أمٌّ محتارة
تبحثُ عَنْ خِرْقَةٍ مُمَزَّقة
تقمِّطُ رضيعَهَا
حلمٌ ينمو بينَ جنباتِهِ الكوابيس
رؤى مهروسة ..
غارقة في البكاءِ
حزنٌ من لونِ قتامةِ القبورِ
حزنٌ يضاهي حجمَ المجرّات
كيفَ تتحمَّلُ أيُّها الإنسان
كلّ هذا الاحتراق؟
غرقَت خشبة الخلاص
احترقَت وجنة الصباح
قبّة الليلِ والنهارِ
احترقَت أجنحة الهواءِ
في عزِّ الحضارة
هل ثمَّة حضارة؟
تَبّاً لكِ ياحضارة!
لماذا لا يلملمُ الإنسانُ
حبيباتَ الفرحِ
ويرشرشُهَا فوقَ رؤوسِ الحمامِ؟
هلْ مازالَ تحتَ قبّةِ السماءِ حمام؟
آهٍ .. من حلاوةِ الروحِ تاهَ الحمام.
جَفَلَتِ القنافذُ هاربةً
من خفافيشِ الأرضِ
من غدرِ الثعالبِ
من رجْرَجَاتِ الصخورِ المنجرفةِ
فوقَ أجنحةِ الفراشاتِ
كيفَ تقاومُ أجنحةَ الفراشات
الشرارات المندلقة
من حلقِ طيشِ الطائراتِ؟
ثمّةَ أسئلة عديدة
منبثقة من واحاتِ المخيّلة
تُجِْفلُ أسرابَ العصافيرِ!
ترتعدُ خوفاً قممُ الجبال ِ
حتّى أعماقِ الصحارى
لم تنجُ من جموحِ الشظايا
آهٍ .. أينَ أنتَ يا أمان؟!
لَمْ يبقَ على أجنحةِ
فراخِ الطيورِ زغباً
فرّت القبَّراتُ بعيداً
الروح عطشى ..
فسحةٌ ضئيلة مِنَ الْفَرَحِ
فسحةٌ صغيرة لأسرابِ الهداهدِ
أينَ المفرُّ مِنْ وَمْضَاتِ البكاءِ؟
ثمّةَ خيطٌ حارقٌ
يتغلغلُ في تجاعيدِ الحلمِ
يريدُ العبورَ
في غاباتِ الذاكرة البعيدة
خيطٌ مشتعلٌ بالجمرِ
يعصرُ ظلالَ القلبِ
غير مبالٍ بدموعِ الروحِ
المنسابة فوقَ خدودِ الليلِ
خيطٌ غير مرئي
يعبرُ جنباتَ الليلِ
خيطٌ كثيفُ الشراراتِ
يحرقُ دونَ رحمةٍ
قرونَ غزالةٍ برّية! .... ...... ....... يُتبَع
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خطّي مع الكاتب. ستوكهولم: كانون الثاني 2003
صبري يوسف كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم