أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان يوسف - شوارد فاطمة الفلاحي ، الجأتني لتاج العروس















المزيد.....

شوارد فاطمة الفلاحي ، الجأتني لتاج العروس


عدنان يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6147 - 2019 / 2 / 16 - 18:43
المحور: الادب والفن
    


يوم قراءتي ل "ذاكرة معلقة"، تصدرت كتب فاطمة الفلاحي قائمة المؤلفات "المقررة"في منهاجي الثقافي لتلك السنة . شاعرة جديرة بالاعتناء والمتابعة والتدقيق . التدقيق في نصوصها ، في المفردات ، البسيطة الواضحة وتلك الغريبة الغامضة المعقدة والعصية على الفهم .اما الواضحة فخشية ان تكون قد انطوت على "مقلب" من نوع ما فيأتي الفهم على غير ما ارادته الشاعرة ، فيقع الحرج ولا ينفع عندها الاعتذار . واما الغريبة فبسبب "ارغنتني" ؛ هذه المفردة المحيرة ، سألت عنها مراجع وجهات مختلفة ، بمن فيهم الشاعرة نفسها فزادتني الاجوبة حيرة وتشتتا . ثم جاءت "انسكبتني" تجر خلفها قافلة من الافعال المشابهة لها في التوليف : تعسعسني،تخورني،تصرمني، تتنصلني، تتحررني، تشاغفني،تروغني،تباريني،تتذمرني،تتسعني،تسرفني تتعسكرني،انبثقتني، ارتحلني، سأمنحني ،والى آخر "القافلة". هنا تذكرت الحكيمين ؛ احمد بن الحسين وحبيب بن أوس ، تذكرت شواردهما والغريب "الوحشي" في شعرهما ،اذ يفخر المتنبي قائلا :
انام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
فأقول له معقبا،إلا فاطمة فهي صانعة ومبتكرة للشوارد ولها من اجل ذلك مشغل (مقفل) لا يدخله احد سواها
وتذكرت ابا تمام ، صعبه ، غريبه ووحشيه ، فهو يستخدم في شعره الفاظا لا يمكن فهمها الا بمساعدة القاموس ، منها الخنفقيق ، ابدعر ، اشمغل واسنعفر
فأضع قبالتها مفردات شاعرتنا ؛ ثبج تقصع صهد شنيق وسعوط ، مع وضع الفارق الزمني في الاعتبار وتغير الغريب (موضوع بحثنا) شكلا ، لاموضوعا.
هل دوافع او اسباب استخدام الفلاحي للالفاظ الغريبة غير المألوفة هي ذات الاسباب التي دفعت ابا تمام والمتنبي لنثر الغريب الوحشي بين طيات قصائدهما بإفراط حتى عرفا به . هل الشاعرة الفلاحي تقلد الشاعرين طلبا للشهرة ، وهذه كانت احدى اهم الدوافع لديهما بركوبهما تلك الموجة التغريبية . ارى ان الشاعرة اضافة لذلك اخذت شيئا من موجة ما سمي بالحداثة لدى الاوساط الادبية في العراق بشكل خاص ، اواسط ستينيات القرن الماضي ، و"الضجيج" الذي ساد الشارع الادبي حينذاك فطبع منجزات تلك الفترة (المرحلة) بغموض سريالي وظهور نصوص في الشعر خاصة ، لا تفهم حتى باصطحاب كل معاجم وقواميس اللغة .اقرأ لها في "ذاكرة معلقة : " ارغنتني المرايا اوهاما . تنكشني ابجدياتي . تدليت عدقا مقصوم الثبج ، وفي "فوضى قلم في ظل امرأة" : عسعسني العيوق عنك ، كالح اسحم يضوعني باطنه ، سعوطي لتراتيل عشقك ، ونقرأ في" رسائل شوق حبيسة منفى" : انسكبني ظمأ الشوق اليك . تقصع الروح بمضغة احبك وتهجيك كالحباري . ينثني العشق هتنانا
