|
الادارة الامريكية المتوحشة.
عبد فيصل السهلاني
الحوار المتمدن-العدد: 6161 - 2019 / 3 / 2 - 21:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرت البشرية بمراحل مختلفة من أنواع الحكم والامبراطوريات التي يكون لها سطوة ما على باقي البلدان وأقطار العالم المختلفة، سواءا بالقوة العسكرية اوالاقتصادية او حتى العلوم والتكنلوجية، وقد تسمى هذه الحقب اوالأزمنية بأسم هذه الامبراطورية او تصنف المرحلة التأريخية تلك بنوع السلطة التي تنتهجها تلك الامبراطورية العظمى. فقد سادت الامبراطورية الرومانية واليونانية والاسلامية العباسية والفارسية والمغولية وغيرها من الامبراطورية وكذلك بريطانيا العظمى وفرنسا واسبابنا وغيرها، وكل واحدة وصفت بنهجها في التعامل مع شعوب تلك المرحلة التأريخية في العالم، فمنها الدموية ومنها العلمية والتقدم التكنلوجي ومنها توسع الترجمة والاطلاع وعلى سبيل المثال، كان كل الطلاب الدارسين يتوجهون الى بغداد في العهد العباسي بحيث اصبحت قبلة العلماء والمهتمين بالعلم والادب. وبعدها سادت الامبراطورية العثمانية والتي سميت بالمرحلة المظلمة، لما سادها من ظلم وتخلف وتسلط، وبعدها جاءت المراحل الاستعمارية بشكليها العسكري والاقتصادي والثقافي، ولكنها جميعها اجمعت على موضوع واحد إفقار الشعوب وسلب ثرواتها. أما اليوم وفي نهاية العقد الثمانيني وشيخوخة الاتحاد السوفيتي، ثم نهاية مرحلة القطبين العالمين، كل من الاتحاد السوفيتي ودول شرق اوربا الاشتراكية من جهة، والغرب بكل دوله امريكا وبلدان اوربا الغربية اي القطب الاشتراكي والقطب الرأسمالي كما دأب الكتاب والسياسيين على تسميتهما، ومرحلة غزو الفضاء الخارجي، وتسارع وتيرة العلوم وما رافقها من إنفتاح إعلامي اي ثورة وسائل التواصل الاجتماعي وبروز نوع جديد من الوعي الجماعي الشعبي والانفتاح في الحريات الانسانية وحريات الشعوب وتزايد مطالبها في المشاركة في صنع القرار او نقد سياسة الانظمة الحاكمة ، رافق ذلك ممارسة بعض الانظمة الدولية الكبرى تستخدم العصا الغليظة ضد الانظمة الحاكمة في البلدان الاخرى وإجبارها على إتباع نفس النهج في الحكم، وكأنها تحاول وضع نسق معين لإدارت البلدان مهما كان نوع مجتمعها او تاريخه او شكل الصراع في داخله والقواعد في معاملة ابناء الامة الواحدة وكأنها عملية سوق لهذه ألمجتمعات سوقا، بإستغلال سواءا قدراتها الاقتصادية او العسكرية، وبذلك تفرض عليها نوعا من الحكم قد لا يتناسب ومراحل تطور ونشوء وتقدم هذه ألبلدان، مما يجعل الصراع بداخلها، صراعا دمويا عنيفا تسعى هذه إدارات التوحش الكبرى على تغذيته لمصالح أنانية إقتصادية وإستراتيجية خاصة بها دون الالتفاف الى مصلحة هذه ألشعوب ومراحل وعيها للمفاهيم السياسية وألفكرية وأشكال الحكم، وبصورة إنتقائية، وهنا يكون حظور الشركات الكبرى وبالذات شركات بيع الاسلحة هو القانون الفارض نفسه على التوجه السياسي في هذه البلدان لجني اكبر الارباح من ثروات هذه الشعوب. والولايات المتحدة بإدارتها الترامبية الحالية، نموذجا صادما لنوع هذه السياسة، الامبرليالية ذات الشكل الاعنف والاوضح عن سابقاتها في نوع التوحش، فقد منحت نفسها فعلا وقولا ومضمونا شرطي العالم، وأستخدمت كل الانياب لديها ووسائل التسلط، العسكرية والاقتصادية والتكنلوجية والاعلامية في صورتها البشعة، فكل دولة لا تحكم بالطريقة التي تتطلبها رغبة الادارة الامريكية الحالية يمكن ان تعتبر دولة مارقة او نظام حكم ديكتاتوري او حكم معادي لحقوق الانسان والحريات العامة. فتفرض عليه حتى