أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - وباء لغوي ..














المزيد.....

وباء لغوي ..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6181 - 2019 / 3 / 23 - 22:50
المحور: الادب والفن
    


هل اللغة هي أداة التفكير و مادة الفكر وإحدى أهم وسائل توصيل الأفكار ..؟
الجواب ببساطة : بلى
لكن بالرغم من أننا أمّة ديوانها الشعر -كما يقال - وإعجازها سحر البيان، وجلّ إنجازاتها محصورٌ في بيان البلاغة، وتفسير الكلام بالكلام ، إلى درجة أصبحنا نشتهر بين الأمم بأننا " ظاهرة صوتية " على حد تعبير الكاتب "عبد الله القصيمي "..
يبقى من الحق القول ، إن إجادة أحد منا لقواعد نحو اللغة وصرفها ، لا يعني بحالٍ من الأحوال أنه قد أصبح مثقفاً ضليعاً ، وجهبذاً رفيعاً ، أو أنه أضحى أسطوناً من أساطين الفكر ومرجعاً من مراجع العلم والمعرفة ، أو قامةً سامقةً في النقد ، أو علّامةً فارقة لا يُشقُ له غبار فيما يدّعي، أو أنه من ذوي الحجّى ومالك النُهى، فيما يتكلم به من موضوع أو يعطي من رأي ...
فمثلاً ، الشيخ المُحنّك بالدعوى إلى عقيدة ما أو دين معين ، لا يعني بالضرورة ان يكون ذا سعة في الاطلاع أو مثقفاً بارعاً في شتى العلوم ، وإن ادعى هو ذلك في خطبه العصماء .
إذ يمكن أحياناً لدجّالي المعرفة من صغار الكتبة ، والمُتنطعين في الفكر والنقد و الأدب ، وبقليل من الموهبة ، أنْ يتعلموا بسهولة كيفية قولبة محتوى ما بسيط ، وتشكيله في إطار لغة صعبة..
ففي زعمي ، العارف العاقل الواثق من فكرته لا يلجأ عامداً إلى تنميق الكلام كي يسلب أسماع الآخرين ويُخدّر أذهانهم أو يوقفها عن التفكر والتمعن والانتقاد فيما يقول .
كما ولا يكون ديدن إبداعه الإهتمام بالمبنى على حساب المعنى .
بل يجب عليه أن يلجأ إلى التبسيط قدر المستطاع ، وانتقاء الأداة الأمثل والأقرب لتوصيل فكرته أو فحوى مقاله ..
وهذا ما لا نلاحظه بخاصة عند أولئك الدعاة و الشيوخ من المُتكلمين المَهرة ، والمُفوهين من ذوي الذواكر النشطة في النحو والصرف ، المُنْضَوين بعاقليتهم تماماً تحت عباءة فكر التراث الديني ، أو المُستسلمين لحقائقه المُقدّسة المُطلقة .
وكذلك لدى كثير من الكتاب الفقراء المُعادين للحداثة من أرباب الثقافة الدينية المُسيطرة على أكثر من رجاء في المشهد الثقافي المشرقي ..
مع التأكيد طبعاً ، على أنّ التعبير الدقيق عن المسائل الصعبة بلغة سهلة ، ليس دائما بالأمر الهيّن أو المُمْكن . وذلك لأسباب كثيرة أبسطها :
- ربما بسبب كون فيض الأفكار في وعي الإنسان أوسع من أية لغة منطوقة
- أو ربما قد يكون أحياناً التعبير السهل الدقيق أمراً معقداً وعصياً على بعض الأفهام العادية ،
خاصة تلك التي تعاني من عجز على التجريد والتعميم ، أو ليس لديها القدرة على التمييز بين الخاص والعام ، أو استيعاب عميق المفاهيم بما فيها الحدود والتصورات .. الخ
وهي بالطبع قدرات ومواهب لا يتمتع بها كل الناس كما هو معلوم ، باستثناء قلة من العقلاء والمُفكرين الجيّدين ، من الذين يعرفون حقاً ما يريدون إيصاله من أفكار يفهمونها جيداً ، ويحوزون على مواهب ذاتية تمكنهم من أن ينقلوها للآخرين عبر بيان واضح وعبارات بسيطة سهلة وعميقة ..
بكلمات أخرى :
كثير من الذين يتكلمون الى الناس من فوق غيوم اللغة ، وتجدهم ينثرون طلاسم كتاباتهم من علياء تعقيدات تشكيلاتها اللغوية ، ويُصرّون في حضورهم المعرفي على هندسة الصور البيانية في قولهم ومقالهم ، أو تراهم يهتمون في ديباجاتهم، فقط على ذرّ بيان النحو ، أمام أعين سامعيهم ، وتخدير افهامهم بمقعر القول ..
هم في الحقيقة قاصرون في الفهم ، دجّالون في الفكر وعيّارون في الثقافة ، وتراهم - غالباً - مُستلبون بأساليب عقائد وأيديولوجيات عفّ عليها الزمن ، يريدون تجميلها وتسويق رزيّاتها ، ولذلك هم يسعون عبر سطوة اللغة وفرض رهبة تقديسها ، للتأثير على القارئ أو السامع لا تنويره أو توعيته ، و لا يعنيهم في الواقع مساعدة فهمه للاقتراب قيد أنملة من أية معرفة علمية حقيقية يُعْتَدُ بها .
للحديث بقية ..
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السؤالُ المُحَرّمْ ..!
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (3)
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)
- أفكار أولية حول مفهوم - الطَرَبْ -
- ما هي الفلسفة .. ؟ (3)
- ما هي الفلسفة ..؟ (2)
- ما هي الفلسفة ..؟ (1)
- على هامش الفلسفة ..
- عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..
- لماذا يحاربنا العالم ..؟!
- تعلم الداعشية في خمسة أيام .!
- المسلم العلماني والمسلم الأصولي
- موتى على قيد الحياة ..
- شواهد - مزعل المزعل (2)
- شواهد - مزعل المزعل
- الحظ أم القداسة ..؟!
- أفكار في فلسفة الفن ..
- ماذا بَعْد .. ؟!
- ليس بعيداً عن السياسة ..
- لا تُصَدْقي أَنّي كَبُرْت ..


المزيد.....




- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - وباء لغوي ..