أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - رائحة أخرى للورد














المزيد.....

رائحة أخرى للورد


محمد عبد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6147 - 2019 / 2 / 16 - 13:52
المحور: الادب والفن
    



إلى الشهيد: قدوري حسين عبد الله
في الدقائق الطويلة التي أكون فيها معه يكون ضائعًا وسط بقايا هياكل دراجات نارية مبعثرة محاولًا إعادة الحياة إلى دراجته.. أو منهمكًا بلملمة أشلاء أثاث بيته المتهالك. ورغم كل ذلك؛ لم أكن أميز بين بحّة صوته والصوت المشروخ المنبعث من آلة التسجيل المختفية، عنوة، وسط الركام الزاحف على كل شيء حوله.. متسلقًا السلّم الحجري ليغيب مع انعطافته صاعدًا معه إلى السطح . أسمعه يردد:
( لا تسألني عن عنواني
لي كل العالم عنوان
لا تسألني ابدًا .. أبدًا
أنا بيتي في كل مكان )* .
لم يكن أبوه (في موسكو فلاحًا)*، ولا أظنّه سمع بها يومًا، يدرك ذلك، ويدرك أيضاً أنها أوسع بكثير من حديقة البيت الخرافي المتمدد جوار النهر والذي دفن أبوه أيامه كلّها فيه ثم رحل ليتركه وحيدًا.. مرددًا على الدوام:
( وأخي فيها عامل ورشة
أنا في الهند الصينية
فلاحًا يحمل قيثارة )* .
قيثارته، التي حرص على شرائها مع قبعة واسعة مصنوعة من الخوص يبدو، حين يضعها على رأسه، كواحد من مزارعي الأرز في بلد منسيّ، لم أره يومًا يعزف عليها، بقيتْ، بعده، مهملة على الجدار فترة طويلة قبل أن تبيعها زوجته بعد مساءات انتظار مضنية كان يبدو صباحها غائبًا.
ولم يره أحد. قصاصة الورق الوحيدة التي وصلت منه لم تكن تحمل عنوانًا أو أختام بريد واضحة. شعرتُ وكأن يده تمتد إليّ، عبر صندوق البريد، لتضعها في يدي متجاوزة كل البوابات الضخمة والجدران السميكة.
أرسلتُ له الكثير من الرسائل، وفي كل مرة كنت أضع لها عنوانًا ما.. أخترعه اختراعًا في مدن، لطالما حدثني عنها، موزّعة هنا وهناك في عالمه المتسع. ما يدهشني أنني، حين أتابع إيصال التسجيل، كنت أجد على الدوام أنّ هناك مَنْ يستلمها!
وحين فقد (الأخ الأكبر) كلّ رتبه وأوسمته وهوى تاركًا منصته فارغة؛ حصلتُ على رقم لوحته الخشب في مقبرة (محمد سكران). سارعتُ في الكتابة إليه موقنًا أنّه، هذه المرة، سيجيبني. إلا أن رسالتي عادت إليّ، وجدتها تنتظرني في صندوق بريدي وقد ختم عليها: العنوان غير واضح.

آذار – 2010 م
إجدابيا - ليبيا
( * ) : ما بين القوسين مقاطع لأغنية (يسارية) في سبعينيات القرن الماضي .



#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يخسر البصاروة كثيرا لأنهم يعيشون قليلا؟
- الكرسي الهزاز
- في انتظار غودو (قصة قصيرة)
- جماعة البصرة أواخر القرن العشرين (شهادة)
- جماعة البصرة أواخر القرن العشرين في -المشهد الثقافي لمدينة ا ...
- روايات بمداد مالح
- الطريق إلى الحلم


المزيد.....




- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - رائحة أخرى للورد