|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (1)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6144 - 2019 / 2 / 13 - 16:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (1) عماد علي لم يشغلني شيء طوال مطالعاتي واطلاعاتي اكثر من الفلسفة و الاسئلة العفوية و التامل العميق في كينونة الحياة. و اذا كان من الممكن ان ندعي وجود الفلسفة في المجتمع الاسلامي باسم الفلسفة الاسلامية كما تُنطق مجازا اكثر من المعني في جوهره اساسا. و عليه، واخيرا وجدت ان اجيب بما اقدر عليه و بشكل حيادي بعيدا عن خلفيتي الفكرية الفلسفية والاثنية عن الاسئلة المتزايدة يوما بعد اخر في ذهني و اعتقد في اذهان الكثيرين من المهتمين بالفلسفة الاسلامية بشكل خاص ايضا و في مقدمتها السؤال، هل حقا هناك فلسفة اسلامية حقيقية قبل اي شىء، وهل يمكن ان نعتقد بانها اي الفلسفة انبثقت في المجتمع الاسلامي بعيدا عن استخدامها و جوهرها من اجل اهداف اخرى و ما يمكن ان نسميها الفلسفة المجردة كفلسفة بذاتها و بهدفها الخاص و لم تنبثق لما تطلبتها ادعاءات الصراعات السياسية و استعمالها كآلية جاهزة لنفي الاخر و منعه من التقدم او عرقلة بيان موقفه واسقاطه فكريا قبل تقدمه بخطوة واحدة او انتشاره اصلا؟ فوجدت ان الفلسفة في المجتمع الاسلامي او ما يمكن ان نسميه الحضارة الاسلامية اصبحت ضحية الصراعات المختلفة و السياسية بشكل خاص و المستوى المتدني للثقافة العامة للمجتمع في مراحل نشر الدين الاسلامي و فقدان دور النخبة المتميزة و ضمورهم اساسا او تذمرهم من السلطة الجائرة و تقييد حريتهم في اكثر المراحل الاسلامية حكما عبر التاريخ. و ما دعاني الى هذه الكتابة هو اعتقادي بان اية محاولة و ان كانت ضئيلة لفهم الفكر و الفلسفة الاسلامية من اية ناحية كانت العقلانية و التقلانية و العرفانية تضطرك الى العودة مجبرا الى التاريخ الطويل لتجلي و تنمية و توسع الفكر الاسلامي بشكل عام في تلك المراحل، و بالاخص العودة الى مرحلة بدايات القرن الثاني الى نهايات القرن الرابع الهجري التي تميزت بانبثاق ما يمكن ان نسميه مجازا الفلسفة الاسلامية، و هي المرحلة الذهبية للتاريخ و الفكر الاسلامي. لكونها المرحلة التي يمكن ان نعتبرها قد تجلت فيها ما سميت بالفلسفة الاسلامية و الفكر الاسلامي و الثقافة الدينية و كُتبت تلك العلوم الاساسية و اُعتبرت اساسا للمراحل الاخرى التالية لها. لم تكن تلك المرحلة نهاية التفكير و التوجهات الشفهية فقط و انما اعتبرت بداية لتدوين العلوم في الثقافة الاسلامية و كذلك تاسيس و تدوين العقل الاسلامي بتوجهاته الرئيسية الثلاث. و هذا لا يعني ان العلم و الفكر الاسلامي قد توقف عن التنمية و التطور فيما بعد و انما بمعنى اخر ان البنية الرئيسية للعقل الاسلامي و اسسه العامة و اطره الفكرية قد اثبتت بشكل قوي في هذا العصرنتيجة ما تلاقته من الدعم المميز من سلطة تلك المراحل من جهة و الصراع المنضبط بشكل و اخر فيها. رغم ذلك الا اننا لا نعتقد بان الفسفة الاسلامية قد انبثقت بشكلها العلمي المعروف و لكنها الى جانب ذلك ما يفرض نفسه ان نقول انه انبثقت ارضية مناسبة لظهورها و تاسيسها و تطورها من خلال توريد الافكار و التوجهات الفلسفية و دمجها مع الواقع الموجود في حينه، و لكنها و رغم الارضية و الدعم انها واجهت عراقيل و عقبات كثيرة مما اجبرتها على الخنوع و الخضوع للامر الواقع و اوقفتها و من