عادل جوهر
الحوار المتمدن-العدد: 6188 - 2019 / 4 / 1 - 00:33
المحور:
الادب والفن
كعادته أمسك قلماً وورقة، وحاول أن يكتب – حاول أن يجمع ما يستطيع من أفكار راودته، هناك الكثير لكنه لم يستطع القبض على أحدها..
كان الوقت يبدأ في طرد الليل واستقبال أول غسق من النهار، وعلى الرغم من ذلك فقد كان مصراً على أن يبحث عن النجوم في الأعلى..
أنا الآن سأكتب قصة أبطالها كلهم من المرضى النفسيين والمجرمين، سأحاول أن أستعرض بين سطور أوراقي كيف يستطيع هؤلاء التعايش في وطن واحد، وعبادة إله واحد – لا يهم كيف سيتعايشون،لا يهم ماذا سيأكلون ويشربون، ولا كيف سيمارسون الجنس... ولكن إن جاء اليوم الذي سيحاكم فيه القارئ أبطال قصتي، فبأي حق سيتمكن من محاكمتهم؟ فأنا من صنعتهم، وأردتُ لهم هذه الأدوار، فلماذا يحاكمون هم؟!..
في كتاب "الحيوان" قرأت أنهم يوماً قد سألوا "الجاحظ": هل الإنسان مخير أم مسير؟
فأجاب "الجاحظ": نحن مسخرون لفعل أدوار...
كيف يكون هذا، إن كنا فعلاً مسخرين، فكيف سنحاسب على أفعالنا؟ لا أعرف...
هز رأسه وترك ذكرياته عن كتاب "الحيوان" راجعاً إلى أوراقه، وكانت الشمس قد بدأت تداعبه بأول أشعتها، فأحس بثقل في عينيه وأن جسده بدأ يشعر بالنعاس، ومع ذلك فقد حاول جاهداً أن يكتب شيئاً.. فهو يعرف أن عمره سوف يمر دون ذكرى له ما عدا الكتابة...
سأكتب هذه القصة، وإذا جاء أحداً يوماً ليحاكمني على ما فعله أبطال قصتي، سأرد عليه قائلاً: هذه دنيتي، وأنا من صنعتهم على أوراقي، وأمرتهم بلعب أدوار أنا أريدها، وهم لم يعترضوا، فلماذا تعترض أنت؟!
سأجعلهم يقتلون بعضهم البعض، ويمارسون الزنا والبلطجة، وسأجعل منهم أيضاً من يذهب ليصلي ويصوم، وأيضاً سوف أحكم عليهم من يتوب ومن يموت وهو حقير ومذنب... ههههـ...
ضحك وضحك وضحك، ثم نظر إلى الشمس باحثاً عن النجوم وهو مازال يضحك.. قطع أوراقه وترك القلم.. أشعل سيجارة وشرب معها بعض الماء المثلج، تاركاً أبطال قصته يوماً آخر في العدم...
#عادل_جوهر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