الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي
(Altaib Abdsalam)
الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 09:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجربة الإسلاميين في الحكم خير إيضاح لما ساقوله، فالتجربة بالرغم من فشل مؤسساتها الحزبية "المؤتمر الوطني" و "المؤتمر الشعبي"، و تركها الكثير من الإسلاميين إلا ان العاطفة للخطاب الأيديلوجي لا زال متقدا، العاطفة للرمز، العاطفة للأبدي المقدس الذي لا يبلى، الذي "لم يجئ بعد" و لم يطبق تماما.
نعم المؤتمر الوطني ك مؤسسة لتنزل المعنى المقدس فيه و تطبيق دولة الشريعة قد فشل بل و تركه الإسلاميون انفسهم، لكن الرمزي لا زال حاضرا حتى لدى اشرس معارضيهم، ذلك و انهم فهموا الروح السودانية المتعطشة لكلمة لا إله الإ الله فربطوا انفسهم بها و نالوا اجر المجتهد إذا اخطاء، بالتالي الإسلاميين ليسوا هم فلان و علان بقدر ما هو خطاب رمزي كبير يحتاج المعاينة و التواضع و التدقيق.
ذات الأمر ينطبق على الشيوعي السوداني، فهو ليس مؤسسة مرضي عنها من قبل الشيوعين انفسهم، فالحزب تحول إلى لجنة مركزية بيد قبيلة بعينها اقصت بقية السودانيين عنها.
لكن الخطاب الرمزي لهم ما زال متجليا بوضوح في بكائيات الجياع و الشهداء و القلوب الوحيدة المنكسرة، و الحبيبات الحديقات و النساء المضطهدات، و الشعر السياسي و الغناء، و فلان و فلان.
الحالة الرمزية المتمثلة في خطاب المظلومية الذي يستبطن السلطة و يطلبها مع كل صرخة يوهمنا انه يصرخها إنسكارا و ظلما.
الحزب كمشروع فكري و تقعيدات واقعية لا وجود له، لإن صيرورة الزمن قضت على أليات عمله القديمة من نقابات عمال و بروبغندا إعلامية بل و الرهان على متوهم إسمه الجماهير.
المؤسسة لا وجود لها، لكن نجم السوبر نوفا موجود، النجم الذي برغم تضخمه هو ذكرى نجم، هو عاطفة و بكائيات و مخالب قطط تربى هناك.
و هذا الرمز الذي يعفي اتباعه من المساءلة الفكرية لما يتبعون، يمضون خلف أشواقهم و احلامهم.
و مناط عملنا هو الرمز، هو كشف مناورات ذلك الخطاب، كشف بؤر تسلله، و الإشارة إليها، كشف كتاب لا يضيفون إلى المعنى الشعري اي شئ، كشف منظمات مجتمع مدني تثتثمر خطاب المظلومية هذا و تتجر به، هذا الخطاب العاطفي الذي "يماسك" اتباعه، تماما كلقاءات المحموديين في جلسات الإنشاد و أجترار الذكريات.
لكن خطابهم هذا خطورته انه يتجه إلى المظلوميات الصغيرة، شعور الإنسان انه مغبون الحق، يتجه إلى ضعفه فيحتمه عليه ليعده بإن ينقذه منه.. و هذا هو مناط عملنا.. تحطيم أخلاق المظلومية و الإنسحاب و التغني بالأخلاق النقدية التي لا تتوارى خلف التبرير و خلق الاعداء الظلمة الجبارين.. بل اخلاق قوة و أندفاع نحو معنى الوجود.
إنها معركة رموز كما قال درويش في رثاء ياسر عرفات.
#الطيب_عبد_السلام (هاشتاغ)
Altaib_Abdsalam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