أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [61]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي















المزيد.....

[61]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 23:33
المحور: الادب والفن
    


صبري يوسف

61. ما أسباب التّخلُّف المزمن في العالم العربي، وكيف يمكن أن ننتشله من هذا التَّخلُّف المرير؟

د. أسماء غريب

هذا سؤال ضخم وتصعبُ الإحاطةُ به في حوار من مئة سؤال، لأنّ إشكالية تخلّف العالم العربيّ هي من الإشكاليات العويصة والمركّبة الّتي تحتاجُ إلى كتب ومجلّدات موسوعيّة من أجل الإفاضة فيها والتَّطرّق إلى جميع جوانبها بدءاً بما هو ديني، واجتماعي وعلميّ ونفسيّ، ثمّ وصولاً إلى ماهو سياسيّ واقتصاديّ وهلمّ جرّاً، لكن هذا لا يمنع من الخوضِ فيها بحرف الإيجاز، والحديث بالتّالي عن بعض من النّقاط الرّئيسة، وعليه فإنّي أقول إنّ أسباب التّخلّف العربيّ عديدة أهمّها السّبب "الدّينيّ"، باعتباره المحور الّذي تتشابكُ وتدور حوله بقيّة الأسباب والعوامل الأخرى، فحياة الإنسان العربيّ لا تنطلقُ إلّا ممّا هو دينيّ، ولا تعود إلّا إليه، وكأنّ هذا الأخيرَ حَكَم على نفسه بالدَّوران وسطَ حلقةٍ مفرغةٍ يركضُ فيها ولا يستطيع منها خروجاً ولا خلاصاً، وذلك لأنّ الوجودَ عندهُ ما هو سوى طريقٍ للآخرة واستعدادٍ للموت، والكلّ بالنّسبة له عليه أن ينتظر مثلهُ قيامَ السّاعة ويتلهّفَ لمعرفةِ مصيره، هل سيكون في الجنّة أم في النّار، وهل مع الحور العين أو مع الغلمان، وهل في الغُرفة العليا من الفردوس أو في الدّرك الأسفلِ من الجحيم! والكثير من النّاس في العالم العربيّ إمّا دعاة وإمّا خطباء؛ الفقية في المسجد، والأبُ في البيت، والمديرُ في العمل، والرّئيس على منصّات الخطابات الرّسميّة، وقلّة هم أولئك الّذين يفكّرون في أنّ الخطاب عليه أن يكونَ مسبوقاً بالإنجاز، وأنّ الدُّنيا دار عمل وعقل وإنتاج وسعي وتدبّر لا دار خطب ووعظ وإرشاد فحسب، مصداقاً لقوله عزّ وجلّ: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)) (الصفّ: 02 /03).

