أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - أنسنة الظاهرة الإنسانية














المزيد.....


أنسنة الظاهرة الإنسانية


احمد زكرد

الحوار المتمدن-العدد: 6142 - 2019 / 2 / 11 - 02:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما أعلن عن  موت الانسان ، هل يبقى من الممكن قيام معنى  إنسانية ؟
سؤال طرح نفسه من موت الاله مع نيتشه ، و يطرح مع موت الانسان عند فوكو.
سأنطلق أولا لأجيب عن سؤال : لماذا مات الإنسان ؟
أمام الولادات المتكررة للفلسفة ، تخرج العلوم الانسانية بكل تلاوينها  من رحمها كآخر ولادة  ، لكنها ولادة لم تكتمل، حيت أن سؤال علمية العلوم الإنسانية يطرح نفسه باستمرار : هل فعل استطاعت العلوم الإنسانية أن تنأى عن الفلسفة و تحقق العلمية كما حققته العلوم الطبيعية ؟
انتصر لهذا  رواد النزعة الوضعية على رأسهم: سان سيمون و اوغيست كونت و اميل دوركهايم و سبينسر ...  بعدما انبهروا بالانجازات التي حققتها العلوم الطبيعية ، فاعتمدوا مناهجها  لدرسوا الظواهر  الانسانية على ضوء العلوم  الفيزيائية و  الطبيعية و التجريبية على أنها اشياء و مواد و موضوعات  وفق المنهج التفسيري السببي الوضعي ، هنا سيعلن ولادة الانسان كموضوع  للدراسة في عزلة عن الذات.
هكذا مات الإنسان كذات تتميز بالتفرد و التميز او بتعبير دوفرين " انه شبيهي من حيت هو يتفرد بذلك الشبه " .
وأمام هذه الضربة القاضية للإنسان كوعي ، وبما أن الوعي هو الذي مكن للفلسفة وجودها ، فالموت قد طال الفلسفة بدورها أمام زحف النزعة الوضعية ، فهذا التوجه الوضعي الذي يكاد يربط بين نهاية الفلسفة و إمكانية تجاوزها .

امام هذا الاحراج : سؤال نهاية المعنى أو موت الذات ومنه موت الفلسفة ، يفتح هوه سحيقة أمام التصور الاكسيولوجي والوجودي للانسان ؟
هل سيتمكن الفلاسفة من إعادة الاعتبار للانسان ومنه للفلسفة ؟  او بمعنى اخر هل سيتمكن الفلاسفة من أنسنة الظاهرة الانسانية ؟
قد انتبه هايدجر لهذا ، حيت اعتبر ان الفلسفة بالاساس  هي تفكير في الكائن الانساني و نمط حضوره ؛ و بعبارة اوضح انها معرفة بالكائن الانساني و تمثله لنمط حضوره للاشياء في العالم . وبالتالي فالانسان هو سيد الوجود فلا معنى لقتله في عقر داره . يقول بلزاك موضحا الفرق بين العلم و الانسان : "  ان مفتاح العلوم هو السؤال ، لذلك ندين بجميع اكتشافاتنا ل ( كيف ؟) ، وتقتضي الحكمة في الحياة ان نتساءل دوما (لماذا؟)".
اذن فالفلسفة الوجودية  اهتمت بالإنسان في محاولة لاعادة الاعتبار اليه امام هذه النزعة التشيئية ، وعدم القبول بالعلم الطبيعي نموذج لدراسة الانسان .
فحسب الفينومنولوجي  ادموند هوسرل  أعلن عن وجود هوة لا تعبر بين الماهيات و الوقائع ، حيث أن من يبحث الوقائع لن يدرك أبدا الماهيات ، وبغية ادراك هذه الماهيات لن يسعفنا في ذلك منهج التفسير السببي و إنما التفهم التاويلي . اذن و بلغة كلود ليفي ستراوس :" العلم وحده عاجز عن الاجابة عن جميع الاسئلة المطروحة ، وبالرغم من التطور الذي سيحققه ، فلن يستطيع الجواب عنها ابدا ."  وبهذا سيظل الانسان ذلك الكائن الغماض و والفريد ، وحتى نفهم هذا الامر  ونميز بين عالم الأشياء ( الفينومين )  وعالم الجوهر ( النومين ) ؛ ذهب سارتر إلى التميز بين الشيء لذاته و الشيء في ذاته  ؛  حيت ان هذا الاخير هو وجود بدون وعي وبدون حرية و هو الذي يقدم  للمعرفة العلمية الموضوعية  ، اما الوجود الاول ( الوجود لذاته ) هو وجود متميز انفلت للعلم  بتعبير دوفرين  ، لانه وجود واعي وحر يختار ذاته باستمرر ويختار ماهيته بحرية، هذا  الامر يجعل جدار سميك بين الذوات ،  او كما يقول سترارس " الوعي هو العدو الخفي لدراسة الانسان " وبالتالي لا يمكن ان تتحدث عن علم انساني خارج الوعي او كما قال فرانسوا رابليه : " العلم بدون وعي ليس الا خرابا للروح ."

هكذا فما يجعل من الإنسان انسان هو انه فهم نفسه بوصفه إنسان .
وبالعودة الى سؤال المعنى: فاذا غاب الانسان سنصبح أمام اللامعنى ، لان الانسان معيار كل الاشياء بقول بروتاغوراس . هذا يعني ان الانسان هو معيار الاخلاق هو معيار القيم  بما فيها الخير الحق والجمال ... وبهذا يكون الانسان وجود يمتد فيما وراء كل معرفة علمية يمكن تحصيلها عن الانسان ، لانه حر ينفلت من طائلة كل معرفة موضوعية . وبه علينا ان نسقط العلمية من العلوم الانسانية ، حتى نخلص الفلسفة من ألام الولادة و التحرر من أوجاع المخاض .



#احمد_زكرد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراهن العربي الإسلامي بين التنوير و الظلامية
- تأثيل المقدس 3: كيف تصنع الأديان؟
- تأثيل المقدس 2 قضية الغرانيق وسؤال الحقيقة
- تحرير الأخلاق من هيمنة الدين
- التأسيس لدين إنساني من منظور كانطي
- فكرة الدين عند كانط
- تأثيل المقدس


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد زكرد - أنسنة الظاهرة الإنسانية