ثم اسقطتها و اماتتها و هي لا تزال في رحم التاريخ. و كل عملية فكرية مابعد تلك المرحلة لم تكن غير الدوران في تلك الدائرة التي كونتها الصراعات السياسية قبل الفكرية و الفلسفية بشكل عام، و كلما تعمقت و اهتم بها الكثيرون فاصبحوا مضطرين الى العودة الى تلك المرحلة لبيان اساسها و صحتها و حقيقتها، و هو العصر الذي اُعتبر بداية تعرف المسلمين على الاسس العامة للفسفة و الكتابات الاجنبية و بداية مرحلة عملية الترجمة بشكل واسع الى اللغة العربية التي كانت اللغة الرسمية للفكر الاسلامي بما احتوت العديد من المصطلحات و المفاهيم و المعطيات الاجنبية التي كانت هذه اللغة قد تعرفت عليها من قبل، او كما يقول الاخرون لم يكن في ثنايا اللغة العربية تلك المصطلحات و المفاهيم الخاصة بالفلسفة الا بعد عملية الترجمة و نقل فحوى ما انبثقت في الحضارة اليونانية و تسملتها الفلسفة العربية و امتزجت بها و اكثرها بشكل مشوه ايضا لانها اجبلت في بيئة اسلامية غير مشجعة على الاستقبال لتلك المفاهيم بشكل علمي و صحيح. و هذا،اي عملية انبثاق الفلسفة باي حال كانت، ان كانت بدوافع خاصة مبنية على صراعات سياسية الا انها مع ايجابياتها المتعددة دفعت الى افراز سلبيات جمة معاكسة للتوجه الفلسفي الصحيح، و هو ما سبب في تعمق العملية الدينية و خلط الفلسفة بالمباديء الدينية و يمكن ان ندعي بان نتيجة ذلك اُنشات مدارس و مذاهب و توجهات عدة كرد فعل لما استوردت من الفلسفات الاجنبية و بالاخص من اليونانية. و كان دعم العصر العباسي و في مراحله الاولى و بالاخص ابان حكم المامون للتعرف على ما كان موجودا في بلاد الاغريق و ترجمة منتوجاتهم الفكرية و الانسانية له الاثر الاكبر، و ان كانت تلك العملية من اجل اهداف سياسية بحتة كما يعتقد الكثير من المتخصصين و المتفقين على انها كانت ضد الفكر و التوجه و الاداعاءات و النتاجات الغنوصية الباطنية في تلك المرحلة. و على الرغم من ذلك الا انها كانت بداية انبثاق مرحلة جديدة و شيئا ما انقطاعا بين الفكر الديني المحلي المغلق على نفسه و تحولهاالى التوجهات الجديدة من الفكر المنفتح و المركب و المتاثر بافكار الاثنيات و الثقافات المختلفة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من عاش مخادعا مات متسكعا
-
هل النخبة السائدة انصفت المهمشة؟
-
ايهما المتهم الدين ام العلم ؟
-
هل الكلام مع الغيب ممكن ؟
-
فرصة سانحة لليسار الكوردستاني لا تعوض
-
انعدام المعارضة الحقيقية في العراق و كوردستان ايضا
-
متى نصل الى نقطة نعمل فيها بقدر ما نتتقد؟
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ ( 5 )
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟(4)
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ (3)
-
لماذا ترجمت كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ (2)
-
لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية ؟
-
زيارة لها اهداف تكتيكية فقط دون الحلول المطلوبة
-
هل تصلح الديموقراطية للمجتمع الكوردستاني ؟
-
لم تعد هناك محاولات للبحث عن الحقيقة !!
-
متغيرات و ثوابت المجتمع الكوردستاني تحت الضغوطات المتنوعة
-
حقا اثبتت تركيا انها دولة القانون كما تفهمها!!
-
هل اليساري مدان في كوردستان؟
-
اوشكت نهاية عصر المناصفة في كوردستان
-
النواب العراقيين تفرّدوا ام تمرّدوا
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|