أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-














المزيد.....


من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6130 - 2019 / 1 / 30 - 13:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحذرك قبل أن تقرأ فالقصة مراوغة، وهذا لايعيبها فى ذاتها بقدر إدانته لماتعكسه من واقع حياتنا فى عالم متقلب طبع الناس والأشياء والدنيا من حولنا بطابع الزيف والانتهاز والمخاتلة، فصار عنوانه عدم اليقين والالتواء والتكلف والكذب. تجلى ذلك فى عوالم الاجتماع والسياسة والثقافة والمعاملات وحتى سياسات الحكومات والدول والنظام العالمى، كما عند البشر كبارهم وصغارهم، لا فرق. لقد تخفى العالم وراء شعارات وعناوين خادعة كاذبة وتخلى عن إرثه القديم فى "البحث عن الحقيقة" إلى محاولة "البحث عن أى قيمة أو معنى" تبرر الهيمنة والاستبداد والتحكم فى الناس واستغلال الشعوب وإخضاع الدول.
لكأننا فى رحلتنا الانسانية تحولنا من النظر إلى الكون الفسيح ومحاولة سبر أغواره، إلى العالم الضيق حولنا لتبرير أخطائه وأخطاره، من كبريات القضايا إلى صغارها، "من سؤال الحقيقة إلى البحث عن أى معنى"، فيالها من كوميديا سوداء وفنتازيا العالم الموازى المصطنع، بما آلت إليه الأحداث والسياسات والمفاهيم والأفكار والرؤى والقضايا.
ولعل فى قصتنا مايجسد أزمتنا ويعكس واقع حياتنا وعالمنا، ولسوف أقدمها لك بنفس لغتها العامية حتى لاتفقد تأثيرها. تقول الحكاية: دلف الرجل إلى محل البقالة ليقابله البقال البادى عليه أثر العمر الطويل من خلف زجاج ثلاجة العرض، ودار بينهما الحوار التالى: "لو سمحت ممكن ربع فلامنك. إشمعنى فلامنك يعني؟ . بحبها أنا بحب الجبنه الفلامنك. وعرفت منين إنك بتحبها أكلت الجبنة البيمستر الهولندي ولا الإمنتال السويسرى؟ لأ ماكلتهاش. يبقى أنت مبتحبش الفلامنك، إنت متخيل إنك بتحبها عشان مجربتش الأحلى منها. مش فاهم. أفهمك، إنت مثلا متخيل إنك راجل محترم، بس إنت مش محترم ولا حاجة، كل الموضوع إنك متحطيتش تحت الضغط اللي يطلع النقص اللي جواك، زي الفرق ما بين الحرامي والشريف، الحرامي احتاج فلوس فسرق والشريف معاه فلوس فلسه مسرقش. إنت عايز إيه يا عم الحاج البقال؟. عايزك تعرف إنها ماشية بالستر يابني، إنت ذكي عشان اللي حواليك أغبى منك، مثقف عشان اللي حواليك أجهل منك، لكن في ظروف تانية وناس تانية كان ممكن تبقى جربوع واغبي واحد في الدنيا، الدنيا مفيهاش ثوابت غير إن كلنا هنموت، الفلامنك زي الإسطنبولي، الطعم ده وهم، إيحاء نفسي، الموضوع يتوقف على قناعتك الشخصية إن اللي بتاكله ده طعمه حلو، طب تفسر بإيه إن فيه شعوب بتاكل ضفادع وصراصير؟ ولو حد فيهم جه هنا وعزمته على كبدة وممبار ممكن يقرف أو يرجّع، ده وهم يابني صدقني، الفلامنك زي الإسطنبولي. طب انت عاوز توصل لايه من الآخر كدة عشان أنا تعبت وبدأت أشك في نفسي وفي كل حاجة. أنا عاوز أقولك خد ربع إسطنبولي. ليه تانى؟. أصلي معنديش فلامنك". هنا انتهت القصة، لكن لم ينتهى سؤال المعنى، فذلك البقال الأريب ليس لديه "فلامنك" وفاقد الشئ لايعطيه. لكن البائع هنا لايعترف بالنقص عنده، فيلجأ للمراوغة ويحمل الآخر مغبة نقصه بل يتمادى فى تسفيهه والنيل منه والتقليل من احترامه وقناعاته ونزاهته ويشككه فى ذاته، بل راح يفرض وصايته حتى على ذائقته فى نوع الجبن الذى يحبه.
شئ من هذا يحدث فى عالمنا المراوغ، وكأن فى قصتنا تجسيد لما يفعله ترامب مع أوروبا وسوريا وإيران والعراق واليمن وروسيا والصين وكافة الدول من حلفاءه وأعدائه على السواء، وحتى مع الكونجرس ونوابه ورجال إدارته الذين يقيلهم ويسفههم ومخابراته التى يراوغها علناً ويكذبها، لكأنه وحده الذى يعرف كما البقال فى قصتنا، بينما العالم كله بالنسبة له كما صاحبنا سئ الطالع الذى قادته قدماه ذات مساء أغبر إليه، لايعرف وعليه أن يكذب نفسه ليصدق شطحاته هو وادعاءاته. والقصة ماثلة أيضاً فيما حدث فى فرنسا وحكومتها التى فرضت قصراً سياساتها الرأسمالية المتوحشة على شعبها، ما أسفر عن ظهور أصحاب السترات الصفراء. إنها قصة الربع فلامنك متجسدة فى كل ذلك وغيره مما يحدث فى تونس وسياساتها، وما يحدث فى السودان ومظاهراتها، وما يحدث من أردوجان بإصراره على غزو "منبج" وفرض وصايته على أكراد سوريا رغم أنف حكومتها. والقصة ماثلة أيضاً فى إرهاب الدولة الذى يمارسه نتنياهو بضرب سوريا والاعتداء على سيادتها لتحالفها مع إيران وحزب الله. وهى ظاهرة فى مجالنا المصرى العام، جلية فى إعلامنا الفارغ من كل معنى، المتطاول على الناس بكل غباء وسطحية. الأمثلة كثيرة، والقصة رغم مراوغتها فهى موحية وملهمة، تحيلنا إلى سؤال المعنى الغائب والقيمة المفقودة، وربما تشير بطرف ظاهر غير خفى إلى أننا نعيش عالماً يصدق فيه قولنا: "إنه عالم الربع فلامنك".



