أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2














المزيد.....

تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 23:11
المحور: الادب والفن
    


بينما كان " جانكو " يجلسُ عند سدّة بائع السمك، يُمضي الوقتَ مع أفكاره، كانت حركة السوق تزداد ويُفرغ المتسوقون الصناديقَ الخشبية من ثمار البحر الطازجة، وبعضها كان ما فتئ حياً يتلاعب بقوائمه ذات اللون المائل للحمرة. أنواع المحار هذه، ألِفَ التاجر الدمشقيّ مذاقها، وذلك بفضل صحبته لأسرة القبطان بالدرجة الأولى. وفي التالي، عليه كان أن يعتاد أيضاً على المشروبات الروحية، لدرجةٍ جعلته في تعارض مع فريضة الصلاة بأوقاتها الخمس. حينَ جالت الفكرة الأخيرة في رأس تاجرنا، تنهّد رامياً بصره إلى السماء، موقناً أنها تراقبه بعين السخط والتوعّد. في حقيقة الحال، أنه كان يلهي همومه بالخمر ـ كما هوَ شأنُ صديقه القبطان في أوان رحلاته البحرية الطويلة، بعيداً عن جسد شركة الحياة.
همومه، لم تكن محصورة في مشكلة البضائع حَسْب. بل ولعل هذه، كانت أهونَ عليه من المشاكل الأخرى. همّ القلب، الموزع بين فتاةٍ ملك يمينه وسيّدةٍ يشعر بالخجل لمجرد التلميح لشخصها؛ هكذا هم، نحاه جانباً مع تنهيدةٍ عميقة قلّصت عضلات وجهه. ثم أفاقَ نوعاً من شروده، بانتباهه لصوت الفتى المطلوب وهوَ يتكلم مع المعلّم. هذا الأخير، وكان قد سبقَ وملأ صندوقاً خشبياً صغيراً بالثمار البحرية المتنوعة، ما لبثَ أن خاطبَ زبونه عالي المقام، بالقول: " أسيدي، طلبكم جاهزٌ وسيمضي الولد معكم إلى الدار ".
في خلال الطريق إلى المنزل، عادت الأفكار تتناهش ذهنه وتسلّمه للقنوط والإحباط. لو أنّ طبعه أقلّ وسوسة، لكان حرياً به أن يشكر الرب؛ هوَ التاجرُ الغريب، المعرّف بالوجاهة في مجتمع موغادور الراقي ولمّا يمضِ على إقامته فيها الأشهر الستة. لقد أسبغت عليه العناية الإلهية ألطافها، مذ لحظة إبحاره من جبل طارق بمعيّة الرابي والزعيم القبليّ البربريّ؛ هذين الذين، بدَورهما، سيمدان إليه يدَ العون سواءً عن نية صافية أو مبيّتة. إلا أنه وإن لم يأتِ إلى السلطنة المراكشية لأجل التجارة، فإنّ التوفيقَ كان من نصيبه حتى الآنَ. هذا، برغم كون صنعة الأثاث هيَ مهنته مثلما نعلم. بلى، لقد تجشمَ مشقة الأسفار والأخطار في سبيل مهمّة مقدسة. فلما استقر حاله هنا، وصار في الوسع الاطمئنان لنجاح المهمة، فإذا برسالة تصله من وراء البحار محمّلة برائحة الموت، حال الريح الأصفر.
يوم أمس، سلّمه المسئولُ عن التلغراف ( وهيَ خدمة جديدة كل الجدّة في السلطنة العلوية ) رسالة من ابن عمه، " بهزاد "، وكان مظروفها مرقّشاً بطابع بريد عليه ختم الجزيرة الرومية. من تمزق جانبٍ من المظروف، فهم " جانكو " ولا ريب أنّ عيون المخزن قد جالت بين السطور، الممتلئة بالأحرف العثمانية. ولكن المرسل كان أكثر حرصاً، وذلك عن طريق استعمال أسلوب التورية في نقل الخبر. سوى أنه أسلوبٌ كان لا يعيبه شيئاً سوى هذا الإبهام نفسه، المنتقل بالطبع إلى المُرسَل إليه ليسبب قلقه وتبلبله: " من الأنباء المتداولة في جزيرتنا، ووجدت لها صدى في الجريدة المحلية، أنّ جلالة السلطان استدعى شيخنا، رئيس التجار، وكان من المقرر أن ينعم عليه بفرمان يسمح له بالعودة إلى موطنه وحيازة أملاكه كاملة غير منقوصة. بعد الإنعامات السنّية، والوداع الرسميّ الحافل في مرفأ تخت السلطنة العلية، ركبَ شيخ التجار باخرة حربية كان المفترض أن ترسو في بيروت كي ينتقل منها براً إلى مدينته. بيد أنّ شهراً كان قد مضى على الإبحار، ولم تصل تلك الباخرة إلى مقصدها، لتنتشر شائعة عن بقاء شيخنا في الآستانة محتجزاً بأمر الباب العالي. وقيل في تفسير ذلك، كون الشيخ اشتط بمطالبه في حضرة جلالة السلطان مما استدعى الشكوك والظنون حول حقيقة مأربه ". ثم تنتهي الرسالة بكلمات التمنّي لابن العم بالتوفيق في مستقره الحاليّ، على ألا يفكّر ولأجل غير منظور في العودة إلى الجزيرة الرومية أو حتى للديار الشامية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السابع
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 10
- أسطورة آغري لياشار كمال؛ الملحمة ومصادرها
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 5
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 4
- تاجرُ موغادور: الفصل السادس 3
- تاجرُ موغادور: مستهل الفصل السادس
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 9
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 8
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 7
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 6
- تاجرُ موغادور: الفصل الخامس 5
- الرسالة
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 4
- تاجر موغادور: الفصل الخامس 3
- تاجر موغادور: مستهل الفصل الخامس


المزيد.....




- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تاجرُ موغادور: الفصل السابع 2