|
احذر السمنة.. ولا تتبع الريجيم..! (4)
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6188 - 2019 / 4 / 1 - 20:36
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
-نماذج تطبيقية راهنية- الديناصورات، كائنات حيوانية ارتبط وجودها وانقراضها بانقلابات وتغيرات حياتية ومناخية في العالم. وهي تنقسم إلى قسمين: ديناصورات نباتية: تتميز برؤوس صغيرة وأعناق طويلة، تستطيع بوساطتها تناول أوراق وثمار الأشجار العالية. ديناصورات حيوانية: تتميز برؤوس كبيرة وأعناق قصيرة، ويعتمد غذاؤها على افتراس الحيوانات الضعيفة. يختلف العلماء في تخمين أسباب انقراض الديناصورات، تارة للتغيرات المناخية، التي تشهد الأرض مثيلها اليوم، وتنعقد لها قمم دولية، تؤكد استمرار رفض الولايات المتحدة الأميركية الخضوع لقرارات حماية البيئة وتخفيض المفاعلات الكيمياوية التي تهدد طبقة ونسبة غاز الأوزون. التخمين الثاني: يتعلق بتناقص نسبة الغذاء على سطح الأرض، وهذا يتعلق بطبيعة أجواء المناخ والمياه الضرورية لحياة النبات والكائنات الحية. وفي هاته النقطة، يقف الأميركان في صدارة المحذرين من كوارث الامن االمائي والغذائي العالمي. المهم أن الديناصورات انقرضت، وكانت حيوانات هائلة. وفي العموم كان ثمة اعتقاد ان الكائنات الحية آخذة في الاتجاه لصغر الحجم وتقليل الغذاء وتهذيبه، ونمو حجم العقل، إذ اعتقد السابقون ان كبر الرأس دالة على حجم العقل والذكاء. مدينة الاعلام الهوليودية التي تترجم وتجسم الخطاب والرؤية الأميركية عن العالم، انتجت أفلاما وألعابا كثيرة حول ممالك الديناصورات وتهديدها للعالم وسيطرتها عليه، وتفوقها على الطبيعة والتكنولوجيا، وكيف يمكنها اغراق الأرض أو اطلاق عواصف كارثية أو ابتلاع مدن أو تحويلها لحطام بهزة ذيل.. بل أن ديناصورات هوليود التي تقفز قفزات هائلة، تستطيع الطيران وحجب ضوء الشمس عن نصف الأرض، بغية توصيل رسالة معينة. استبدلت هوليود الديناصور بالوطواط ثم كائنات خرافية. فهل كانت افلام الديناصور والوطواط وما يدخل في سبيلها مما اطلق عليه سفها بأفلام الخيال العلمي، هل كانت قصص خرافات مما يحكى للاطفال عن عالم الخوارق، أم لها رموز وإشارات سياسية، ظهرت شبكة النت لترسيخ خطابها وتهويل امكانياتها. وهي في حقيقتها أوهام الكترونية، تعتمد على التلاعب بسرعة الحركة والمبالغة في احجامها وحركاتها مع استخدام نفسي للموسيقى والمؤثرات الصوتية، السابق استخدامه في أجواء السنما والديسكوات، وكان سمة مميزة لأغاني البوب والموسيقى الالكترونية. وبالمناسبة، ان عالمنا اليوم - لمن يتحدثون عن التشوه والابتذال- هو عالم المبالغة في استغلال تكنولوجيا الصوت والصورة لأغراض الابتزاز والتوجيه والتحكم بالجماهير، عالم الكذب والزيف والسرقة والتزوير والسخرية من الناس. لقد استغرقت التيارات الفكرية والثورية ردحا من الزمن، لتشخيص مكامن العدو وأدواته (الكولونيالية)، في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والدين، حيث برزت دعاوى الاستقلال السياسي، الاستقلال الاقتصادي والاستقلال الثقافي، كمطاليب وطنية شعبية، من حق الشرق امتلاكها، أسوة ببلدان الغرب، دون تمايز أو تمييز. ولكن في اللحظة التي بلغ وعي العالم الثالث الثوري بحاجاته الحقيقية، حدث انهيار الدولة الوطنية والقومية وقواعد الاستقلال والسيادة، لتسقط بلدان العالم الثاالث والثاني عند اقدام الامبريالية الانجلوميركية، وبكل تصفيق وميوعة. وهذا ما حدث في بلاد العرب والمسلمين في الربع الأخير من القرن الماضي. العرب، وهم الجماعات البشرية لجنوبي غرب أسيا وشرق المتوسط، يصنفون ضمن التصنيف الاسيوي في الطول والحجم، إذ لا يتعدى طول الشخص في العموم (165 سم)، وليست البدانة /(عكس النحافة)، أمرا شائعا بينهم، نظرا لظروفهم البيئية والمعيشية. لكن هذا الكلام لم يعد صحيحا اليوم. لقد انتهت الجدولة التقليدية السابقة في سبعينيات القرن العشرين. وذلك في أثر الوفرة المالية والتحسن