|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (83)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6189 - 2019 / 4 / 2 - 00:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثالثا: ان فوضى الفلسفة اليونانية في الحضارة الاسلامية هو عبارة عن ان عصر الترجمة و معرفة المسلمين للادبيات الفكرية اليونانية هو ذاته عصر ظهور و كتابة العلوم الاسلامية ايضا. و في ذلك العصر ايضا ظهرت المدارس الفقهية السنية و ابرزهم الحنفية الملكية و الشافينة والحنبلية، و في العصر ذاته كُتب علم اصول الفقه في كتاب شافعي ( الرسالة). و في ذلك العصر ايضا ابتدات عملية كتابة و جمع و تصنيف الاحاديث و تفسير القرآن و كتابة التاريخ و الكتب التاريخية و اللغوية و المدارس و التيارات الكلامية و اكثرية العلوم الاخرى ، وفي هذا العصر ذاته اي العصر الاول ظهور الادبيات الصوفية و الكتب الرئيسية الفكرية العرفانية الاسلامية، و اولهم جابر بن حيان و الحكيم ترمذي و الخرازي و المحاسبي و الجنيدي البغداد( و بعض من الباحثين ذكرونه بالجنيد الهمداني)، كان كل من هؤلاء وعن طريق ترجماتهم متاثريان بالفكر الاجنبي و الجديد، باختصار، لم يكن عصر الخلافة العباسية عصرا لترجمة الفلسفة اليونانية فقط و انما انه كان حقيقة العصر الذهبي لفكر و الحضارة الاسلامية، عصر التدوين، كما يذكره الجابري،ة مثلا بامر الخليفة المنصور ذاته ترجم اول نتاج فلسفي و طبي اجنبي الى اللغة العربية و بامره ايضا كُتب اول كتاب تاريخي اسلامي و هو كتاب ابن اسحاق بعنوان ( سيرة رسول الله) (33). و لهذا السبب، اختلط بعض من الادبيات اليونانية بالعلوم الاخرى و ظهرت من هناك مرة اخرى،و هذا ما جعل هذا الفكر اليوناني ان يفقد خصوصيته العقلانية، مثلا المنطق اليوناني و خاصة منطق القياس و المعروف في الثقافة الاسلامية بالمنطق الصوري، و الذي انضم الى اصول الفقه و اصبح مفهوما دينيا و اسلاميا مجردا. و من خلال هذا الكتاب و وفق الحاجة، سنعود الى كل العراقيل و المسائل بشكل مطول الى التفاصيل لتلك العوامل لتشويه الفلسفة اليونانية في الفكر الاسلامي، و بدون شك ان هذا لا يعني ان الفلسفة اليونانية لم يكن لها تاثير في الحضارة الاسلامية و ان المسلمين هم مترجمين سيئين و كسولين للفكر الفلسفي اليوناني، و انما بعكس ذلك انه في الكثير من الاوقات فان المسلمين في مجال الفكر الفلسفي عدا ماكان لهم الدور في الحفاظ على جزء من تلك الادبيات من المحو عن طريق الترجمة، و في الوقت نفسه كان تفسير ارائهم و تحليلاتهم مصدرا اكثر اهمية لدى الغربين للعديد من العصور، من اجل تفهم و تحليل الفكر اليوناني بذاته. و الاكثر اهمية من ذلك كان لهذه الفلسفة دور كبير في تقدم الحضارة الاسبلامية و التنشيط العقلي للمسلمين، و في النتيجة الانفتاح على الاخر المختلف و المخالف للعقيدة الاسلامية. و من هذا الطريق تمكن المسلمون من ان يكون لهم دور مهم في تقدم العلوم و الفلسفة و تقديم شكل عقلاني ديني، في الوقت ذاته كان لتلك الفلسفة دور كبير في تنمية الشكل الروحاني الاسلامي, و المعروف بالتصوف الاسلامي، وكمثاللذلك، ان لم ننظر الى ذلك من الزاوية الفلسفية و تحليل الكتابات اليونانية و انما ننظر اليه من منظور تلك النتاجات الخاصة بكتابة و جمع السيرة و مقولات المشاهير اليونانيين في الثقافة و الحضارة الاسلامية و الذي سميناه بالفوضى او التشويه،رانه و بشكل سريع و واضح نرى الكثير من القصص و العقائد و مقولات فلاسفة اليونان و التي ليست بسيرة ذاتية من الجانب التاريخي فقط و انما القسم الكبير من تلك المقولات ليست لهؤلاء الفلاسفة و انما صنعت و نسبت اليهم في العصور السابقة، مثلا حنين ابن اسحاق في اواسط القرن الثالث الهجري و هو صاحب اقدم كتاب في هذا المجال الذي يعود الى القرن الثالث، اي كتاب (اداب الفلاسفة ) و في اساسه كان عنوانه ( نوادر الفلاسفة) و اختصر من قبل شخص اسمه ( محمد بن علي الانصاري) في القرن السادس، و برزت الايات الانجيلية كمقولات للفلاسفة اليونانيين، و وفق البحوث الاكاديمية ان السبب الرئيسي لامرار هذا الخطا على الفيلسوف و المسيحي الكبير في ذلك العصر، و الذي صبح مصدرا رئيسيا لتلك المقولات و هي عبارة عن ادبيات يونانية عن طريق المسيحيين اليزنطينيين (34), و بالشكل