ولمعرفة اسباب ولوج شاعرتنا هذه الابواب نتعرف اولا على اسباب الشاعرين (الفطحلين) المؤسسين لتلك الظاهرة .
يرى اغلب النقاد ، القدماء والمحدثين ، ان المتنبي "ماليء الدنيا وشاغل الناس" اراد من الغريب الوحشي ان يوصله الى هذه المرتبة بحصوله على هذه الشهادة ومنحه ذلك اللقب الذي جعله اولا على مدى الدهر ، فرغبته بالخروج على المألوف جاءت، وكما يرى النقاد ايضا، لشغل الناس به وبشعره وللتباهي بمعرفته الواسعة باللغة ، وقد وصفه البغدادي في خزانة الادب بأنه من حفاظ اللغة . كان المتنبي حريصا على الدراسات اللغوية ، عاكفا على كتبها وكان يضع رأي علمائها في الاعتبار وهو ينظم شعره . المامه الواسع ذاك باللغة مكنه من ضم الغريب منها الى شعره للغرض الذي ذكرناه آنفا ، فهو حتى في غزله يصف امرأة راقته بالربحلة السبحلة ومن الفاظه الغريبة الوحشية ؛ ابتشاك . الخفش.اليرمع. الكنهور. اهيدبي ، التامور والطرطبة ، ويرى اليازجي ان غريب المتنبي يكثر في اوائل شعره :
ملطخم الروقين متعنجر الودق
مسف الجهام داني الرباب
ان سببا مهما آخر دفع المتنبي الى ذلك التغريب هو نرجسيته والاعتداد المبالغ به في النفس لدرجة الغرور المرضي الذي جعله يقول
اي محل ارتقي
اي عظيم اتقي
وكل ما قد خلق الله
وما لم يخلق
محتقر في همتي
كشعرة في مفرقي
شاعرتنا ليست كذلك فهي مع اتساع معرفتها باللغة نتيجة الدرس وكثرة الاطلاع وقراءة الادب قديمه وحديثه في دراستها الاكاديمية وتثقيفها الذاتي فكانت شاعرة وقاصة وباحثة ، ومنتجة لدواوين شعر مهمة ودراسات في الثقافة والفن والادب . لم يصبها غرور او تعال ، من اي نوع ولأي درجة ، ولعل ذلك يمثل احد اهم اسباب تعلق القراء واهتمام النقاد بأدبها . دواوينها زاخرة بقصائد هي قلائد سنية بصور جميلة وتناسق لوني بمساحات ضوء تتدرج في الابهار حد الشغف وبذلك تدفع القارئ لاعادة قراءتها مرة واثنتين وثلاث . وملاحظتي الوحيدة تتعلق بمزاحمة القاموس لجمال تلك القلائد وشفافيتها ؛ هي تنبض بالحياة وهو جامد . هي تلامس شغاف القلب ، مرة برفق ، بحنان أم . ومرة بقوة ، بالوجع الانساني كله ، لكن بحنان أم ايضا . الشاعرة تمتلك قدرات معرفية واسعة في اللغة وقدرات كبيرة على الابتكار .لكن تقليد الكبار اوقعها في ورطة اللجوء الى القاموس ، كان ابو تمام يصر على ادخال الغريب في شعره ويرفض الاستماع لمنتقديه القائلين بعدم حاجته لذلك ، وقد رد على من سأله عن سبب عدم قوله ما يفهم من الشعر ، ردا قاسيا بقوله ولماذا انت لا تفهم من الشعر ما يقال . فاطمة الفلاحي ليست بحاجة الى الغريب المعقد من الالفاظ فشعرها جميل ، عذب ، رقيق ومؤثر بدونها .
نقرأ لها
* في "ذاكرة معلقة"
فاض الدمع بين اهدابي
انهارا تجتاح وجنتي
تنابزني في
جبروت غيابك