النوعي في مستويات المعيشة التي طرأت على المنطقة والعالم جملة. وكان من جراء التحسن المعيشي السبعيني، تزايد استهلاك اللحوم على المائدة العائلية، وكان رواج الدجاج/(مزارع الدجاج/ الدواجن المحلية)، في مقدمة تلك الظواهر والمظاهر. وفي العراق الذي بلغ ثمن طبقة البيض حدود أربعة عشر/(الفا) دينارا، خلال التسعينيات وما بعدها، كان ثمن (دجاجة الدواجن) يصل الى (ربع دينار) في أواخر السبعينيات، تدور به عجلات حمل صغيرة بين الازقة. المهم من كل ما سبق، مظهر الانسان وشكله وحجمه، بعد السبعينيات وامتداداتها الحاضرة. ان الفئة السكانية لشرق المتوسط وجنوبي غرب أسيا، شهدت تغيرا في ارتفاع الشخص [165- 180سم] بالجملة. مع تحول واضح من البنية الضعيفة إلى البنية العضلية. هذا التحول في الطول والبنية، يعود إلى التحول الغذائي من الاعتماد الرئيس على أغذية نباتية، إلى اعتماد رئيس على اللحوم الحمراء والبيضاء. ويعرف العراقيون ان نسبة اللحوم في الغذاء، دالة على الترف المادي والرفاه المعيشي، والمنابزة جزء من طبائع وثقافة المنطقة. لا خير في شكل الجسوم وطولها.. إن لم تزن تلك الجسوم عقولُ -(الرصافي الخالد)- هذا التصاعد/(تطور مشوه منحرف) في الطول وشكل الجسم البشري، اقترن بتراجع وانحطاط في درجة الوعي والثقافة، مقارنة بما سبق من نصف قرن وأكثر. والحديث عن الوعي والثقافة، يشمل جملة عامة من القيم والمبادئ المرتبطة بوجود الانسان وأصالته، كالتقاليد والانتماء والوطنية والسيادة الحقيقية. ويبدو ان الذاكرة القصيرة للمنطقة، في خضم موجة الثورة الاعلامية الحادثة، تجعلهم يتناسون ما شاع في الصحافة السابقة عن (ردة فكرية وحضارية) على خلفيات المد الديني أو الامبريالي أو اللاوطنية ، وهي أمور غير واعية أو غير متداركة، لدى أجيال ما بعد التسعينيات. بالنتيجة: ان اجيال التسعينيات والالفية العربية، تختلف شكلا ومضمونا عن جيل الاباء والأجداد، ومنفصمة ثقافيا وأصالة وتوجها. وليست البناطيل والثياب الضيقة والقمصان القصيرة/(فوق الردف) مع اهتمام مبالغ فيه بالشعر، وتماثل الجنسين ، غير رديف ومنتوج ملتصق بالتضخم الجسمي والتشهي اللحمي لهذا الجيل. اعلانات المكدونالد والبورغر تغزو ميديا العالم المصورة والالكترونية، وهي عرابة الثقافة الامبريالية الأميركية، المنتشرة في روسيا اليوم والسعودية، وصولا الى سيادة ثقافة الفاستفود بين الشبيبة وطلبة اليوم. من أول مرادفات الغزو الأميركي للعراق، انتشار المطاعم ومشاوي اللحوم والشاورما، على الأرصفة والجزرات الوسطية لمرور المشاة والسابلة. وقد ترتب عليه ظهور عادات مرضية غير مسبوقة في العراق، مثل اعتماد العائلة على شراء طعامها الجاهز من الشارع، بعدما كان العراقي يعتز ويفتخر بطعام البيت من يد الوالدة أو الاخت أو الزوجة. وإذا كنا نحن نعيش نوستالجيا الطعام وأجوائه العائلية في طفولتنا، فهاته الظاهرة ستكون معدومة في ناشئة اليوم، من أرباب أطعمة الشارع والفاستفود. ان الطعام ليس مجرد مادة لحشو الجسم أو بناء انسجته، وانما هو مادة نفسية وجو روحي يسهم في بناء الانسان بناء نفسيا وفكريا صحيحا وجميلا. أما أنسجة الجسم ومظاهره، فسرعان ما تكاد تنتهي مع مرور الأيام، إذا لم تتداركها الأمراض والأحداث المؤسفة مبكرا. التحول اللحمي والاخلاقي والفكري الطارئ على البشرية، ضمن الالفية الثالثة، يقترن بالتحول المناخي السريع للكرة الأرضية. فالولايات المتحدة الأميركية منذ صعود سعارها الامبريالي ضد البشرية، تشهد سلسلة متواصلة من عواصف الهاريكان البحرية، والتي يعتم عليها الاعلام الاميركي وسع جهده، بما فيه الاعلام الالكتروني وثورة الاتصالات، التي تتصيد أصغر حدث في دولة مارقة لتجعلها عنوانا رئيسا للواشنطن بوست والصحافة العالمية، بينما يغيب عن الأميركان الكثير مما يجري داخل بلادهم، وهو أمر ينطبق بشدّة على الاعلام البريطاني المزور والعنصريى. لقد انتصرت الثقافة الامبريالية الرأسمالية على الثقافة الاشتراكية، وانتصرت