أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد فيصل السهلاني - السجناء السياسيين بين ظلم النظام السابق وسوء أداء حكومات مابعد التغيير.















المزيد.....

السجناء السياسيين بين ظلم النظام السابق وسوء أداء حكومات مابعد التغيير.


عبد فيصل السهلاني

الحوار المتمدن-العدد: 6165 - 2019 / 3 / 6 - 13:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السجناء السياسيين
بين ظلم ألنظام السابق وضعف أداء حكومات ما بعد التغيير..
تتعرض شريحة السجناء السياسيين وقوى إجتماعية مختلفة من المجتمع العراقي، تبنت في حينها راية المعارضة ضد الديكتاتورية السابقة، وقدمت شهداء وسجناء ومحرومين بسبب هذا الموقف، حتى وصلت أحيانا إلى تبني اشكال المقاومة المسلحة البطولية، هذه الشريحة الواسعة جدا، والتي اصبحت بالفعل واسعة بسبب تمدد الاستبداد على مساحة زمنية طويلة في تاريخ البلد، وتجاوز هذا الاستبداد حدود الدولة العراقية من خلال ملاحقة المعارضين الهاربين الى خارج البلد، من خلال رفضهم لسلوك الديكتاتور وعدم توفر اي فرصة للعيش داخل البلاد وممارسة اشكال المعارضة في الفكر والرؤى. تتعرض الآن لهجمة إعلامية غير منصفة ابدا.
لقد دابت أغلب الانظمة العربية الراديكالية التي تبنت الفكر القومي لقيادة بلدانها وتأسيس أنظمتها، خلال فترة القرن العشرين على إجبار المعارضة المعتدلة للجوء الى اساليب العنف والطرق المسلحة في رفضها لهذه الانظمة، وبذلك منحت هذه الانظمة نفسها التبرير لقمع اي فصيل سياسي معارض حتى ولو سلميا، ومارست الاعدامات والسجون والتغييب وغيرها من هذه الادوات لاجهاض اي نفس معارض، وشمل هذا الاسلوب قيادات ذات مكانة وقدرة داخل أحزابهم، وأقاموا حفلات الموت والاعدام والقتل الممنهج للجم كل صوت معارض او منافس للقائد الضرورة.
وهذا التكتيك على ما يبدو هو ظاهرة تاريخية تعززت بصورة عميقة في نفسية القائد الفرد الشرقي.
إن جنوح الحزب او القائد الفرد الى إستخدام الحكم الظالم في إدارة البلد وكما هو واضح في الحالة العراقية، يؤدي الى طريقين، الاول هروب الكفاءات الحزبية والسياسية، مما يؤدي إلى فراغ الساحة الحزبية من القيادات التي يمكن ان تمنع جنوح الفرد الاوحد للسياسات الديكتاتورية، والامر الاخر هو تعمق روح الانطواء او القبول وعدم جدوى المعارضة، وبذلك يتحول الشعب والجمهور بالاخير الى نوع من القطيع اويبدء بالرضا والاعراض عن سياسة القطيع الذي يقوده كبير القرون وبارزها والذي يرفض في مرحتله خروج من هو يمكن ان يكون حتى قريب من كفائته وقدرته، لذلك تمر الشعوب بمرحلة الخمول والتراخي وفقدان روح المقاومة والابداع والسبات طويلا في رتل جنائزي حزين، يبرر فيه الحاشية للقائد سلوكه ويضفون عليه ألالوهية في أكثر الاحيان ويبادرون لقمع اي صوت فيه روح العطاء والتفاني والاخلاص للقضايا الوطنية الكبرى. والامثلة في هذا السياق لا حصر لها، في مجتمعاتنا الشرق اوسطية.
إن اسوء ما يمكن ان تمر به الشعوب هو مبدأ القطيع والقائد الذي لا يخطأ وكثرة الناس الذين يبررون خطأ القائد ولذلك يصبح جسدا مريضا تعشش في انسجته كلها البكتريا والجراثيم الاجتماعية الميمته من قوى إنتهازية ووصولية هدفها مصلحتها فقط.
في مثل هذه الظروف والحالات تتقلص المساحات البشرية والانسانية المناهضة والرافضة لهذا الاسلوب من الحكم، وبنفس الوقت تستطيع الانظمة والقادة المعصومين من الخطأ إستغلال ابشع واقسى واعنف الممارسات في الحكم للقضاء على الخصوم.
في حالة العراق، ولاسباب كثيرة توافرت كل هذه العناصر في الحكم السابق، تسلط حزبا ذا نفس قومي عروبي إنحدر تدريجيا نحو ممارسة القيادة الفردية الدموية ومن خلال الآلية الحزبية صعد الى قيادة هذا الحزب رجل يخلو من السلوك الانساني السوي في كل مراحل حياته ويعاني من عوامل نقص نفسية وتربوية، ويحمل بداخله النزعة الدموية والتفرد وبنفس الوقت الانتهازية في إقتناص الفرص، وبسبب استخدامه العنف المفرط حوٌل قطاعات كبيرة من المجتمع الى الرضوخ والانصياع والانسياق وراء ما سمي القائد الضرورة او الاوحد وما شابه من القاب العالم الثالث ودول المجتمعات الشرق اوسطية الحالية.
وبسبب الوضع الدولي والاستقطاب بين المعسكرين الشرقي الاشتراكي والغربي الراسمالي، انتهز القائد الضرورة إستغلال المواقف التي تنفع فقط بقائه في رئاسة الحكم دون مصلحة شعبه وبلده.
وما زاد في الطين بلة إستمرار حكم هذا الفرد وهذا الحزب فترة زمنية طويلة، حتى ترسخت مفاهيمه وقيمه وأخلاقه في الحكم، وأصبح مبدأ ( امشي بسد الحيطة) (شعلية) (خلينا نعيش) (للحائط آذان)هي المبادئ السائدة في الغالب على قطاعات واسعة من الناس، بحيث أصبح المعارض والمعارضة ظاهرة مسيئة لديهم.
