عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 6169 - 2019 / 3 / 10 - 10:35
المحور:
الادب والفن
قلتُ لها :
اشتقتُ لعقليَ القديم
وحُبِّيَ القديم
وشوقيَ القديم
وبيتيَ القديم
اشتقتُ يا حبيبةُ
للماءِ والزَّرعِ والطِّين !
اشتقتُ للشِّتاءِ القديم
ومواقدِ الحطبِ
واشتقتُ لطفولتيَ المجنونة
والشَّوارعِ الضَّيقة
وبكاءِ سنابلِ القمحِ
بين أنيابِ المناجل !
اشتقتُ للقفزِ عن الأسوارِ العتيقة
لأقطفَ عناقيدَ العنبِ
وحبَّاتِ التِّين !
اشتقتُ لشقوقِ الجدرانِ في البيوت
لأختلسَ النَّظرَ
إلى قوامِها الرَّشيق
اشتقتُ إلى النَّصبِ
على أُمِّي أو جدِّي
لأخرجَ بخمسةِ قروشٍ
أو عشرة !
ما زلتُ يا حبيبةُ
أحنُّ إلى الوقوفِ أمام بابِ قِنِّ الدَّجاج
لأخرجَ ببيضةٍ أو بيضتينِ
اشتقتُ إلى كلِّ هواياتي :
سرقةِ الدَّجاجِ
والبطيخِ والشُّمامِ
والمِشمشِ والعنبِ
واللوزِ والكرزِ
والأزهارِ وقلوبِ العذارى
ومغازلةِ طالباتِ الصفِّ السَّابعِ
والثَّامنِ والتَّاسعِ والعاشر !
اشتقتُ إلى الكتابةِ على الجدرانِ
ورسمِ قلوبِ الحبِّ
على جذوعِ الأشجارِ
اشتقتُ إلى اللَّعبِ في الحاراتِ
وبينَ الشَّوارعِ
أحملُ بيدٍ رغيفَ خبزٍ باللَّبن
وباليدِ الأخرى
رأسَ بصلٍ أخضر !
اشتقتُ لأُمِّي
ولسَلطةِ أُمِّي
وملفوفِها
وعدسِها
وفولِها !
اشتقتُ لمناسفِ البُرغلِ والجميد
( لأذانِ الشَّايبِ )
( وكبابِ البرغلِ )
والمجدرةِ
وصواني فرنِ الطَّابونِ !
واشتقتُ لعقالِ جدَّي
وعباءةِ جدَّي
وخيلِ جدَّي
وقهوةِ جدَّي
وغضبِ جدَّي !
اشتقتُ إلى البيادرِ والحقولِ
اشتقتُ إلى تعاليلِ الأعراسِ والسَّمر
اشتقتُ إلى الشِّبابة والنَّاي
والمجوزِ والدَّبكةِ الشَّعبية !
اشتقتُ إلى القُفَّةِ والمِعجنِ والغربالِ
وإلى العلاجِ باليانسونِ والنَّعنع
والكيِّ بالنار !
اشتقتُ لكلِّ هزائمِنا
ومعارِكنا الوهميَّةِ !
واشتقتُ إلى إذاعةِ صوتِ العربِ
وأولِّ قمَّةٍ عربيَّة !
اشتقتُ لكلِّ الزُّعماءِ القُدماءِ
من جمالِ عبدالنَّاصرِ
إلى محمد السَّابعِ عشر !
واشتقتُ إلى العروبةِ والقوميَّةِ
وإخوانِ الصَّفا
وعلي بابا
والأربعينَ حرامي !
اشتقتُ إلى المدنِ العربيَّةِ
إلى بغدادَ حين كانت بغداد
إلى الشَّامِ حين كانت الشَّامِ
إلى صنعاءَ حين كانت صنعاء
إلى القدسِ حين كانت القدس
وإلى بيروتَ حين كانت بيروت !
واشتقتُ كثيراً كثيراً لجزيرةِ العربِ
حين كانت ذاتَ يومٍ للعربِ !
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