أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أمين المكشاح - ضمائر غائبة: في ذاكرة الأزمنة.














المزيد.....

ضمائر غائبة: في ذاكرة الأزمنة.


محمد أمين المكشاح
(Mohamed Amine Mokcheh)


الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 30 - 02:09
المحور: الادب والفن
    


"ضمائر غائبة: في ذاكرة الأزمنة..."
بقلم محمد أمين المكشاح

"وتعود الى الأصل الأول، أين أنت؟ من تكون؟"
"في النهاية قد أعود سريعا وحينها سأكتب عنك كما لم أكتب من قبل... في كل الحالات أنتظر أن تغني للجميع"

السابعة إلا خمسة عشرة دقيقة صباحا، أسرعت نحو أقرب مقعد على الجانب الأيسر من الحافلة المتجهة إلى العاصمة.
هاهي غار الملح، عروسي تتزين بسماء من ضوء وبنفسج وآيات مقدسات، تبتسم وآثار النعاس بادية على ملامحها، تودعني حتى حين...
"لابد أن تعود" تهمس في قلبي "تذكرني، سأكون تعويذة لك وحصنا، سأدرأ عنك النزف والإعصار..."
لكنك جرحي النازف الذي يشرب منه الفقراء وعاصفتي درع بيد الضعفاء، أحبك كما أنت... أنت.
مريم تتبدى في كل شيء، هذه الحكاية أعرفها جيدا، أحملها في تفاصيلي، أتنفسها، أنتظرها وتنتظرني، لكننا لا نختار غير الرحيل لقاء.
فجأة لمع شيء هاهنا ودوى صوت قامت الدنيا له ولم تقعد... تفجرت الأزمنة الثلاث، تناثرت شظايا...
"لابد أن أعود، عروسي تنتظر وفي أحشاءها انتظرني أولد من جديد..."
ظلمة، أين؟ متى؟ كيف؟ ضاعت أناي مني وتلك الآية المقدسة نظرت في حنو وحب جارف لتلتحف بعدها السواد... تمزقت غير أن طعم الملح لم يختفي والحلم...
قطار وأنت تقتفي ذاتك البعيدة، جلس المفكر على طريق الذاكرة: أنتظر المساء منذ ما يناهز مسيرة دخان نحو أرض الميلاد- لم يقبل، أنكر الوفاة، ثار على التراب، وتبرأ من بصره... هنا لا شيء لي، قال واللعنة تضيء طريق الرحلة إلى بداية نهاية أخرى حيث لا فواصل بين دموع الفرح وضباب الفكرة: كطفل، أو ربما، كشيطان مارق عن أصل الغواية الأولى...
لا شيء يختفي في الليل، ظهور السماء الباقية التقاء الذكرى بالحلم- بالظلام... مثل رقصة طفلة وصفعة على خد ملك منفي إلى الأرض... أن أفترش الأرض حذوك، أن أبعث زهرة إلى جانبك، في ترابك: ثقيل الروح، مطأطأ الحلم، أضاع لغته واختفى في البياض... "أشتهي الوصول إلى قلبي، علي أصل إليك..." قال المفكر مؤمنا بعبثية أمنيته، ضحك، بكى وعرج إلى السماء الأخيرة...

"لا شيء، لا شيء..."
حدثني المخمور ورائحة الذكريات تنبعث من ثيابه الرثة ذات مرة... "لم يبقى من الرقي على هذه الأرض غير بقايا موسيقى دأبت على البحث عنها في تفاصيل وجوهكم."
أدخل يده في جيب معطفه ليسحب سيجارة ثانية من ذلك الصنف الرديء الذي يداوم على استهلاكه تشبها بالفقراء بعد أن أطفئ أخرى لتوه في المنفضة المصنوعة من خشب البلوط... حدثت نفسي وأنا أتابع حركاته أن رداءة هذا الشخص المركبة من جوهري العفن والنور هي حقا ما يميزه... حتى أنه يشبه تلك المنفضة إلى حد بعيد.
تابع منهكا "لم يبقى لي وجه، سأسافر بحثا عن واحد..."
-كم تملك من المال؟
"لا شيء غير بقايا أحلام... لكن تذكر جيدا: الموسيقى التي تجعلني أدخن أكثر، وحدها هي القادرة على تقمصي... هكذا علمت ذات يوم أني موسيقاي..."
-وموسيقاي؟
-أصغ إليك، حتما ستجد أصواتهم ترشدك إلى الحقيقة.

دندنت طفلتي، ضحكت، اخترقتني، ظننتني ميتا... ماذا بعد؟
"في عينيك أنا مكفن، أنا ميت، أنا كما تعلمين- أنك لا تعلمين... الخز أخ الطين"

شعرت بالبلل يتسرب إلى أطرافي وأخذ طعم الملح يختفي شيئا فشيئا... وأبصرت الأخضر، هل تراني بعثت بعد موت؟ لكني لا أشعر بجسدي، أبصر فقط...

"غار وعذراء…
سجود للشمس والليل أقبل يحرر النجوم- والقمر…أنشودة العرس مريم وصلوات…
أسلمت وجهي لله- أتذكر…
التفاحة نجمة
وكنت كما البراق…
استراق الليل والنجم
وسجود في همس- أراك…"

ترددت بين جنباتي تلك الأصوات مرتلة... يبدو أنه كان محقا...
وأبصرت...



#محمد_أمين_المكشاح (هاشتاغ)       Mohamed_Amine_Mokcheh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أمين المكشاح - ضمائر غائبة: في ذاكرة الأزمنة.