في رغم كل هذه الظروف والمعطيات وأدوات القمع الواسعة التي شكلت ركائز النظام السابق، انبرت نخب ثورية عظيمة، أخذت على عاتقها موضوعة المعارضة بكل أشكالها من أجل إسقاط هذا النظام ومنعه من ارتكاب الجرائم بحق الشعب العراقي، وهذه النخب والمجاميع كانت من كل شرائح المجتمع، يسارية واسلامية وقومية، وكما قلت مسبقا فقد اضطرت هذه النخب الى اللجوء اولا للعمل السري وثانيا الى استخدام كل الوسائل من اجل حماية نفسها من شدة البطش وعنف الاجهزة الامنية. وخلال فترة امتدت لاربع عقود من هذا الحكم الجائر، شملت دائرة الاعتقال والاعدام والتغييب والسجن لمدد طويلة شريحة واسعة من العراقيين، وكانت دهاليز واقبية السجون وسجن ابو غريب تتملئ بهؤلاء الوطنيين العراقيين المعارضين، مما كان يضطر النظام الى استصدار قوانين العفو والتي في اغلبها كانت تقتصر على نماذج معينة وتستثني المناضلين والمجاهدين الحقيقيين، وبلغت ذروتها بعد الانتفاضة الجبارة في نهاية حرب إحتلال الكويت، ففي هذه الفترة بالذات بلغت عمليات الاعدام الجماعية ذروتها بحيث كانت مكائن الحفر تشق الارض ليرمى فيها اجساد الثوار المنتفضين ضد هذا الطاغية ونظامه القمعي.
بعد تغيير النظام في 2003 والانفتاح الديمقراطي والحريات التي حصل عليها الشعب العراقي، برزت اما السلطات القابضة على زمام الامور مشكلات، من اهمها كيفية معالجة الارث القمعي ومخلفاته الانسانية التي تركها النظام السابق، وبشكل خاص ماهي الامور التي يجب معالجتها اولا وكيفية التعامل مع قوانين العدالة الانتقالية التي توصل وتحقق موضوعة المصالحة الاجتماعية والسياسية، والعديد من عناوين هذه المرحلة.
حسب تقديري ان الطبقة الحاكمة وبصورة خاصة بعد مرحلة بول برايمر اخفقت في حل هذه الملفات ومن بينها ملف التعاطي والتعامل مع هذه الشرائح الواسعة من حيث التعويض المعنوي والمادي ومعالجة الاضرار الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع بسبب هذه السياسات، وبسبب الارادة الطائفية والسياسية الحزبية البحتة للتعاطي مع هذا الملف إستغل الطابور الخامس الوصولي هذه السياسة واعتمد مسألة الخلط بين الملفات المتعددة في إرث النظام هذا وجعلها في تعارض مع مصالح الوطن والشعب، وخاصة الخلط بين مفهوم السجين السياسي المعارض للنظام والذي يحمل فكرا ويعمل من خلال تنظيم وإرادة منهجية، ولديه اهدافا واضحة في موضوع المعارضة والتصدي لسياسية القمع والارهاب، وبين شرائح اخرى ذات اشكال أخرى صممها ووضع لها اسس قانونية، مثلا ملف التهجم على الرئيس وعائلته، مسالة الهروب من الخدمة الالزامية، مسالة أداء الطقوس الدينية وتحريمها، وتجاوز الحدود، وصولا الى ما سمي بالحملة الايمانية في منتصف تسعينيات القرن الماضي. وملف النازحين والمهجرين والمغيبين، كلها ولربما غيرها الكثير وضعت مرة واحدة أمام سلطة ليست ذات خبرة وليست ايضا مطلقة اليد بإتخاذ القرار.
ولنتيجة لكل ذلك ولاسباب ذاتية تخص شريحة السجناء انفسهم، حيث إنعدام وحدة كلمتهم، وتوزعهم على جغرافية أحزاب شتى، وحتى قوميات، وطوائف متعددة، لم تستطع السلطات إرضائهم لا معنويا ولا ماديا، ولما وجدوا انفسهم مهددين بمستحقاتهم وحقوقهم المادية، اصبحو الان ناقمين على سير العملية السياسة بصورة كبيرة، وبسبب نقمتهم هذه اصبحوا هدفا للتشويه من قبل الاعلام الاصفر وبقايا النظام القمعي السابق من خلال تسريب جهات معينة بالدولة لملفات ليس للسجين السياسي بها لا ناقة ولا جمل ولا علاقة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد. ففي الوقت الذي كان من المفروض استمرار احترام الجماهير لهم وتقدير تاريخهم وكفاحهم وعطائهم الكبير وتضحيات الشهداء، اصبحو من وجهة نظر جماهيرية متحاملة وكأنهم جزء من آلة الفساد والفشل وهم المسؤولون عن تردي كل الاوضاع بالعراق.
ومن الغريب ان نجد لجنة الشهداء والسجناء التي وجدت وأسست وشرعت لها القوانين من اجل الدفاع عن هذه الشريحة ولاسباب وأرادات سياسية وانتخابية ظلوا كل الوقت ومن خلال تعديلات غير ملاحظة يحشون مؤسسة السجناء وقانونها بتشريعات غير واضحة ويدفعون بإدخال شرائح إجتماعية ليس لها علاقة بمفهوم السجن والاعتقال والمعانات ولا تتطابق ومعايير السجناء اصحاب الرأي والتنظيمات الحقيقية المجاهدة والمناضلة، في المؤسسة وفي قانونها، كما ان عدد من البرلمانيين إصطفوا مع الحملة الظالمة هذه التي تشنها الاجهزة الاعلامية اليوم، بحجة وتبرير الفساد الذي سببته هذه الشرائح ومسألة هدر المال الوطني، وغيرها من الحجج المعادية لروح وتأريخ السجين السياسي، ضمير الامة وتأريخها المشرف والصادق، حيث جميع شعوب العالم التي مرت بمثل حالة العراق تضعهم في أماكن ومواقع التشريف والعرفان والشكر، وهكذا نجد شعبنا حاليا يدمر كل القيم وألاعراف التي تحفظ قيم المجتمعات الحية والواعية والتي تحترم تاريخها وإرثها الجهادي والنضالي.