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس تضع سياساته بلاده فى وجه العاصفة
- -شذوذ تاريخى- يعرض العالم للفوضى والخطر
- أنا النموذج ولاشئ غيرى
- الأسئلة وحدها هى المبصرة
- عالم مابين الحمار والفيل
- عمل حاجات معجزة .. وحاجات كتير خابت
- لسنا قردة .. لكننا نحب العدل والحرية
- الإسكندرية وجدار الفصل العنصرى
- كل الصباحات .. باردة
- ولاتزال الحقيقة عارية
- تُراه كان يكتبنا؟
- يوليو وناصر الذى لا يغيب
- الاغتيال الاقتصادى للدول
- الكوربوقراط يهددون العالم
- قديس فى الحانة .. لص فى المسجد
- الأحزاب والرشادة السياسية
- الليكود الجديد فى مصر والوقوف فوق سن إبرة
- جمال عبد الناصر: مئوية النضال والثورة
- ترامب والقدس: سانتاكلوز جاء مبكراً
- سيرك تحت وهج الشمس


المزيد.....




- تطايرت القمامة على وجهه.. شاهد ما حدث لعامل خدمة نظافة بعد ت ...
- شاهد كيف سلّمت كتائب القسام رهائن اسرائليين للصليب الأحمر في ...
- ابتعد عن شراء ما يسوّقه لك المؤثرون، ربما ستدرك حينها أن ما ...
- لا إعفاءات حتى الآن..البيت الأبيض يعلن تطبيق رسوم ترامب الجم ...
- الجيش الإسرائيلي يؤكد وصول رهينتين إلى إسرائيل أفرجت عنهما ح ...
- رسائل -حماس- الصريحة لتل أبيب والعالم لكسر جانب من هيبة الجي ...
- -القسام- تسلّم الأسير الإسرائيلي الأمريكي الثالث للصليب الأح ...
- كيف تُسقط دولة دون إطلاق رصاصة؟
- أحدهما روائي.. أسيران مقدسيان في رابع دفعة من -طوفان الأحرار ...
- 13224 مهاجرا عربيا غير نظامي بأميركا يخشون الترحيل


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-