ذاته فان كتاب ( صون الحكمة) للسجستاني في القرن الرابع و الخامس ايضا، كل من مؤلفات : ( الكلم الروحانية في الحكم اليونانية: الاستاذ ابي فرج بن هندو، توفي 420 ه) و (الحكمة الخالدة) او ( جاويدان خرد) ابو علي احمد بن محمد مسكويه، توفي 421 ه) او ( مختار الحكم و محاسن الكلم : ابي وفاء مبشر بن فاتك، توفي 445 ه) الى ( اخبار العلماء باخابر الحكماء) للقفطي و الذي توفي في القرن السابع الهجري. و من بين ذلك مقولات و سيرة حياة جميع الفلاسفة اليونانيين عند الشهرستاني في( الملل و النحل) و ابن حزم في ( الفصل في الملل و النحل) و ابن نديم في كتاب (الفهرست) و الكثير الاخرين، و توجد هذه التشويهات في الفلسفة الاسلامية و التي يحس بها القاريء بسهولة. و تعود بداية 1ذه التشويهات و الفوضى في الشرق الى خارج المجتمع الاسلامي و العربي، ولكن و بعد ان بدا العبور و ترجمة تلك الادبيات الى الحضارة الاسلامية ، وصلت تلك الفوضى الى مرحلة اصبحت معقدة و خليطة، وبشكل عند قراءة تلك الادبيات توجد تلك الاختلافات بين النظرة الدنيوية و الكفرية للفلاسفة اليونانينن مع الحضارة الاسلامية، لذا عُرّف سقراط و افلاطون و ارسطو و فيثاغورث و بقية الفلاسفة اليونانيين الاخرين كالمتدينيين و الزهداء و الاولياء على ان كل محاولاتهم كانت من اجل تشجيع للفضيلة و ان يبتعدوا عن السلوك و الافعال الشريرة ليصلوا الى مستوى يرضى عنهم الله و يصلون به الى الجنة و يبتعدوا من عذاب الجحيم. و حتى احد تلك العقائد التي ظهرت مع ظهور الترجمة لادبيات الفلسفة اليونانية في المجتمع الاسلامي وهو ان الفلاسفة كانوا الانبياء التي ارسلهم الله قبل شريعة المسيحية و الاسلام، كما يرويه جابر بن حيان في القرن الثاني الهجري (35). ان توصف الفلاسفة اليونانيين كالانبياء و فضلاء الدين، هو الراي السائد لدى مؤيدي خلط الفلسفة اليونانية بالشريعة الاسلامية، ولكن بدون شك انه لم يكن رايا صحيحا من الجانب التاريخي و ليس رايا وحيدا، من الممكن ان الشهرزوري ( وهو طبيب و مؤرخ كوردي في القرن السابع) يكون على راس تلك الشخصيات التي شاركت في هذا الخلط التاريخي.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 82)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 81)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 79)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 78)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 77)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (76)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (75)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (74)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (73)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (72)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 71)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (70)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (69)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 68)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (67)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (66)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 64)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 63)
المزيد.....
-
تطورات الحادث الجوي في واشنطن.. طائرة ركاب اصطدمت بمروحية عس
...
-
مصادر لـCNN: اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب بالقرب من واشن
...
-
فيديو استقبال محمد بن سلمان وأداء صلاة الميت على الأمير محمد
...
-
كيف تتم عملية تبادل الرهائن في غزة؟
-
اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا بالقرب
...
-
يكثر استهلاكه في المنطقة العربية.. الحليب الحيواني الأكثر فا
...
-
إسرائيل: 11 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم هذا الأسب
...
-
تصادم طائرة ركاب مع مروحية عسكرية قرب مطار ريغان بالعاصمة ال
...
-
عاجل | رويترز: طائرة ركاب تابعة لخطوط جوية أميركية اصطدمت بط
...
-
ترامب يستعد لإعلان قرار يهم طلاب الجامعات المتعاطفين مع حماس
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|