#عبد_فيصل_السهلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقد التنظيمي للاعلان المدني
- الادارة الامريكية المتوحشة.
- الامة الرائدة
- الاعلان المدني
- تقاطعات الاحداث الاخيرة المتسارعة في المنطقة ( الحلقة الاولى ...
- تقاطعات الاحداث الاخيرة المتسارعة في المنطقة ( الحلقة الثاني ...
- مؤتمر جنيف الثاني- معاهدة اوباما -بوتين
- لدي حلم
- نقاشا على (عالم القطب الواحد وشعوبنا)
- العالم بالقطب الواحد وشعوبنا الى اين؟
- هل تعلم الحكام العرب من التاريخ . التجربة مع العراق
- الفساد في العراق ، فساد المفوضية المستقلة للانتخابات في العر ...
- منظمات المجتمع المدني وتكريم العراقيات المبدعات عبير السهلان ...
- من يجب ان يستقيل اولا وزير الداخلية ام رئيس الوزراء
- رئيس وزراء التسوية حكومة تسوية
- رسالة الى زعماء العملية السياسية في بغداد
- مؤتمر الشعب العرااقي الانتخابات الوطنية
- الانتخابات البرلمانية مسؤولية وطنية أم انتهاز فرص
- رسائل عيد رمضان
- خطوات في الزمن الصاعد ضوء في طريق التيار الديمقراطي


المزيد.....




- بـ-ضمادة على الأذن-.. شاهد ترامب في أول ظهور علني له منذ محا ...
- الشرطة العمانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين في إطلاق نار قرب ...
- مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين في إطلاق نار في العا ...
- 4 قتلى على الأقل بإطلاق نار في محيط مسجد بسلطنة عمان
- بضمادة في أذنه.. فيديو لأول ظهور علني لترامب
- بايدن: أنا صهيوني وفعلت للفلسطينيين أكثر من أي شخص آخر
- الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن مهاجمة سفينتين قبالة سواحل اليم ...
- إطلاق نار في مسقط يؤدي لمقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين
- قد تسكن البيت الأبيض إذا فاز ترامب.. من هي أوشا فانس؟
- أمريكا.. مديرة -الخدمة السرية- تكشف عن رد فعلها عندما علمت ب ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد فيصل السهلاني - السجناء السياسيين بين ظلم النظام السابق وسوء أداء حكومات مابعد التغيير.