نوميديا جرّوفي
الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 13:25
المحور:
الادب والفن
(قصة قصيرة)
أوقفت سيارة طاكسي في طريق عودتها للبيت، و بسبب الشمس الساطعة في ذلك اليوم الربيعي لم تتفحص وجه السائق..فقط أخبرته بوجهتها بعد أن ركبت.
و فيما هي شاردة سمعته يسألها:
كيف حالك؟ هل تذكرينني؟
فجأة أحست بزلزال هزّ كيانها.. هذا الصوت تعرفه!! ليس بغريب عنها!! من عساه؟ و كيف خانتها ذاكرتها؟! فسألته دون أن ترى محياه:
عفوا!! هل أعرفك؟
هنا أدار السائق وجهه لتراه،فكادت تصرخ.. لقد عرفته.. تذكرته.. كيف تنساه؟!
- أنت؟! هذا أنت؟! بعد كل هذه المدة؟
- أجل أنا.. لقد بحثت عنك كثيرا و لم أجدك و سألت عنك الكثيرين و لم يدلوني على مكانك.
- لماذا؟
- لأطلب عفوك و تسامحيني
- أنا؟
- أجل..
- لماذا؟! غريب و عجيب ما أسمع!!
- آه لو يعود الزمن للوراء لجثيت على ركبتي و طلبت يدك كما يفعل العاشقون.. لأهديتك كل ما تريدين.. لكنت اليوم أسعد الناس.. لكني ضيعت عمري بمراهقتي و طيشي يومها، آذيتك و جرحت مشاعرك في هفوة شباب كنت أحصد القلوب متباهيا بعضلاتي،و اليوم أنا تعيس،مدمرة حياتي، لا سعيد في بيتي و لا أضحك .. فقدت جوهرة ضيعتها بسفاهتي و غبائي فعاقبني الله بحياة الشقاء،فلا وجدت بيتي كما ظننت و لا زوجتي تحبني و...
- و ما شأني أنا؟ و لماذا تقصّ عليّ حكايتك الآن؟ تذكّر دوما آخر كلمة قلتها لك قبل 18 عاما.. ( على الباغي تدور الدوائر)
ها أنت تدفع ثمن ما جنيت على نفسك، ماذا بقي لك أكثر من البؤس والحرمان و الشقاء الذي تعيشه في حياتك؟
و الآن أوقف السيارة هنا.. لا أريد رؤية وجهك أكثر أو سماعك.. أشعر بالغثيان..
وحده الرب يعلم ما في القلوب فيجازينا حسب أعمالنا و قد نلت جزاءك ..
و نزلت دون أن تلتفت للوراء بالرغم من أنها لم تصل وجهتها ،لكنها آثرت أن تتمشى و هي تأسف للحالة التي وصل إليها من أناقة إلى بؤس و ثياب رثة صدمتها.
فأكملت طريقها مشيا على الأقدام حتى وصلت بيتها أين استقبلها أطفالها مبتهجين بعناقهم و فاجأها زوجها بكعكة عيد ميلادها الذي نسيته.
#نوميديا_جرّوفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