|
القذافي والغرب و(الجرذان) !!؟؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 6160 - 2019 / 3 / 1 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل القذافي كان عميلًا للغرب أم كان مجرد حاكم نرجسي يعتقد أنه (رسول التاريخ) و(نبي الجماهير) لتغيير العالم والقضاء على أمريكا وبناء دولة (اسراطين)!؟؟ (قال فقلتُ!) ********************** قال لي : أنت كنت مع المعارضة الليبية وكنتم تزعمون أن القذافي عميل للغرب واليوم تأتي لتحارب نظرية المؤامرة!؟؟ قلتُ: أنا لم أقل قط أن القذافي عميل للغرب بل كتبت أنتقد حتى من زعموا بأن أمه يهودية وهو أمر روجت له حتى بعض القنوات الاسرائيلية (!!) ولم أقل بأنه عميل مجند للمخابرات الغربية وأنه تم تجنيده لما كان في دورة عسكرية في بريطانيا عام 1966 ثم جاء وعمل انقلابًا برعايتهم عام 1969 حيث كانت في ليبيا يومها قاعدتان عسكريتان إحداهما بريطانية وأخرى امريكية ولم تتحركا ضد انقلاب العسكر بقيادة الملازم أول (معمر القذافي)!!... هكذا يقول بعض معارضيه بل هذا ما ألمح إليه الملك السعودي (عبد الله) في القمة العربية عام 2003 متسائلًا في لحظة غضب وغيظ: (أنت من جابك للحكم!!؟؟) ... صحيح أن هناك علامات استفهام كثيرة حول هذه الانقلابات العسكرية التي جرت عقب حقبة الاستقلال الوطني في بعض الدول العربية، ولكنني - بصراحة بعد المراجعات وكل هذا العمر - لم أعد مقتنعًا بهذا التفسير السطحي (التبسيطي) لإنقلاب القذافي وغيره، أقصد أن تكون كل تلك الانقلابات مدبرة من المخابرات الغربية!!... بل أنا لم أعد مقتنعًا أصلًا بنظرية المؤامرة - بنسختها العربية - التي تسيطر على عقول العرب شعوبًا ونخبًا للأسف الشديد!، أي كما هي في خيال القوميين العرب والاسلاميين العرب بل وأغلب عامة العرب!!.. فالقوميون العرب يتهمون الإسلاميين بأنهم صناعة مخابراتية صهيونية وغربية لضرب العروبة واجهاض مشروع الوحدة العربية أو لزرع عدم الاستقرار في المنطقة!، وفي المقابل فإن الاسلاميين يتهمون القوميين العرب بأنهم عملاء للغرب والصهيونية للقضاء على الاسلام واجهاض مشروع الوحدة الاسلامية أو الحيلولة دون عودة الخلافة!!!... وهكذا يستمر التطاحن وتقاذف التهم بالعمالة!.. فهؤلاء يركلون كُرة المؤامرة في ملعب أولئك، وأولئك يعودون فيركلونها في ملعب هؤلاء!.. وهلم جرًا !!... أنا لا أنكر وجود مخططات ومؤامرات، فهناك مؤامرات بالطبع ولكن ليست بهذه السطحية ولا هذه الصورة ولا هذا التعميم ولا هذا الخيال العربي (المريض) الذي عشش في عقول العرب شعوبًا ونُخبًا منذ قرون!، وللأسف أن بعض هؤلاء النخب العربية الذين يروجون لنظرية المؤامرة ويستميتون في الدفاع عنها بشكل عجيب من حملة الشهادات العليا بل بعضهم ممن يحمل لقب (مفكر) و(برفيسور)!.... وتفسيري أن القوى الغربية لم تتحرك ضد تلك الانقلابات التي قادها العسكر والتنظيمات القومية العربية الاشتراكية لأنها رأت أنها (أخف الضررين وأهون الشرين) بالقياس لللإتجاهين الآخرين اللذين كانا ينموان في الشارع العربي!.. وأقصد الاتجاه الشيوعي والاتجاه الاسلامي الاخواني!!... فكان وجود القوميين العرب الاشتراكيين على هرم السلطة بالنسبة لراسمي الاستراتيجية الغربية هو أفضل الخيارات السيئة أي أخف الموجودين سوءًا وفق حساباتهم لهذا تقبلوا وجود هذه الانظمة القومية الاشتراكية أولًا لتقوم بكبح الاتجاهيين الآخريين وثانيًا على أمل ترويض هذه النظم القومية الاشتراكية وتطويعها مع مرور الزمن!!... هذا ممكن وتصور واقعي ومعقول أم نظرية أن المخابرات الغربية صنعت التيار العروبي والتيار الاسلامي من الألف إلى الباء وأنها هي من جندت القوميين