|
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6188 - 2019 / 4 / 1 - 20:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعرف هذه الأيام العديد من المواقع الفيسبوكية حملة منظمة وبإتقان ، تروج للمشاركة بكثرة في الانتخابات التشريعية القادمة لسنة 2021 ، ليس لإصلاح النظام ، او اصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي المعلول ، بل ان الحملة تدعو ، لممارسة التصويت العقاب ، ضد حزب العدالة والتنمية . فهل الهدف من الدعوة للمشاركة في الانتخابات ، تستهدف حقيقية إ انزال عقوبة انتخابية بحزب العدالة والتنمية ، ام ان الذي يقف وراء هذه الحملة المخدومة ، والتي هي مقلب وكمين منصوب بإتقان ، هو النظام الذي يخاف من مقاطعة شعبية واسعة لمناوراته المفضوحة ، قصد الاحتفاظ بالوضع كما هو دون تغييره . وحتى نكون واضحين . هل الدعوة الى عدم التصويت على حزب العدالة والتنمية ، هو حقا اعتراف بفشل الحزب في تدبير الشأن العام طيلة ولايتين انتخابيتين ، وهنا يصبح السؤال : هل فعلا ان الأحزاب تحكم ، حتى نقول ان حزب العدالة والتنمية يحكم ، ومن ثم وجب محاسبته على اخفاقه في تنزيل الوعود التي وعد بها الناخبين قبل الانتخابات ؟ وإذا كانت الدعوة الى عدم التصويت على حزب العدالة والتنمية ، فمن هي الأحزاب التي يرى الهشتاگيون ، انها اجدر باستحقاق أصوات الناخبين ، كبديل عن حزب العدالة والتنمية . هل هي : -- أحزاب الإدارة التي انشأتها وزارة الداخلية سابقا ، كحزب " الاتحاد الدستوري " ، " التجمع الوطني للاحرار " ، " الاصالة والمعاصرة " ، " الحركة الشعبية " .....لخ . -- أحزاب الملكية المطلقة التي أضحت عبارة عن صدف فارغة ، وهي " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، " حزب التقدم والاشتراكية " وهي أحزاب ماتت منذ اكثر من عشرين سنة مضت . -- أحزاب الملكية ( البرلمانية ) ، وهي أحزاب الفدرالية ، وعلى رأسها " حزب الاشتراكي الموحد " ، " حزب الطليعة " ، و" حزب المؤتمر الوطني الاتحادي " . -- " حزب النهج الديمقراطي " ، وهذا دأب على مقاطعة الانتخابات ، رغم انه حزب تم الترخيص له بالنشاط السياسي بقرار من وزارة الداخلية . -- " جماعة والعدل والإحسان " ، وهي كالنهج الديمقراطي ، دأبت على مقاطعة كل استحقاقات النظام ، لأنها لا ترى اية فائدة ترجى منها ، وانها تكرس استمرارية النظام المطلق ، رغم ان الجماعة وبلسان نادية ياسين تُكوْلس مع النظام في عدة محطات ، كما حدث في حركة 20 فبراير التي انسحبت منها الجماعة دون سابق انذار ، وهو ما خلق فراغ تنظيمي في الساحة ، لقي استنكارا من قبل حلفاءها ، وطرح تساؤلات عميقة عن دور الجماعة الحقيقي ابّان حركة 20 فبراير ، وعن الدور المنوط ، او المسنود لها لعبه اثناء الحراك . ان كل حديث عن الانتخابات سيكون مضيعة للوقت ، إذا لم يطرح السؤال الأساسي ، حول المغزى الأساسي المستهدف من الاستحقاق ، وإذا لم يثم تقييم التجربة الانتخابوية ، انطلاقا من مشاريع جاهزة ، كانت ولا تزال تستهدف تكريس نفس الأدوار ، ونفس القيم البالية المعادية للديمقراطية . ان الحكم ، اوعند تقييم اية عملية انتخابية حقيقية ، او عملية انتخابوية مزيفة ، يقتضي البحث وتحليل النظام التي تجري ضمنه العملية الانتخابية ، كما يقتضي تحليل الآليات المستعملة من قبل النظام ، لضبط النتائج على ضوء النظام الانتخابي ، الذي يتحكم في فرز نوع ( الأحزاب ) التي ستدخل الى البرلمان ، ومِنْ بعضها ستتشكل الحكومة التي هي حكومة النظام الحاكم ، لا حكومة الشعب الذي ينتهى دوره بمجرد رمي او القاء ورقة الناخب ، في صناديق الاقتراع والانتخاب . ولمعرفة نوع النظام المشرف على تنظيم الانتخابات ، هل هو نظام ديمقراطية ، او شِبْه ديمقراطي ، او شَبَهٌ ديمقراطي ، او قروسطوي ، فيودالي ، بتريمونيالي ، وبتريركي ، وكمبرادوري ...