تقبل المساعدات، وتفرض طريقة توزيعها، او عملية إدخالها، او هي اي الادارة الامريكية تفرض نفسها معلما في تشخيص علل هذه النظام او ذاك. فتتدخل في افغانستان تدخلا عسكريا وفي العراق وسوريا وليبيا، وتفرض نوع الاسلحة التي يجب ان تشتريها دول الخليج العربي، وتمنع بعضها من شراء اسلحة من الصين او روسيا او اوربا الغربية، او تفرض حصارا إقتصاديا على دول اخرى، ك ايران وروسيا والصين وتركيا، او تعلن خروجها من هذه الاتفاقية الدولية او تلك، كمنظمة العفو الدولية، او اليونسكو، اومعاهدة الاسلحة والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى واتفاقية حماية البيئة ......الخ من السلوك الامبريالي المنفرد مستغلة معاهدات واتفاقات وقعتها مع نهاية الحقبة السوفيتية مع غورباشوف ويلتسين الرئيسين المتواطئين مع السياسة الامريكية في وقتها. إن هذه السياسة تدلل على عقم سياسة القطب الواحد من جهة ومن جهة أخرى تدلل على ان الادارة الامريكية الحالية في تطورها السياسي تمارس نهج الدولة الامبريالية والاستعمارية من نوع جديد وتقود الى عملية سباق تسلح وتعطيل للاتفاقيات الدولية من أجل حماية العالم والبشرية من حرب مدمرة، وبنفس الوقت تؤدي بإنهارية منظومة القيم الانسانية، وتعطل الجهود التي تحاول ان تجعل من مؤسسة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي حقلا او موقعا صحيحا لاتخاذ القرارات الدولية المناسبة والمتناغمة مع حركة الشعوب ومواقعها في سلم التطور الاجتماعي الانساني. محاولة لوي ذراع التأريخ وتعطيل أدوات تطوره الاجتماعية او الاسراع بها والقفز على هذه الحلقات طريق يؤدي الى مزيد من الخراب والتدمير للبنى الاجتماعية لهذه الشعوب وضرورات تطورها ونموها الهادئ، بالرغم من أن بعض الانظمة السياسية في هذه الدول تمارس وسائل ضغط وعنف ضد شعوبها وهذا ايضا معروف، غير ان تمارس سياسة عدوانية من طرف دولة كبرى وبصورة إنتقائية هو اسوء كثيرا من ما هي عليه هذه الدول وتلك الانظمة وهو ليس الوسيلة الناجعة في معالجة هذه الانظمة وتحويلها إلى أنظمة ديمقراطية وتخدم شعوبها بطريقة تفرض عليها من الخارج. ليس هنالك لحد هذه اللحظة نظام حكم رشيد يرضي كل الناس ويلبي طلبات كل شرائحه الاجتماعية والعرقية والاثنية، وحتى نصل تلك المرحلة نحتاج الى الكثير من الوقت والصبر وإختبار الادوات الانجح في قيادة هذه الشعوب.
#عبد_فيصل_السهلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الامة الرائدة
-
الاعلان المدني
-
تقاطعات الاحداث الاخيرة المتسارعة في المنطقة ( الحلقة الاولى
...
-
تقاطعات الاحداث الاخيرة المتسارعة في المنطقة ( الحلقة الثاني
...
-
مؤتمر جنيف الثاني- معاهدة اوباما -بوتين
-
لدي حلم
-
نقاشا على (عالم القطب الواحد وشعوبنا)
-
العالم بالقطب الواحد وشعوبنا الى اين؟
-
هل تعلم الحكام العرب من التاريخ . التجربة مع العراق
-
الفساد في العراق ، فساد المفوضية المستقلة للانتخابات في العر
...
-
منظمات المجتمع المدني وتكريم العراقيات المبدعات عبير السهلان
...
-
من يجب ان يستقيل اولا وزير الداخلية ام رئيس الوزراء
-
رئيس وزراء التسوية حكومة تسوية
-
رسالة الى زعماء العملية السياسية في بغداد
-
مؤتمر الشعب العرااقي الانتخابات الوطنية
-
الانتخابات البرلمانية مسؤولية وطنية أم انتهاز فرص
-
رسائل عيد رمضان
-
خطوات في الزمن الصاعد ضوء في طريق التيار الديمقراطي
-
بيان لقوى ديمقراطية
-
نبوءة فريدمان زيارة دي كشيني للعراق
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|