العرب ومكنتهم من السلطة وعملت على نجاح انقلاباتهم فهذا هو ما استبعده جدًا وهو ما يدخل ضمن نظرية المؤامرة بنسختها العربية والاسلامية التي أرفضها !. * * * الحقيقة التي أقف عندها اليوم هي أن لا القذافي كان عميلًا للغرب ولا الملك ادريس السنوسي الذي انقلب عليه القذافي كان عميلًا للغرب ... كانوا قادةً سياسيين - ثم حُكامًا - يتعاملون مع الواقع السياسي المحلي والاقليمي والدولي بما يخدم مصالحهم أو مصالح قومهم وبلدهم أو يخدم الأمرين معًا، ولكن القذافي طبعًا كان شرسًا وعنيفًا ومصابًا بالنرجسية السياسية إلى حد جنون العظمة!، وظل يلعب دور (المناضل العربي القومي والأممي ضد الإمبريالية) محتميًا بظهر الدب الرومسي حتى حقبة التسعينيات، وهو يمارس ضد معارضيه السشياسيين أقسى وأقصى درجان العنف والوحشية بل ووصل في شراسته وطغيانه إلى حد نصب المشانق لهم وسط حرم المدارس والجامعات وحد التورط في ممارسة الارهاب والاغتيالات في الخارج ضد الليبيين وغيرهم!!، ومثل هذه التصرفات الجنونية والارهابية لم تقع قطعًا من الملك الصالح والطيب - رمز اتحاد واستقلال ليبيا - ادريس السنوسي رحمه الله!!.. والمشكلة الأخرى في القذافي هي أنه عاش ثلاثين عامًا مهتمًا بتحقيق طموحاته وأحلامه وأوهامه الشخصية - وهي أحلام أكبر منه ومن ليبيا - والتي تمثلت في أن يكون قائدًا لكل العرب أو لكل العالم أو لافريقيا!.. كان العقيد القذافي ينفق أغلب أوقات وطاقات الدولة الليبية وثروات الليبيين على هذا الطموح الشخصي السياسي أكثر من شيء آخر(!!!!ّ) لينتهي الأمر - بعد أن بلغ المشيب - باعطائه لقب سخيف ومضحك من قبل بعض الأفارقة الذين كان يغدق عليهم من خزانة الشعب الليبي وهو لقب ((ملك ملوك افريقيا التقليديين))!!... بالله عليك ماذا تسمي هذا !!؟؟ .. هل هو حُمق أم جنون أم خرف مبكر!؟؟....... ثم بعد كل تلك العقود من طزطزته للغرب وخصوصا امريكا وبريطانيا انتهى به الحال بالكفر بالعروبة والكفر بقضية تحرير فلسطين!، ووجدناه يأخذ وضع الانبطاح ويُلقي بنفسه في أحضان الغرب وتقديم تنازلات كبيرة ومخجلة وتعويضات بالمليارات لهم يندى لها الجبين، وكذلك تسليم الممرضات البلغاريات المتهمات بحقن أطفال بنغازي بفيروس الأيدز (المخلق) عن عمد!... أطلق القذافي سراحهن استجابة لمطالب الغرب وبواسطة من قطر وفرنسا حيث غادرن ليبيا من باب كبار الزوار من مطار طرابلس (!!!) بالرغم أن القضاء الليبي حكم باعدامهن ،وكان القذافي وعد امام قناة الجزيرة قبل صدور الحكم بأن الحكم اذا صدر بالاعدام سيتم تنفيذه ولا مفر لكنه لم يف بوعده ووجدناه ينحني أمام الضغوطات الغربية ويأخذ وضع الانبطاح وهو الذي ظل خلال سنوات حكمه يشتم الحكام العرب ويصفهم بأنهم ((المنبطحون))(!!!!).... وهكذا ظل العقيد القذافي يقدم تنازلات متلاحقة للغرب كي يكسب ود اسياد العالم ويأمن شرهم، خصوصا بعد أن رأى ما جرى لصدام حسين!، وبعد أن أدرك أن كلمة طز (ما توكلش عيش!!.. ولا تضر ولا تنفع !!).. ومع ذلك، أي بالرعم من كل التنازلات والصفقات والانبطاحات والتعويضات الملياريه التي قدمها للعم سام وللتاج البريطاني الا أن قادة الغرب يوم تحصلوا على فرصة للانتقام منه - بعد قيام ثورة فبراير الشعبية 2011 - وجدناهم يسارعون في غسل أيديهم منه وباعوه هو وأولاده بيع الكلاب (!!!) وأولهم رئيس فرنسا السابق (ساركوزي) ورئيس ايطاليا العجوز المتصابي (برلسكوني)!!. * * * الشيء المؤكد هو أن العقيد القذافي قائد وحاكم فاشل - سياسيًا ووطنيًا- لم يبن لا دولة ولا أمة ولا حقق الهناء لشعبه، وفوق هذا لم يتمكن من تحقيق ما كان يصبو إليه من أمجاد شخصية (مزعومة وموهومة) .... ولو كان