أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 6174 - 2019 / 3 / 16 - 20:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفكر هو : الماكنه والوقود والسكه
لا يمكن ألا أن نعتبر الفكر داينمو الحياة , والوقود الذي يحرك ماكنتها , والمخرج لكل فصولها , والمحرك لكل صراعاتها , والناشر لسلامها,والمؤسس لحروبها والمنشأ لسعادتها والخالق لأحزانها.الفكر هو صانع التاريخ. هذه الأهميه للفكر هي من جعلته يحتل موقع المركز في دائرة الحياة , وطبيعة هذا الفكر هو من يصبغ لون الحياة , فمثلآ الفكر المتوحش هو من حرك نوازع القتل لدى جنكيزخان , وهولاكو , وهو من حرك أرادة الشر فيهم لأحتلال بغداد وحرقها ورمي مكتباتها في دجله , وهو من دفع هتلر بأعلان الحرب العالميه الثانيه والتي ذهب ضحيتها مابين 62-78 مليون أنسان , أنه الفكر النازي العنصري, كما هو الفكر أيضآ الذي يدعو الى اللاعنف على يد غاندي , وهوالفكر الذي جاء بالرسالات السماويه على يد الأنبياء ( وهنا أعني مبادئ السماء التي هي الهيه), وهو كذلك الفكر الذي أسس للعلم والتكنلوجيا في حياة بني البشر , بالأضافه الفكر هو الذي أتى بداعش وهو الذي أتى بالأم تيريزا , كما أن الفكر هو من أنشأ الأشتراكيه وجاء بالرأسماليه . الفكر هو من صنع المجرمين , وهو من صنع الشهداء والحواريون. أنه هو من صنع الحرب والسلام, التقدميه والرجعيه, النصر والهزيمه, النور والظلام . يتضح مما سبق أن الفكر هو سبب تلوين حياتنا بكل الوانها الكئيبه والسعيده, أنه أس كل الحضارات التي أنبثقت عبر التاريخ الآنساني.
أن ما نعيشه من فوضى على سطح كوكبنا الأرضي هو نتاج أيضآ لفكر يدعى باليبرالي والذي يقوده خاصه المحافظون الجدد في أمريكا. هذا الفكر الذي نظر له الباحث فرنسيس فوكوياما في كتابه صراع الحضارات , وصاموئيل هنتجتون في كتابه نهاية التاريخ . هذه الأفكار التي أعطت الحق للفكر اليبرالي بأجتياح الأفكار الأخرى وأستباحتها , وهذا هو السبب الحقيقي للسماح للغول الأمريكي في فرض أرادته على العالم , محاولآ أخراج كل المدارس الفكريه من مسرح الحياة العامه والسماح لها فقط بالتواجد على رفوف المتاحف , وهذا هو سر الصراع العالمي اليوم , وسر أندلاع الحروب وسقوط آلاف الضحايا والتي تصل الى الملايين من البشر. أن ما عشناه من حروب مسلحه وبارده قادتها أمريكا اليبراليه ضد المنظومه الأشتراكيه هو بسبب تصارع هذه الأفكار وتصادمها , وما نعيشه اليوم من حروب بالشرق الأوسط لا تخفى بواعثها ذات الصبغه الفكريه ,.هذه الحروب التي تلونت بلون الحروب المسلحه كما في حروب الخليج الأولى والثانيه , وفوضى الربيع العربي , ومن الواضح أن الأمر لم ينتهي بل سوف يأخذ الوان وأشكال مختلفه وهذا ما يفسر حالة الفوضى العارمه التي تشهدها شعوب الشرق الأوسط خاصه والعالم عامه , أنه صراع الأفكار بأمتياز.
مما تقدم يمكننا التركيز على أهمية الفكر ومدى علاقته بما يحدث من تطورات على صعيد الفرد والمجتمع والدوله والعالم.ونحن كمسلمين منا من يعيش في بلداننا الأسلاميه ومنا من يعيش في دول العالم التي تنتمي فكريأ لأنظمه مختلفه في قوالبها وقواعدها الفكريه ,فالأسلام لم يترك المنتمي اليه في حاله سائبه ,بل حدد له مسارات يستعين بها في مسيرة حياته , ويتحرك ضمن أطار مبادئه , وهي من حددت له خصوصيته والآيه القرآنيه تشير (وأن هذا صراطي مستقيم فأتبعون ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله...) كما أن الأسلام يشير الى من ينتمي له أن يضع هدف لكي تكون حركته قصديه حتى لا يقع في مستنقع الفوضى فقال (وأقصد في مشيك...) وهذه القصديه المشار اليها لايمكن أن تكون بغير فكر يساهم في صناعتها ويوضح ملامحها, لذلك تكون القصديه من ضروريات العمل سواء على مستوى الفرد أم الدوله , ولا دوله بدون فكر سياسي ولا جيش بلا عقيده قتاليه , ولا مصنع أو شركه بدون فكر أقتصادي , حتى العائله اذا لم يكن هناك فكر يقدس الرابطه العائليه ويحترمها سوف تتعرض للأنهيار , وهذا ما يتوضح من واقع انهارت فيه الأفكار النبيله وزحفت عليه ألأفكار الفرديه اليبراليه.
