|
لماذا نظم حزب البعث.. في صفوفه شقاوات بغداد؟
محمد مندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أواخر العهد الملكي، وبداية العهد الجمهوري، تحديداً خلال حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، كانت غالبية الشارع العراقي رهن إشارة حزب الشيوعي العراقي، حيث كان له نفوذ كبير جداً في القطاعات العمالية، والفلاحية، والكسبة، والطلبة، وحتى في صفوف الجيش بدءاً من بعض قياداته المتقدمة، وانتهاءً بالمراتب الدنيا، والجنود المكلفين. بل تمددت تنظيماته الحزبية بشكل أفقي في كافة أرجاء البلاد، حتى بين فتيات وفتيان العوائل المحافظة في المدن الدينية، كنجف، وكربلاء، وكاظمية، وأعظمية. وفي جنوب كوردستان، كان ينافس الحزب الديمقراطي الكوردستان من حيث سعت رقعة التنظيم وعدد المنضمين تحت لوائه، رغم أن الإنسان الكوردي، يجب أن لا ينتمي إلى أي حزب أو منظمة يحمل اسم العراق، لأن انتمائه لغير حزب كوردستاني يخالف شرف انتمائه القومي الكوردي، والوطني الكوردستاني، لأنه كما قلت، أولاً: إن الحزب يحمل اسم العراق وهو ليس وطننا للكورد. وثانياً: كان - الحزب الشيوعي العراقي- يعد ضمن الأحزاب الشيوعية العربية، ويحضر اجتماعاتها ومؤتمراتها الخ. على أية حال. هذا هو الحزب الشيوعي العراقي آنذاك، كان يعيش عصره الذهبي، لم يترك زاوية من زوايا العراق وجنوب كوردستان إلا وكان له فيها خلايا تنظيمية تناضل بلا هوادة من أجل تطبيق الاشتراكية.. . مقابل هذا العملاق الماركسي، كان يقف حزب البعث القزم، - أقول قزم ليس تهكماً بل حجماً- الذي كان يفتقد إلى قيادة سياسية رشيدة ومستنيرة، توازي قيادة الحزب الشيوعي العراقي، وكان يفتقد أيضاً إلى قاعدة شعبية عريضة، كتلك التي لدى الحزب الشيوعي. إلا أن حزب البعث كان يتفوق على الحزب الشيوعي العراقي في بعض الأمور الماكرة المستقبحة عند المجتمع، كالخبث، والنذالة، والسلوك السيئ. وتحركوا ضمن مساحة هذه الخصوصية الشيطانية لكسر هيمنة الحزب الشيوعي على الشارع البغدادي خاصة والعراقي عامة. بادئ ذي بدء تحركوا على بعض الشقاوات أصحاب الألقاب المقززة ومن ذوي السوابق ونظموهم كقوة ضاربة للحزب، منهم خالد دونكي، وكامل معلاگ، صدام التكريتي، ناظم گزار، خالد طبرة، وهاب الأعور، قيس الجندي، كاظم پاشا، فاضل جلعوط، محي مرهون، حاتم الباوي،سمير الشيخلي، وليد الخشالي، حسين حبة، ستار لكله، وشقيقه جبار لكله، أنهما معروفان بين العرب بستار وجبار كوردي، لكن الكورد ينادوهم بـ"لكله" لأنهما ينتميان لعشير الـ"لك= Lak" الكوردية، التي مضاربها تقع في شرقي كوردستان بين مدينتي كرمانشاه وخورم آباد (لورستان). وكان من بين هؤلاء الشقاوات محمد فاضل، الذي قتل ستار لكله، شقيق جبار، وسعدون شاكر، وشقيقه ناطق شاكر، وسامي الوادي. وفي مدينة مندلي انظم لحزب البعث العروبي شخص غريب عن المدينة ومنبوذ بين أهلها اسمه مزبان خضر هادي، يحمل الجنسية التبعية الإيرانية، ويقبع الآن في السجن مع زمرته البعثية ينتظرون تنفيذ حكم الشعب بهم. بما أن الشيء بالشيء يذكر، هناك جريمة وقعت في مدينة مندلي عام 1963 عندها كنت تلميذاً في مدرسة التهذيب مديرها كان الأستاذ وليد، لا زالت صداها عالقة في فكري حيث قتل رجال الحرس القومي ومن ضمنهم مزبان معلماً شيوعياً تحت التعذيب، لقد اهتز سكان مدينة مندلي لهذه الجريمة الشنعاء، لكن للأسف لا أعرف اسم هذا المعلم الذي نقل من بغداد كمعلم إلى إحدى مدارس مندلي ووقع كضحية تحت أيدي هؤلاء الأوباش. كما أسلفت، إن هؤلاء نماذج من شقاوات ضمهم البعث في صفوفه لكي يواجه بهم حزب الشيوعي العراقي ويكسر بهم نفوذه الكبير في الشارع البغدادي، ونجح البعث في هذا الاختيار نجاحاً كبيراً، حيث استطاع أن يلحق الأذى بالشيوعيين ويغتال العديد منهم. على سبيل المثال وليس الحصر،اغتالوا شقي محسوب على الشيوعيين كان رجلاً شجاعاً ونصيراً للفقراء اسمه خليل أبو الهوب. وحاول البعث اغتيال شقي آخر محسوب أيضاً على الشيوعيين اسمه فوزي عباس (فوزي الكوردي) إلا أنه نجى من المحاولة بأعجوبة لم يمت، بل صار ذو عاهة، لم يستطع بعد تلك المحاولة الغادرة السير على قدميه بسهولة. وفي ساحة السباع عندما تجمع الحزب الشيوعي العراقي