الرجعية على الوطنية، وتغلبت أفكار التخاذل والانحناء والسمسرة على مبادئ الشرف والسيادة والالتزام الاخلاقي، وانتصرت القيم والمبادئ الرأسمالية والغربية، على القيم والمبادئ الاخلاقية والتراثية للشرق العريق والعتيد الذي وضع لبنات الحضارة والمدنية والتمدن والاجتماع البشري الأولى والوسيطة، قبل أن يتحول صورة للعار والخزي في منظور الثقافة الغربية وأتباعها. ثقافة العولمة وحضارة العولمة هي ثقافة وحضارة استهلاكية. والمفروض ان تستحق مفردة (استهلاكية) مجالا أوسع وأعمق من الوعي والتفكير السطحي المتداول. أنها (شتيمة) في جوهرها، عند تصنيف االبلدان والثقافات الى قسمين: (انتاجية) و(استهلاكية). انتاجية بمعنى (رائدة متقدمة وقائدة)، واستهلاكية بمعنى (تابعة متخلفة وذيلية). شبيبة العصر الجديد استهلوا ظهورهم تحت عنوان (الارهاب) الذي بادره بوش الابن بالحملة العالمية الشاملة للحرب ضد الارهاب!. وأفادت تقارير غربية، ان معظم المنخرطين في الارهاب، ممن اعمارهم بين [15- 35 عاما]، وكان ذلك يعني في حينه مواليد الثمانينيات فما فوق. واليوم كل من يعارض أو يعترض أو يضاد، أميركا أو العولمة الالكترونية أو اجراءات حكومته المحلية، يوصم بالارهاب، وذلك تطبيقا للديمقراطية الأميركية المفروضة على المنطقة. هذا التصنيف العمري للسكان، يترادف أيضا مع انخفاض أعمار الساسة والحكومات الراهنة. فالذين يقودون أوربا والعرابيا تحديدا ، معظمهم من مواليد ما بعد الثمانينيات صعودا لليوم. ومولود العام 1990م سيكون في الثلاثين من عمره بعد تسعة أشهر. والعام 1990م، فارزة تاريخية، تؤرخ لاستفراد البيت الأبيض بعالم احادية القطبية. والزوال الشامل لأي جهة قطبية وغير قطبية تعادي الدكتاتورية الامبريالية. لكن تصنيف الارهاب العولمي، كان مجرد درجة، لتدجين الرأي العام والعربي، وتلقين الناشئة والشبيبة منتجات الغرب الفكرية والثقافية والسياسية، لتجدهم أكثر تأمركا من الأمريكان. وإذا كان ثمة (معارضة) داخل أميركا، فمن النادر ان تجد معارضا لأميركان في بلداننا، سيما من فئة الزمن الجديد. وكيف يعارض المتواطئ والتابع والمقلد؟. ان اشكال الجسوم والثياب والمظاهر الفيزيائية لأبناء العصر الأميركي، ليست مسألة صحية أو جمالية، وانما هي دالة مفتاحية على الارتداد والانحراف والهجنة الفكرية والأخلاقية، لمجتمعات خرجت عن سياقاتها التراثية والاخلاقية من جهة، وابتعدت عن السياق الطبيعي والانساني في التطور الحر والمنسجم. هذا الجيل، مضافا إليه، شلل العرابين والخونة، يتحملون تبعات الحقبة التاريخية لزمن الانحطاط الراهن والذي لن يطول كثيرا، بعدما مضى نصفه الان. ولن يكون لهم من دور أو وصف، غير ما قاله محمود درويش: (عابرون في زمن عابر)!.. .. هل كان سقوط الاشتراكية السوفيتية نتيجة تطور طبيعي أم خيانة وسمسرة ثلة من قادة موسكو المتأخرين؟.. هل كان انتصار الولايات المتحدة في ما يوصف بالحرب العالمية الثانية، انتصارا ميدانيا حقيقيا، أم لعبة مراوغة وتزوير وقرصنة سياسية؟.. العالم نائم، من يستطيع أن يوقظه؟..
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احذر السمنة.. ولا تتبع الريجيم..! (3)
-
احذر السمنة.. ولا تتبع الريجيم..! (2)
-
احذر السمنة.. واتبع الريجيم..! (1)
-
قصائد من متحف العري..
-
رواية (كركجورد العراقي) لوديع العبيدي تفوز في مسابقة منف الع
...
-
دُخانُ المَعابدِ
-
فَتاةٌ تخْرُجُ مِنَ المَدْرَسَةِ..!
-
الذكرى العاشرة لرحيل محمود درويش..
-
في علم اجتماع الجيولوجيا..
-
العولمة: اشتراكية بزاوية مقلوبة!..
-
ما قبل اللغة..
-
عولمة الخناثة (2)
-
عولمة الخناثة..
-
دارون والعنصرية الانجلوميركية..
-
دولة بلا أخلاق/ Amoral State
-
من دولة العسكر إلى دولة المأفيات..
-
البلادة/ ASimpathy
-
علم بلا أخلاق/ AMoral Science
-
عولمة بلا أخلاق/ AMoral Globalization
-
ما قبل الكولونيالية..
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|