أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس عباس - آلأهة الأخيرة














المزيد.....


آلأهة الأخيرة


عباس عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 08:08
المحور: الادب والفن
    


غصّت الآهة الأخيرة في الزّور, وبقيت لثوانٍ تأبى أن تطرحها صرخة, أو تسكبها دمعاً لتخفف من حرقةِ ألمٍ خزَّ الفؤادَ, أو لتفرج عن كرَب ملهوفة!……
ألمُ فراقه, كان على أشده، ولكي تخفف من وجعه، تركت السريرالممل، لتقف أَمام النافذة المطلة على وادٍ، أودى الخريف بألوان الوريقات المتبقية على شجره!….إلا أن رؤى بشاشة وجهه قبل الرحيل، أسكن وجع لحظات الوداع الأخيرة في مبضع الجرح النازف!....
كانا قد التقيا في حقل الحصاد، حين رأته وهو يتصبب عرقاً، ينصب مجمله في عريه الظاهر, من القميص المتروك أزراره !...
صبَّت له طاساً من الماء، ليخفف به حرارة البدن المنهك!...التقت عيناهما قُبيل الرشفة الأولى، حين رفع الطاسة لشفاهه، فكانت لهفة اللقيا أشدُ برداً من أى ماء!...
وفي الظهيرة, زمن المستراح، تحايلت للقياه, فكان الخلخال المستعصي في القدم منذ زمن الوسيلة، فبعد أن أفرغت النساء من حيلة المساعدة في خلعه، ترجته وهي تمد له القدم!.....رفع قدمها بخجل، ليمسك بطرفي الخلخال, وبحنان كي لايؤلمها، شدّ على الأطراف، فأبعدهما عن الساق!…فتحررت من خلخال كانت تظنه قيدأً للعبودية، لتقع في أسرالهيام!....
كانا يلتقيان بين أزقة القرية الصغيرة، وكان صامتأ لا ينطق الا القليل، ولكن بريق عيناه, في لهفة اللقاء، كان أشدُّ تعبيراً من أي كلام!....فصمته وقِلةُ كلامه، له ما يبرره وهي تعرف أسبابه، فتلعن في سرها المسبِّبَ!….
ففي غمرة وهج النضال الوطني, وفورة شباب الكرد, أطبق المجرمون عليه مع بعضٍ من أقرانه, وكان مصيرأغلبهم, كما هو عليه آزاد!....صمتٌ يحكي عمق الألم, وبشاعة قانون الغاب!....
عندما كانت تراه مهموماً، تودُ لو أنها تستطيع أن تغير من دساتير اللعنة في العالم, وحين تدرك حجمها ومدى جبروتهم, تعود لنفسها ثانية, لتسكن قوقعة اليأس القاتل للأمل!.....فتمسك يداه بحنان بين يديها, لتقول له في سكون ظلمة الأزقة ما يعجز عنه اللسان!....
اِلا أنّ الظلم وأهله,أبوا عليهم أن تدوم هذه الفرحة!…فأسودت الدنيا بعينيه, حينها قرر الرحيل!....وكان الوداع الأخير!...والآهة الأخيرة!….
بدون أن يقول لها الكثير, ضمها الى صدره، وشدَّ عليها بقوة زنده، وبسرعة المرعوبِ أبعدها ثانية، ليبتعد على عجل، وغاب في المجهول!.....تاركاً أياها مع بشاعة الأنتظار, والآهات المستديمة!….
-هاجر الى أُوربا؟....
-لا.....التحق بالثورة!…..
-أو أنه يعمل في ورشة بناء, على طللٍ في بيروت!...
كانت تسمع الأحاديث المتضاربة, وهم في سيرته, وتحكم هي على الباقي المرّ!…فتارة تلتحق به, حيث الجبل و الثوار!…وأخرى تستنشق معه ترابَ طللٍ في بيروت!...أو تدفع لنخاسي ما تملكه من حلي، لينقلها مع المهجرِّين قسراً نحو الغرب المعسّل المسموم!...
-التحقت به!....انها مع الثوار الأن!...
-بل هاجرت ورائه... أوربا أو بيروت!...
ولم يبقى لأزقة القرية, سوى الزوايا الداكنة الظلمة, وهي تحكي للمارة، سرُ الآهة الأخيرة!…..



#عباس_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصائص الشخصية الكوردية
- ملاحظة عن الأدب التركي
- يراودني حنين
- الإحباط السياسي الكوردي
- الكورد في سوريا
- الأهل وبعض الأصدقاء
- ما أجمل الحياة
- ماسبب الأساس لمشكلة الكورد
- السمة المميزة للسياسة الأمريكية
- الجرثومة القاتلة لحركة التحرر الكوردستاني
- في سورية هل :
- عشنا غرباء حتى في الوطن
- أتقننا ككورد لحس الجرح
- أمريكا الكافرة


المزيد.....




- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...
- مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي ...
- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس عباس - آلأهة الأخيرة