تاهَتِ الوردةُ
في أوكارِ الثعالبِ
ماتَ الرضيعُ مرَّتين
والشبابُ تقعَّرَت أحلامَهُم
آهٍ ..
شاخَتِ الدنيا
قبلَ الأوانِ!
ماتَ نسيمُ الصباحِ
فبكَت فراخُ البلابلِ
ما هذا الصراخ في وجهِ بابل؟
لماذا تضاءلَ برجُ الحضارة؟
أينَ يهبطُ ذلكَ النيزكُ الكبير؟
كيفَ تتحمَّلُ أشجارُ النخيلِ
كلّ
هذا
الإشتعال؟
البحرُ أعلنَ حزنَهُ الأبدي
والنوارسُ المحلِّقة فوقَ شواطئه
أعلَنَت الحداد ..
هل ثمّةَ خلاص من ضجرِ الأيام؟
إلى أينَ يقودُنَا هذا الجموح
جموحُ الحضارة؟
تقشعرُّ روحي
من شظايا الأخبار
مَنْ يستطِعْ أن يبدِّدَ هذِهِ الكآبة
المستشرية
تحتَ عباءةِ الليلِ؟
أريدُ أنْ أرقصَ
أنْ أخرجَ من جلدي
أنْ أشتِّتَ ولو جزءاً يسيراً
من ضجري
من وجعي
من غربةٍ مهروسةٍ
تحتَ عجلاتِ صباحاتي!
رسَمَ طفلٌ
لوحةً
مكثَّفةً
بالاحمرارِ ..
حتّى دموعه تحوَّلَت إلى لونٍ
ضاربٍ إلى الاحمرار!
جنازاتٌ تسيرُ
زغاريدُ النساءِ تسربِلُهَا شهقةً
غارقةً في الأنينِ ..
وحشيةٌ بغيضةٌ تتدحرجُ
من فوقِ قممِ الجبالِ
تهبطُ دونَ وجلٍ
فوقَ رقابِ الكائنات
لماذا فجأةً استفحلَ جنونُ البقرِ؟
.. تفاقمَ الأمر حتّى الجنون
لم يَعُدْ في الأمرِ سرَّاً ..
كنّا نقرأ في الأساطيرِ القديمة
عن الطوفانِ
عن زلازلٍ من قيرٍ ونار
ها قد داسَت هلوسات هذا الزمان
في جوفِ الأساطيرِ
أينَ أنتَ ياهابيل
كي تشهدَ
ميلاد ملايين الهابيلات
هابيلُ هذا الزمان
داسَ في جوفِ أعتى المهابيل!
..... ...... ....... ..... يُتبع
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خاصّ مع الكاتب.
ستوكهولم: كانون الثاني 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]