لخ ، لا يكفي الاقتصار فقط على ملاحظة وضبط ، كيف تمر العملية الانتخابية ، بل يجب الرجوع الى المرآة العاكسة ، لحقيقية نوع النظام المنظم للانتخابات ، وهذه المرآة طبعا هي الدستور . فهل الدستور الذي تجري الانتخابات في ظله ، هو دستور الشعب ، ام انه دستور الحاكم بأمر الله ؟ فإذا كان الدستور هو دستور الشعب الذي يجب ان يكون دستورا ديمقراطيا ، يحدد مبدأ الفصل بين السلطات ، ويربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة ، ويضرب مبدأ احتكار السلطة والحكم في يد شخص واحد ، او حزب واحد ، او طبقة واحدة ، فان المبدأ العام ، انَّ أي انتخابات تجري في ظل هكذا دستور ، تكون انتخابات تكرس للديمقراطية الشعبية ، بغض النظر عنْ من سيفوز في الانتخابات ، لان سلطة وحرية الاختيار تبقى متروكة للشعب . لكن انْ الدستور الذي تجري الانتخابات في ظله ، هو دستور الحاكم المطلق ، او الحزب المطلق ، او الجماعة المطلقة ، او الطبقة الممارسة لديكتاتورية مطلقة ، فان الانتخابات لا ، ولن تكون غير انتخابات الحاكم ، قصد تشكيل برلمان الحاكم ، وتشكيل حكومة الحاكم ، ومن ثم تصبح كل العملية الانتخابية برمتها ، تؤسس للمهزلة والاضاحيك المتعارضة مع الديمقراطية الحقيقية . ومن خلال الرجوع الى كل المحطات الانتخابية التي عرفها المغرب ، نكاد نجزم انّ كلها كانت انتخابات الحاكم ، لتزيين نظامه امام الدول المانحة ، والدول الديمقراطية ، لا انتخابات الشعب المفروض فيه ان يمارس الشأن العام لخدمة بلده . فإذا كان الدستور واضحا ، يركز كل السلط في يد الملك ، فان أي حزب مهما كانت عقيدته او أيديولوجيته ، عند فوزه في الانتخابات ، سيكون مجبرا بالتقيد بالدستور، وبالاختصاصات المحددة بمقتضى فصول ومواد الدستور . لذا فرغم ان الأحزاب قبل الانتخابات ، واثناء الحملة الانتخابية ، تطرح في سوق النخاسة السياسية ما يسمى بالبرامج الانتخابوية ، فانه بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات المتحكم فيها بالنظام الانتخابوي ، حتى تختفي ما يسمى ببرامج الأحزاب ، ويصبح العامل الذي يجمعها ، هو التنافس بينها في من يكون له شرف تطبيق برنامج الملك ، لا برنامج الحزب ، او الأحزاب التي ستدخل معه في تحالف حكومي . ان هذه الحقيقية التي يؤمن بها الجميع ، والتي تجتهد أحزاب الفدرالية في ان يحصل لها شرف تنفيد وتطبيق برنامج الملك ، هو ما يفسر جلوس أحزاب مع بعضها البعض رغم ادعاءها بالتمايز ( الأيديولوجي ) و( السياسي ) . والاّ كيف نفسر كون كل الأحزاب قبْل الانتخابات الأخيرة ، كانت تعتبر حزب العدالة والتنمية خطاً احمر ، وإذا بها ، وبعد ان صدرت الأوامر من القصر ، تجلس معه في الحكومة ، وتعتبر هذا الجلوس بمثابة تحالف استراتيجي . ( الاتحاد الاشتراكي ، التقدم والاشتراكية ) وجلوس هذين الحزبين مع ( الاتحاد الدستوري ، التجمع الوطني للاحرار ، الحركة الشعبية ، الاصالة والمعاصرة ...) . ان الحملة التي تدار على أمواج الفيسبوك ، وبالعديد من المواقع الالكترونية للمشاركة بكثافة في الانتخابات ، هي دعوى مشبوهة ، لان الهدف منها ، ليس معاقبة حزب العدالة والتنمية الذي ينفد مع غيره من الأحزاب برنامج القصر ، بل هي مقلب مصنوع لضمان عدم مقاطعتها من قبل الشعب ، لان اية مقاطعة للانتخابات ، هي مقاطعة سياسية لمختلف مسرحيات النظام ، وستكون لها رسائل قوية تركز كلها على مطلب الشعب للتأسيس للدولة الديمقراطية الحقيقية . فما الفائدة من تنظيم انتخابات ، تشارك فيها جميع الأحزاب ، وفي الأخير يتم رمي برامج الأحزاب ، وستتحول الى معول ينفد برنامج القصر . ان المشكل في الدستور الذي يركز كل السلط بيد الملك ، كما يحدد كل التفاصيل التي تجعل الخروج عن منطوق الدستور ، بمثابة اجراء مخالف للدستور ، وهو ما يجعل أي حزب ، إذا فاز في الانتخابات ، فانه لا يستطيع لوحده ان يشكل الحكومة ، وسيكون مجبرا للجلوس ، ولا أقول التحالف الاّ إذا كان تحالفا ضد الشعب ، مع أحزاب تتعارض معه كليا ( أيديولوجيا ، سياسيا ) . ان الدعوة الى المشاركة المكثفة في الانتخابات ، بدعوى معاقبة حزب العدالة والتنمية ، هي دعوى لاستمرار نفس الوضع المحدد بالدستور ، وهي دعوة للتكريس للملكية المطلقة ، ونظام الفرد الوحيد . ان اية دعوة للمشاركة في الانتخابات ، وفي ظل الستور الحالي اللاّشعبي ، واللاّديمقراطي ، لإدامة ستاتيكو السياسي ، وبدون طرح دستور الشعب الذي يحدد مبدأ الفصل بين السلط ، ويربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة السياسية والجنائية ، هي خيانة للشعب المغربي . وحتى 2021 ، نتساءل كيف سيكون الوضع دستوريا ، وتنظيميا ، وسياسيا ، إذا كانت نهاية سنة 2020 حتمية في حسم صراع الصحراء الغربية . فهل إذا ذهبت الصحراء ، او نشبت الحرب ، سيبقى هناك متسع للتفكير في النظام الانتخابي الاصلح ، وفي الديمقراطية الانتخابية ، والتطورات المتسارعة قد تكون قد فرضت استحقاقات ، لا علاقة لها بما يسمى بالانتخابات ضمن دستور الحاكم ، الذي سيكون الوقت قد فاته لإصلاح ما افسده . ان المقاطعة السياسوية ، الانتخابوية للمسرحيات الهزلية المفضوحة ، تبقى فرض عين ، وواجب وطني ، في غياب دستور الشعب الديمقراطي .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقرير المصير
-
هل المغرب فعلا مقبل على هزّة شعبية ؟
-
تنظيم وقفات احتجاجية امام قصور الملك -- النقد الذاتي --
-
حراك الجزائر
-
دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن
-
هل بدأت فرنسا تنحاز الى امر الواقع في نزاع الصحراء الغربية ؟
-
رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونگ _ Le président de la Coré
...
-
الدستور -- La constitution
-
lhumiliation du régime -- إهانة النظام .
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 3 )
-
زيارة ملك اسبانيا الى المغرب
-
تحليل . البرلمان الاوربي يصادق على تجديد اتفاقية الصيد البحر
...
-
إذا دهبت الصحراء حتما سقط النظام
-
اربعة واربعون سنة مرت على نزاع الصحراء الغربية
-
حول مداخلة مستشار الامن القومي السيد جون بولتون بنزاع الصحرا
...
-
هل سيزور بنجامين نتانياهو المغرب ؟
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 2 )
-
ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخب
...
-
جبهة البوليساريو تُصاب بالاكتئاب
-
جمال عبدالناصر --- ابعاد النظرية الناصرية . ( 1 )
المزيد.....
-
عراقجي يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عدم الخضوع للض
...
-
-أونروا-: مخازن الأغذية في غزة أصبحت فارغة والقطاع على شفا م
...
-
قوة الردع الخاصة في طرابلس تعلن إنجاز أكثر من 800 قضية خلال
...
-
الاستخبارات الخارجية الروسية: الفاشية الأوروبية هي العدو الم
...
-
اكتشاف طريقة معالجة الدماغ البشري للمشاكل الجديدة
-
علماء صينيون يطورون روبوتات مجنزرة على شكل حلزون
-
نظام غذائي يحمينا من الالتهابات المعوية الخطيرة
-
تجربة واعدة تحدد -الوقت المثالي- لاستخدام بخاخ الربو الوقائي
...
-
-كوفيد الطويل الأمد- والخرف المبكر.. تحذيرات من علاقة محتملة
...
-
فان دام يعرب عن محبته لبوتين ورغبته في القدوم إلى روسيا ليصب
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|