أننا لا يمكن أن نفصل سلوكنا الشخصي ولا الأجتماعي ولا السياسي سواء كان وطنيآ أم دوليآ من الأفكار التي تتبناها هذه الوجودات المذكوره,فلو تتبعنا ميكانيكية وأثر كل حركه لوجدنا هناك باعثآ فكريآ تدفع هذه الوجودات الى هذا السلوك أو ذلك. فمثلآ أن ما تدعو اليه بعض الوجودات الى التطور التكنلوجي يكون الباعث لها الأندفاع ,هو أيمانها بضرورة التطور وأيجاد كل الوسائل التي تسهل حياة بني البشر وزيادة الأستمتاع من الطبيعه وتوفير كل ما هو ممتع للأنسان أملآ بتقليل معاناة الأنسان في الحياة , كما هناك أفكار تدفع بالأنسان الى فتح النار على أخيه الأنسان بدوافع ترتكز على مبادئ منحرفه قائمه على فكر عدواني . كثيره هي السلوكيات التي ظهرت تعبر عن معتقدات معتنقيها وتكشف عن طبيعة أفكارهم من مثل مجموعة الهيبز في سبعينات القرن السابق , وعبدة الشيطان . هذه المجموعات وراءها أكيد أفكار حملت المؤمنين بها على هذه السلوكيات وهي أفكار تتصف بالامبالاة والفضويه والبحث غن اللذه , كما هناك أيضآ أفكار من جانب أخر يدعو متبنيها الى قدسية الأمه والتماهي بها الى حد الأستشهاد من أجلها كما هو حاصل مع مقاتلي التاميل ذوي الميول الأنتحاريه في سريلانكا , وأصحاب الفكر النازي الألمان , ومنهم طياري (الكاميكاز) اليابانيون الأنتحاريون , وفي وقتنا الحالي تتمثل في الظاهره الداعشيه والطالبانيه الذين يؤمنان بالتفجير الأنتحاري من أجل تحقيق هدف الوصول للجنه كما يعتقدون هم . يتضح أن كل هذه السلوكيات العنفيه والسلميه , البناءه والهدامه ترجع في أصلها الى أفكار تؤسس لهذه السلوكيات , وهذا ما نريد أن نؤكده , وهو أن كل فعل مهما صغر أو كبر ومهما كان راقيآ او متسافلآ أساسه الأفكار.
لو دقننا في أحداث تاريخيه تركت بصماتها على تاريخ العالم من مثل ظاهرة البحث عن الذهب في أمريكا الشماليه واللهث وراء المال والثراء , لوجدنا الفكر الليبرالي هو من أطلق العنان لمجاميع البحث هذه والتي كان من نتائجها أجتثاث الشعب الأصلي (الهنود الحمر) , كذلك هو الحال عند أستعمار أفريقيا وخضوعها لعبودية المستعمر الأوربي , ألم تكن فكرة الأستعمار هي نقطة الأرتكاز لهذا العمل وهو الفكر الرأسمالي الذي يقوم على فكرة أستغلال الدول ومصادرة ثرواتها وأستعباد شعوبها. من المهم لكل ما سبق من تفسير لأحداث وسلوكيات ينقلنا هذا الى تفسير ما يحدث في مجتمعنا من سلوكيات مستحدثه وطارئه عليه, هذه السلوكيات المتمثله بتعاطي المخدرات , وحالات السطو المسلح وأنتشار الرذيله بكل صنوفها ,لم يأتي أعتباطآ ولا يمكن أقتلاعها بالقوه الشرطويه والأمنيه لأنها سلوكيات سبقتها أفكار روجت لها ومهدت لمقبوليتها بالمجتمع . طبعا ليس بالضروره أن تكون هناك أفكار فلسفيه تقنع الشباب بتعاطي المخدرات بل هناك أفكار فوضويه غريزيه تداعب غرائز هؤلاء الشباب وتزوق لهم هذا السلوك ممنيه لهم بمشاعر الراحه والأسترخاء , كما يكون الى جنبها أفكار تغريهم بكسر كل القيود الدينيه والأجتماعيه بدعوى أنها أمور عفى عليها الزمن ولا تلبي حاجة الأنسان الحديث , كما أنها قيم من وضع أجيال أنقرضت ولها أسبابها الأجتماعيه والتاريخيه التي لم تعد موجوده الآن . من الملاحظ هناك دور نشر نشطه , وجيوش الكترونيه فعاله بالعزف على هذا اللون من الفكر في محاوله دؤبه الى نشره بين أوساط الشباب , وما موجة الألحاد في الأونه الأخيره الا أحد نتاجاتها , وهي مقدمه ضروريه للنزوع الفوضوي في المجتمع . أن فلسفة المحافظون الجدد في أمريكا قائمه على أبادة الحضارات تحت دعوى صراع الحضارات والسعي للوصول الى نهاية التاريخ التي بشر بها فلاسفتهم (فوكوياما وهنتجتون). حصيلة القول أن فقدان وعينا بفكرنا الأسلامي الحضاري , وبكل ما هو علمي وأنساني , هو ما يجعلنا مطيه للأمريكا للسير نحو نهاية التاريخ التي زعموها ليسقط العالم بين أيديهم ويكونوا هم أسياده.
أياد الزهيري
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