علي طه النوباني
الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 08:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
آلاف الخريجين في فنون الحاسوب والحوسبة في بلادنا العربية لا يعكفون على تأليف لغات برمجة جديدة.
ولا على تطوير أنظمة تشغيل جديدة.
ولا على تسهيل التعليم والتعلم للطلاب.
ولا على انتاج مواقع إلكترونية جديدة تساعد العربي على الدخول إلى العصر الحديث.
إنهم يعملون بجدٍّ واجتهاد، ويصلون الليل بالنهار لحجب المواقع الإلكترونية التي تنتقد الواقع العربي المخزي، ويستحقون على جهودهم الجبارة رواتب مضاعفة من قوت الشعوب المقهورة في هذه البقعة الكبيرة المظلمة المسماة بلاد العرب.
هنيئاً لنا هذه المنجزات العظيمة!
أغلقوا الشبابيك والأبواب على هذه الأمة، وامنعوا عنها الضوء والهواء حتى يموت الإنسان قهراً. فنحن أوَّل أمة تستطيع أن تحول النور إلى ظلام، والفرصة إلى ضياع، والثروة إلى تخلف يورث الهم والغم والخسارة والفشل.
قبل عقدين من الزمن استبشرنا بشبكة الانترنت خيراً، وقلنا لعلها تعوضنا عن النظر في صحف الهربس ذات الوجه الواحد واللون الواحد، ولعلها تفتح لنا باباً على الحرية والحوار والتقدم، ولعلها تقدم لنا فرصة للتفاعل السلمي الذي يطور العقل، ويرتقي بالحضارة؛ لكن واأسفاه فكلما ظننا أن ابن رشد بيننا جاءنا هولاكو.
أنظروا إلى حصادنا المر بعد هذه العقود الطويلة من الاستفراد بالقرار، والحجر على العقول، ها نحن نقبع في ذيل القائمة في كل شيء، وقد سبقنا كثير ممن كنا نضرب بهم المثل في التخلف، فإلى أين تذهبون بنا إذا أغلقتم باب الحوار، وحجرتم على العقول، وقتلتم الكلمات في الأفواه، وكسرتم الأقلام.
أما آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي يا أمة العرب؟
كلُّ دولة في بلاد العرب تحجب مواقع الانترنت التي تتنافى مع رغبات ساستها الملهمين حتى أنه لم يبق للمتصفح سوى فنون الطبخ، وفوائد الملوخية والنعنع، وأخبار الراقصة لهلوبة.
وقد كان الأولى بكم وأنتم من صنع الفشل طوال العقود الماضية أن تعتذروا للشعوب، وتطلقوا لها عنان حرية التفكير والحوار والمثاقفة، لعلها تصلح شيئا مما أفسدتم، وتبني شيئاً مما هدمتم.
إنَّ الإمعانَ في الإذلال والكبت وممارسة الوصاية على الإنسان العربي يغلق كلَّ الخيارات أمامه، ويدفعه إلى الفوضى والعنف، فهل هذه هي خطتكم القادمة لمستقبلنا أيها الملهمون.
#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