عام 1968 بمناسبة انتصار ثورة أكتوبر في روسيا قام الشقي "جبار لكله" وسامي الوادي، وقوات الأمن التي بإمرتهما بقتل عدد من الشيوعيين، كـ"عبيد البدر، وليد الخالدي، أدور عبد النور" وجرح عدد آخر، واعتقل العديد من المشاركين الشيوعيين في ذلك التجمع السلمي، الذي حصل الشيوعيون على إجازة من النظام للاحتفال به في الساحة المذكورة. دارت الأيام وإذا بحزب البعث لم يعد بحاجة إلى هؤلاء السرسرية، لأن نظامه الدموي صار قوياً بما فيه الكفاية، وذلك بفضل بيع النفط العراقي، أو من النفط الكوردي المنهوب من آبار كوردستان وعلى رأسها آبار كركوك السليبة التي كانت تدر عليه مليارات الدولارات. لذا أوعز صدام حسين إلى بعض هؤلاء الشقاوات لتصفية البعض الآخر، حيث قتل جبار الكوردي خالد دونكي، وأرسل صدام حسين شخص آخر قام بقتل جبار الكوردي، وهكذا، لم يقف صدام عند هذا الحد بل قتل فيما بعد شقيق جبار فتاح وبعد فتاح قتل جهاز المخابرات العراقية شقيق جبار وفتاح الأصغر محمد وذلك بتزريقه حقنة سُم قاتل. وهكذا دواليك إلى أن تخلص صدام حسين من جميع هؤلاء العتاة أصحاب السوابق. حق القول: بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.. . وهذا الذي صار، حيث أن حكم الخالق لا يتقدم ولا يتأخر. مرت الأيام ومرت الأعوام وإذا بصدام حسين يجد نفسه واقفاً تحت حبل المشتقة ذاته، الذي علق به آلاف مؤلفة من الأبرياء، لقد اقتيد رئيس القتلة في الساعة المحددة له إلى الموقع، الذي كان يعدم فيه الآلاف من شابات وشباب الكورد والعرب دون أن ترف له جفن كما كان يقول هو عن نفسه. لكن قبل أن يرحل إلى حيث يستحق..؟، يجب أن يدفع الفاتورة التي عليه بالكامل للشعب والوطن، للعراق، وكوردستان، للشعبين الكوردي والعربي، لحلبجة، وبهدينان، والكورد الفيلية، والأنفال، وأهل دجيل، والشيعة في جنوب العراق، وللسنة الذين عارضوا حكمه البغيض الخ. بلى هذا هو حكم التاريخ العادل، على كل من أجرم ويجرم ضد الأبرياء، ويتفنن بقتلهم تارة يعلقهم بالحبال، وتارة بالرصاص، وتارة أخرى يلقيهم في أحواض الأسيد (تيزاب) الخ. لقد قام بكل هذه الجرائم السادية والسلوك الإجرامي، من أجل أن يرهب الشعب ومعارضيه كي لا يطمع أحد أو يقترب من عرشه. لكن كل هذا لم ينقذه من النهاية المحتومة، لقد آن الأوان، وارتحل ذلك القروي المدعو صدام حسين كآخر شقي باقي على قيد الحياة، وأخذ معه حزبه العنصري إلى عالم غير المرئي، وبقي الشعبان الكوردي والعربي حيا، وهكذا بقي الحزب الشيوعي العراقي، رغم المطبات التي واجهته في مسيرته النضالية، وبعض الشطحات التي صدرت منه في فترات متباينة وأثرت سلباً على رصيده الجماهيري، إلا أنه لا زال حي يرزق ويناضل بأسلوب حضاري من أجل وطن حر وشعب سعيد. "الوطن -كوردستان- هو الحب الوحيد الذي يخلو من أية خيانة" 28 02 2019
#محمد_مندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف ظهر الكيان العراقي إلى الوجود في العصر الحديث؟
-
مثقفو كوردستان وأحزابها.. أين أنتم مما جرى ويجري حولكم أو في
...
-
الكوردية الإيزيدية -نادية مراد- ما لها وما عليها؟
-
إلى المفكر والروائي الدكتور (يوسف زيدان) مع التحية
-
القاتل كوردي والمقتول كوردي ومؤيد فتوى القتل كوردي؟!
-
نحن نتساءل، هل هو شمال العراق، أم إقليم كوردستان كما جاء في
...
-
ما هي قواعد معايير قياس السلوك والأخلاق عند المثقفين والسياس
...
-
متى تولد الروح الوطنية الكوردستانية الحقيقية في ضمير عموم ال
...
-
قبل أن تتشكل الحكومة الكوردية الجديدة نصيحة متواضعة للحزب ال
...
-
قنوات التلفزة الكوردية التي تبث باللغة العربية لا تخدم الكور
...
-
خيانات الطالبانية للشعب الكوردي الجريح بين الأمس واليوم
-
رموز الاحتلال العربي في العراق؟
-
مقبرة النجف وما أدراك ما مقبرة النجف؟!
-
أمريكا وسياسة الكيل بمكيالين؟!
-
دار داران دور ههههه؟
-
ماذا يريد الشعب في إقليم كوردستان من الفائزين الكورد في الان
...
-
كيف تمييز بين الانتماء واللا انتماء للوطن؟؟
-
أردوغان.. وهواجس الخوف والذعر من عام 2023؟
-
عفرين عنوان البطولة والفداء الكوردية
-
لله يا محسنين العلمانيين الكفار؟!
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|