صفوت سابا
الحوار المتمدن-العدد: 6127 - 2019 / 1 / 27 - 16:10
المحور:
الادب والفن
أيها الناس: إنِّي أُذِيعُ عَلَيْكُمْ خبر مَوْتِي
قبري وتَعْذِيبِي
ففَحِيحُ أَلْسِنَة النِّيرَان قد عَلَا صَمْتي
والدُّودُ يخْتالُ فِي الحَمْراءِ يَنْهَشُنِي لتَأْدِيبي
فلا تَبْكُونِي وإِعْتَقِلُوا دُمُوعَكم
عَبْرَاتُكُمْ تُزِيدُ النَّارَ في لَهِيبِي
قَيِّدوها في الظَّلَامِ خَلْفَ أَسْوَار العيونِ
اخْنُقوها في الصُّدُورِ فهي دَائي و تَطْبِيبِي
وادْفِنُوا بِجِوَارِي أمْتِعتي
جَلالِيبِي
أَكْسُوا أَسَارِيرَ وَجْهِي بأَقْنِعَتِي
لأَرْفَل في أكاذيبي
لَعَلَّ مَلاكَ القَبْرِ يُخْطِئُني ولا يَأتِي
تُتَوِّهه ثَنِيَّاتُ تَجَاعِيدِي
لَعَلَّ الوَحْيَ قد يُغْنِي ولا يَعْنِي
مَمَاتًا فاق مَوَالِيدي
فَوَحْيِي يُضْحِك الثَّكْلَى
كأَضْغاثٍ وأَحْلامٍ لقَفْرٍ بالتَّجَاوِيدِ
و لَسْتُ أَجْوَد عن كرمٍ ولا خُلُقٍ
لَكِنِّي سَيِّدُ عَبِيدي
أُقَتَّلَهُم وأَجْلَدَهُم وأَرْجَمَهُمْ
بِبَعْضِ مِنْ أَسَانِيدي
فلم يَنْجُ من السَّيْفِ أيُّ منْهُمْ
وسَوْطِي يُبْلِي الظَّهْرَ بكَدْمَاتِ الأَخَادِيدِ
وفي سُنَنِي أُصَفِّي بَعوُضِي عَنْ خَمْري
وابتلع تَمَامَ الجَمَلِ في ثَرِيدِي
فأنا سوى الجُبْنِ مالي من خُلُقٍ
وفي الوَغَى أَنادي: "مَنّ يباريني"
غليظ القلب من حجرٍ
ورَمْيَاته تُخَدِّشك وتُنْهِينِي
وبالحجرِ بَنَيْتَ مَعَابِدِي الْكُبْرَى
وأهْرَامًا هُنَاك يَكُون تَكْفِينِي
سوى الفقرِ ما لي من إرثٍ
ولَيْسَ لِي ثوبٌ لتَأخذ بِالتَلَابِيبِي
أَعِيش تَحْتَ أَنْفَاقٍ كيَرْبُوعٍ
أُغَطِّي حُفْرَةُ الأَرْضِ بقِشْرٍ من أَلاعِيبِي
وألْقَى يَوْمِي غَيْر مُكتَرِثٍ بِمَنْقُوعٍ
من الجَهْلِ والجَهْلُ نَسَبٌ من مَناسِيبِي
فالْقُبْح فيه قد حَسَّنَ وَجْهِي
وفي حُسْنِي يُغَنِّي كُلُّ مُخْتَلٌّ أنَاشِيدِي
يُرَدِّدُهَا بفَمٍّ يَنْكُثُ عَهْدًا
كمَحْفُوظٍ في حَلْقَات الْكَتَاتِيبِ
يُلَقِّنُها ضَحُوكٌ كَانَ مُكْتَئِبًا
يعيش بين أضْرَحَة الْمَجَاذِيبِ
كَأَنَّ الله أَكْرَمَنَا بذرّاتٍ من الْعَقْلِ
حَسَبْنَاها كأَزْوَاجِ الْمرَاكيبِ
#صفوت_سابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