دلني عليك ربما
استردك قنديلا
ينير احلامي
*:ونقرأ من ديوان "على عتبات الوطن"
تغمست روحي بالاحزان
اسقطتني في قعر النهايات
وأنين المرافئ
فركلتني الغربة في ضياع
بنبال سعر
* ومن "فوضى قلم في ظل امرأة"
تغرق في ثوب من الاسئلة
واجوبتها تلوذ بشهقة من صمت
عندها تصبح الاماني
ساعة سائبة من المواقيت
تمر اكثر اذى على ارواحنا
فنلعن جمود النهايات
* وفي "رسائل شوق حبيسة منفى"
صفحتي الرقراقة يا فرات
اقبل اناملك المبللة برذاذك
لازالت روحي تهفو لك عشقا
حين تركتني ارحل
كنت اسامر وحشة الليل
اناجيك
اغازل القمر
اشرب القهوة مع نجماتك
سأرضى ببعدك عني
سأسعد حين اراك في عيون الصغار
فاطمة الفلاحي احب شعرها ، ومع متابعتي لنشاطاتها الاخرى ومنجزها الابداعي في مجالات مختلفة كالدراسات والبحوث وانشاء ملفات ثقافية متقدمة باجراء مقابلات مع رواد الثقافة ، عراقيين وعرب ، يظل اعجابي بشعرها يتقدم على غيره .
حديثي عن الغريب في شعرها ، لا اقول الوحشي ، لكن غير المألوف والمشابه لأسلوب "حبيب" في نثر الفاظ وحشية في بعض قصائده والمتنبي في الكثير من قصائده ، يهدف الى وضع حد فاصل بين منجزين ، مطبوع ، جميل يحب و يقتنى . ومصنوع اثقله الكلف يكتفى بمصافحته بصريا وينسى . لا بد من القول اخيرا ان الشاعرة فاطمة الفلاحي رائدة متميزة حجزت مكانها المستحق في الصف المتقدم للنخبة ، قادة المشهد الادبي العراقي ، والمصنفة ضمن الدائرة التي تضم كبار الشعراء .
وعودا على بدء ، اختم بهذه الملاحظة :
ان كثرة التغريب في لغة الشاعرة اجبرني على الاستعانة بالمعاجم لفك بعض طلاسم القصائد وأول تلك المعاجم واهمها "تاج العروس" .



#عدنان_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثامر الحاج امين .. صفة طيبة جديدة
- الحب .. قراءة في اوراق مدرستين ، فلسفتين و نظريتين
- مع مقاربات الروازق لطروحات علي الوردي
- لقاء مع مظفر النواب .. في بستان الرازقي
- الذكرى السابعة والاربعون
- بعض ما جرى على الشيوعيين العراقيين في الشهر -الناقص-
- في موقع اتحاد ادباء الديوانية* الالكتروني التراكم الكمي يؤدي ...
- ملحمة كاورباغي ، مأثرة الطبقة العاملة العراقية الخالدة
- اعدام رسام ، رواية سلام ابراهيم تدين اغتيال الثقافة العراقية
- اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق 68 عاما من الكفاح -في س ...
- اصلاحات يزيد الناقص ، اوقفها الطاعون واجهز عليها الحمار
- حول مكاشفات ريسان الخزعلي (الاقرب للوضوح) عن عقيل علي
- -رجال كالسم- وحلم جميلة
- عقد بلا صدام وما تزال الحياة ثقيلة
- هل حقا خسرت قبيلة ؟
- الاسلام السياسي .. دماء في نهاية النفق
- بضاعتكم - مع المحبة - ردت اليكم
- -الاسلام دين تطهير لا دين تكفير-
- الطيور تبكي دماءنا التي تفرقت في القبائل
- الجذور العشائرية للاسلام السياسي


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان يوسف - شوارد فاطمة الفلاحي ، الجأتني لتاج العروس