القذافي يملك مسكة من العقل والسياسة لكان استفاد من كل هذه الحقبة الطويلة التي مكث فيها في الحكم (40 عام) ومن كل هذه الثروة الوطنية في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 6 مليون نسمة وجعل ليبيا - على أقل تقدير - من حيث رفاهية الشعب مثل الكويت والامارات وقطر وعمان!... لكنه أصر بشكل صبياني وجنوني على لعب (دور بطل الفيلم) ليجد نفسه ينتهي بتلك الطريقة المهينة المشينة على يد أبناء شعبه وهم يلطمونه على وجهه بينما هو يبكي ويستجدي قائًلا : ((حرام عليكم!.. حرام عليكم!!))(*) ... لو كان العقيد القذافي أكرم شعبه وسهر على خدمتهم ليل نهار وعمل على تحقيق الرفاه العام بدلًا من كل تلك الخطابات الاستعراضية الطويلة والسخيفة وبدلًا عن كل تلك الثرثرة و(الطزطزة) التي كان ينعق بها ... ما كان هناك عاقل ليبي واحد فكّر في أن يثور عليه أو يعارضه أصلًا الا إذا كان شخصًا مثله سلطويًا يحلم بالحكم والسلطة والحلول محله على الكرسي! ... هل تجد مثلًا في الكويت أو الامارات من يفكر في القيام بثورة !؟؟ لماذا !؟؟ لأن حكامهم وقادتهم يراعون مصلحة وراحة شعوبهم لكن معمر القذافي كان يعيش في عالم من الاوهام الكبيرة، عالم هزلي مضحك اسمه (النظام الجماهيري البديع) الذي يقوده مفكر فريد اعطاه بعض النصابين الافارقة لقب (ملك ملوك افريقيا!!؟؟) مقابل هدايا وعطايا دفعها القذافي بفلوس الليبيين!! ، عاش القذافي في (عالم سريالي غريب) اخترعه لنفسه بشخصيته النرجسية المضطربة وعاش فيه أمدًا طويلًا ولم يصحو منه إلا وهو يتلقى الصفعات القاسية على وجهه الملطخ بالدماء من أيدي جماهير شعبية غاضبة تحيط به من كل جانب احاطة (الجرذان) الجائعة بفأر عجوز مذعور!. ********** سليم نصر الرقعي (*) الغريب هنا أن العقيد القذافي الذي سحله (الثوار) وهو يستجدي قائلًا: (حرام عليكم!.. حرام عليكم!)) كان في الثمانينيات وفي خطاب رسمي متشنج هدد وتوعد بسحق وقتل وشنق كل (كلب ضال)!.. حيث كان يطلق يومها صفة (الكلاب الضالة) على المعارضين، يومها قال : (( والله لن أرحمهم!.. سأفطسهم كما لو أنهم قطط!، لن يهمني أ، يكون هذا في " شهر حرام" أو " شهر رمضان" أو شيء من هذا القبيل!.. بل الأمر عندي هو كالتالي: " هذا كلب ضال!، إذن خذه وعلقه على المشنقة!!.. بلا رحمة ولا محكمة!")) ... هكذا هدد القذافي وتوعد وهو ما نفذه بالفعل ولكنه حينما وقع في قبضة الثوار وهم يصفعونه بلا رحمة أخذ يستجديهم وهو يردد: " حرام عليكم!!.. حرام عليكم!!"
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العداءُ للصهيونية ليس عداءً لليهود والسامية!؟
-
العقلانية والواقعية السياسية لا العلمانية ولا الأصولية الدين
...
-
بو تفليقه تابوت سياسي بعجلات!؟
-
من هو عباس العقاد؟ وماذا يعني لي!؟
-
الإصلاح الهادئ العميق لا الثورات المُدمِّرة !؟
-
أنظمة الملكيات الدستورية هي الخيار الأفضل للعرب!؟
-
دقَّ الربيعُ على باب داري! (خاطرة شعرية)
-
الشبح الحزين!! (خاطرة شعرية)
-
المسلمون والمسيحيون العرب واليهود العرب!؟
-
عن الفرق الجوهري بين الليبرالية والاباحية!؟
-
هل هناك أمل في دمقرطة العرب؟ أم (مافيش فايده)!؟
-
التوجه الليبرالي الديموقراطي غير العلماني في الدول المسلمة!؟
-
فكرة (الفوضى الخلاقة) بين الفلسفة والسياسة!؟
-
تُرى هل أعيشُ عامًا جديدًا؟! (محاولة شعرية)
-
الثريد الغالي؟..محاولة شعرية!
-
التسامح هو الحل!؟
-
حلم الطفولة.. محاولة شعرية!
-
الفرق بين مشروعهم (الحداثة) ومشروعنا (التحديث)!؟
-
وجاء دور الاسلام الليبرالي الآن !؟
-
آفات الديموقراطية االخمس!؟
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|