يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6141 - 2019 / 2 / 10 - 23:28
المحور:
الادب والفن
أعلنوا نهاية نظامٍ عاقرٍ ، لتصفية الحساب مع تاريخه المفلس ، و التسويق لبداية عهدٍ جديدٍ حبلى بحياةٍ كريمةٍ ، يستحقها مستضعفون على رصيف الأمل انتظروها طويلاً .
المعلنون المستبشرون خيراً ، لهم باعٌ طويلٌ في تقديم الإغراءات التي تحول أكثر الرجال فشلاً إلى فارسٍ مغوارٍ . و منح الأدوات التي تجعل أكثر العملاء و الانتهازيين إلى رمزٍ وطنيٍّ في خدمة المواطن .
بدأ تدافع قوافل الطامعين على أفواج الطامحين لركوب قطار التغيير ، مروراً بأشخاصٍ لم يكن لهم في الوجود ذكرٌ .
بدا الأمر و كأنه سوقٌ لعرض المزايدات اللفظية و بيع الكلمات المتملقة المثيرة للاشمئزاز .
المحرضون لديهم تجاربٌ عميقةٌ في إقامة الأعراس الجماهيرية ، و حشد الخلائق في الشوارع و الأزقة ، تمهيداً لزجهم في فخ مكائدهم ، ثم التخلي عنهم في أحلك الظروف بعد توريطهم .
هكذا انطلق قطار ثورتهم مع اكتمال جهازٍ إعلاميٍّ ، كان له الدور الخارق في اتساع رقعة حلقة رقص الصراع .
و ناهيك عن فضائياتٍ تروج للقتل و الذبح ، حتى تحولت الأجساد إلى عبواتٍ مفخخةٍ ، تنسف الطفل الرضيع و المرأة الحاملة و الشيخ الفاني ، قبل الشباب و المقاتل المستهدف .
و رجالٌ تطوعوا في كل الأصقاع تلبيةً لنداء الملتحين و مرجعياتهم المعممين ، ليلعبوا لعبة الأسلاف ، و تطبيق أفكارهم الملطخة بغبار الكهوف .
فكان قطع الأعناق و حز الرقاب و سبي النساء و نكاح الجهاد و استباحة الدماء ... اقتداءً بسيدهم الأول ، و السير على خطا الأولين و الأهتداء بأفعالهم .
ظناً منهم أنهم تمسكوا بمقبض أبواب النجاة بفعلتهم تلك ، ففازوا بجنان الخلد و مذاق نعيمها الموعودة .
ذاب ثلج وعود الجميع ، و بان مرج نياتهم المبيتة . و تعرت الصدور متشحةً بسواد الحقد و الشوفينية .
الأمنيات كانت محض خيالٍ ، فذهبت أدراج الرياح .
و الأحلام بهواء الوهم تورمت حتى تجاوزت حد المألوف فتفجرت من نفخٍ مبالغٍ .
ثورتهم تمخضت فولدت ارتزاقاً .
مثلما أعلن الفيلسوف نيتشه عن النبأ المدوي صداه حينما قال : ( لقد مات الإله ) .
كذلك تم الإعلان عن موت المعارضة العفيفة ، و لم يبق غير ثلةٍ على قيد الارتزاق ، يعملون على حساب أطراف النزاع .
منذ الإعلان عن بدء عهد الانفراج ، و الوطن مطروحٌ على سرير لعبةٍ كونيةٍ شيطانيةٍ مجهولة النتائج ، ربما يعبر البوابة الأخيرة من جروحه المثخنة .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