاسلامي ان هذه المشكلة النظرية تبدا منذ الكندي و التي لها علاقة مع مسالة الخلق الالهي، لان هذه العقيدة اليونانية التي تقول ان الوجود كان موجودا دائما، و على الاقل من الحانب الظاهري مخالف لعقيدة الابداع و الخلق، و بالشكل الذي جاء في القرآن، في هذا الاطار, ان الكندي هو اول فيلسوف اسلامي حاول ان يصيغ هذه النظرية لارسطو و الذي يمكن ان يتلائم مع المعطيات الاسلامية الخاص بنظرية الخلق من العدم، و عليه ان تلك الانتقادات التي وجهها لتوجه ارسطو ذلك و من المفهوم الزمن رفض هذه النظرية اليونانية، واعتقد بان الزمن له بداية ونهاية، كان هناك زمن لعدم وجود الزمن، وهو ذلك الزمن الذي لم تكن الاشياء عدا الله، اي زمن العدم و عدم وجود الاشياء، اي الزمان انهال فاصل الذي يقع بين الله و مخلوقاته، جاءت المخلوقات بعد الله، لذا القديم الوحيد الموجود هو الله و الباقي حديث و مصنوع. و بمجيء الفارابي ظهرت تاثيرات نظرية ارسطو حول الوجود و العدم بشكل اخر، انه و بعكس الكندي اعتقد ان المخلوقات كانت موجودة دائما، في الوقت الذي لم يكونوا عدما الا عندما لم يكونوا كما هو الله بذاته، ان وجود الاختلافات في وجودهم مع وجود الله ليس في الزمان، و في تقدم الله و تاخر المخلوقات من حيث الزمن، و انما في درجة وسمو الله امام المخلوقات، و بهذا المعنى ان الوجود كان موجودا دائما، و لكن لم تكن لديهم قيمة و سمو الله، لانهم مخلوقات لما بعد الله الذي فهو الخالق، هذا هو انعكاس النظرية الفيضية الافلاطونية حول الوجود، باختصار؛ ان الوجود و المخلوقات و التي يمكن ان تصبح ممكن الوجود تصنف؛ على انه وجوده في وجود الله و الذي يعرّفه بواجب الوجود. النظرية الفيضية هي تلك النظرية التي تعتقد ان الوجود هو نتيجة وجود الله و ليس نتيجة الارادة الالهية. كما ان الضوء نتيجة لوجود الشمس و لكن وجود الضوء ليس نتيجة قرار، و لكن انه افراز طبيعي و حتمي لوجود الشمس. وفق هذه النظرية التي لها علاقة بعقيدة التوحيد الصوفية و الدنيوية الصوفية بقوة، وهذا عمل نجده في كتاب دين الحب. ان ما نقصده هنا هو الاشارة فقط الى احد من المشاكل الجدية للفسفة اليونانية في الفضاء الاسلامي، وهي ذلك الجزء الذي له علاقة بالقديم و الحديث و كيفية انعكاس و محاولة الفلاسفة المسلمين للعثور على المنفذ هناك، و بالشكل ذاته ابن سيناء الذي كان متاثرا بالفارابي، و حتى في بعض الاحيان يعتبر محللا و مفسرا فلسفيا له (15)، انه يعتقد بقدم المخلوقات و وجد لها مكانا في اطار فلسفته. عنده ان الله يقع قبل مخلوقاته، و لكن ليس له تقدم زمني و انما تقدم بذاته هو، كما هو تقدم عدد واحد من عدد اثنين، او تقدم السبب عن العلة، او كما هو تقدم شخص عن ظله، في الوقت انهما لهما الزمان و العمر ذاته. بمجيئ الغزالي و بالاخص كتاب تهافت الفلاسفة، انه يربط مسالة الخلق و جمع التلائم و التناسب و المحاولات لبيان الجانب الديني و الشرعي لمسالة القديم الذي يصطدم بجدار فتوى التكفير، و يربط مسالة الخلق بارادة الله، و بهذا الشكل ان العدم هو عدم مطلق و ليس هناك وجود عدا انه نتيجة الارادة المباشرة لله لايجاد الوجود المادي و المحسوس و المرئي من العدم, اما الارادة فلها علاقة بشكل قوي بالزمان، ربط الاحداث بزمن محدد. (16). اي عندما كان موجودا لم يكن هناك شيء، في المقابل عندما وجد كل شيء، انه مرتبط بارادة الله فقط و الذي فصل بين مرحلتين، مرحلة العدم المطلق و مرحلة الوجود كما هو الان فقط. على الرغم من ان ابن رشد و في اطار محاولاته لبيان انسجام اللفسفة و الشريعة و ازاء تلك التهم التي وجهت من قبل الغزالي بشدة على الاقل الى الفلسفة الاسلامية و اليونانية، وبشكل خاص للكتابين ( فصل المقال) و( تهافت التهافت), و يحدد ذلك من عدة جوانب على وجه التشابه بين القديم و الحديث، و حتى انه في كتابه الاول و في قسم مستقل بعنوان ( تصنيف المخلوقات و راي الفلاسفة منه و اختلاف المتكلمة من جانب القديم والحديث) يعتقد ان الخلاف بين الفيلسوف و اهل الكلام ( و مايقصده بشكل خاص الاشعرية) و بقدر ما له علاقة بالتسمية، فليس له علاقة بالمعنى، لان و كما يوضحه ابن رشد عند المجموعتين سواء اولاءك الذين يقولون ان العالم قديم و لكن خلقه الله او اولاءك الذين يقولون ان العالم ليس بقديم، والنقطة المشتركة بين الاثنين هو؛انهم يعتقدون بالله الخالق، لذا الوجود ليس بقديم في الحقيقة و لا حديث في الحقيقة ايضا، ان نظرنا اليه من زاوية الله، انه حديث اما ان نظرنا اليه من منظور الوجود بذاته و على انه لا يُفنى ، فانه قديم.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 88)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (87)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 86)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (85 )
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (84)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (83)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 82)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 81)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 78)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 77)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (76)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (75)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (74)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (73)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (72)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 71)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (70)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (69)
المزيد.....
-
جوائز غرامي الـ67.. قائمة بأبرز الفائزين
-
الشرع يغادر المملكة العربية السعودية.. ماذا دار في حديثه مع
...
-
تصعيد عسكري في جنين ومجموع القتلى بغزة يصل 61 ألفا ونتنياهو
...
-
مهرجان -بامبلونادا ريمنسي- يحاكي سباق الثيران الإسباني في لي
...
-
إجلاء أطفال مرضى من غزة بعد إعادة فتح معبر رفح
-
مذيعة سورية تجهش بالبكاء وتناشد الشرع المساعدة في الكشف عن م
...
-
القوات الروسية تواصل تقدمها وتكبّد قوات كييف خسائر فادحة
-
قادة الاتحاد الأوروبي يجتمعون مع ستارمر وروته لبحث تحديات ال
...
-
بيسكوف: الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي
...
-
السعودية.. تنفيذ حكم القتل تعزيرا في مواطن بتهمة -تهريب المخ
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|