نعم، العربيُّ لا يستوعبُ أنّه ثمّة فرقٌ كبير بينَ ماهو حياتيّ دينيّ يوميّ، وبين ما هو حياتهُ الفكريّة الحقّة بوصفها وسيلةً للتّنمية والرّفاه والازدهار والسّعادة الرُّوحيّة، لأنّ الحياة عنده تقاسُ فقط بالحلال والحرام، وبما يجبُ وما لا يجبُ، فتراه يعيش في وسواس قهريّ دائم يعذّبُ ويجلدُ به نفسَه باستمرار، وحينما حاول الفلاسفة الأوائل من المعتزلة اعتماد العقل كمنهج في التّفكير وفي تفسير القرآن قوبِلُوا بالرّفض والتّعنّت، ولمْ يسلم من الفلاسفة عامّة لا ابن رشد ولا ابن سينا ولا حتّى ابن الهيثم ولا غيرهم، ففكرهُم كانَ كُفراً ونشازاً بالنّسبة للثقافة السَّائدة آنذاك، والَّتي كانت ترفضُ النّقدَ وكُلَّ فكرٍ إبداعيّ خلّاق يزحزحُ ما تكلّسَ وتَحَجّرَ في العقول من معتقدات ومسلّمات. والعربيُّ هكذا ليس لأنّهُ مُسْلم، ولكن لأنّهُ اعتادَ أنْ ينسِبَ كُلَّ أهوائه وعُقَدِه ونواقصه إلى الإسلام، فإذا قهَرَ وكبَتَ المرأة وسلبها حريّتها مثلاً، فلأنّ الإسلامَ - من وجهة نظره - أمرَهُ بذلك، ولكيْ يبرِّرَ هذا تجدُه يلجأ إلى النّصوص يُؤَوّلُها وفقاً لمصالحه السّياسيّة والاقتصاديّة والنّفسيّة وما إليها، وإذا كَفَّر أحداً أو أمرَ بقتل وسفك دماء من يراهُ عدوّاً لهُ في الدّين فلأنّ النّصّ الدّيني يُخوِّلُ له ذلك، ولأنّ كُتُبَ التّفسير تؤيّدُهُ وتدعمُه في ذلك، والأدهى والأمرّ من هذا، يَجِدُ حتّى المؤسّسات الدِّينيّة الرّسميّة تساندُه بمَراجِعها وكُتبها الفقهيّة الّتي مازالت تُتَداوَلُ لليوم في المدارس بكلّ ما فيها من نصوص دمويّة قتاليّة غسلت بمرور العقود أدمغةَ وعقول العديد من النّاشئة والمراهقين إلى أن أصبح في العالم العربيّ شيء اسمه (داعش) وما إليه من الحركات الجهاديّة والّتي ليست من الإسلام الحقّ في شيء.
وبناء على ما سبق ذكره تصبحُ الثّقافة العربيّة ثقافة تهتمُّ بما هو دينيّ قبل ما هو واجب فرديّ، وتضربُ بعرضِ الحائطِ تعاليم الإسلام الحقّة في الشّأن العامّ والمعاملات، أيْ في السّياسة والعدالة والاقتصاد وبناء الحضارة. وهذا يحدثُ لأنّ العربيّ يعتبرُ النّصّ القرآنيّ نصّ عبادة ودين فقط، ولم ينظرْ إليه أبداً ككتاب عقلٍ وعلم وتدبّر وفِكر، وإذ أقول هذا فإنّه لا يعنيني ما توصّل إليه بعض المهتمّين بدراسات الإعجاز العلميّ في القرآن، لأنّني أعتبرُها هيَ الأخرى من الفذلكات والخيالات الَّتي مازلنا لمْ نُغَرْبِلْها وندقّقها بالشّكل المطلوب، لما فيها من أخطاء علميّة منهجيّة مهولة همّها الأوحد إثبات الصّفة العلميّة على النّصّ القرآني بشكل تعسّفي وقسريّ، في حين أنَّ الأمر ليس في حاجة إلى كلّ هذه الحركات الأكروباتيّة، ولا إلى ليّ عنق النُّصوص مادام ظاهرُها وباطنها يشهدان بأنّهُ كتاب علم منذ البداية، وأنّ الله في كلّ كتبه المقدّسة لا القرآن فحسب كان منذ الأزل يخاطبُ العلماءَ والعرفاءَ من النّاس، ويعرفُ جيّداً أنّهم سيفهمون كلامه بكلّ ما فيه من آيات وحروف نورانيّة وما إليهما، ولمْ يتحدّث في يوم إلى الفقهاء فقط، ولا أراد أن يكون الكونُ مكتظّاً بألف فقيه وفقيه، لمْ تفلح خُطَبُهُم جميعاً على الأرض قاطبة وفي كلّ "الدِّيانات" في الدّفع بالإنسانِ إلى أن يكونَ إنسانَ فكرٍ متوهّجٍ وروحٍ نقيّةٍ تقيّة، وإلّا فما معنى كلّ هذه الحروب وهذه المآسي والتّفجيرات والدِّماء المسفوكة حتّى في أماكن العبادة، ويا للمفارقة العجيبة؟!

معظم نصوص الكتب المقدّسة تدعو إلى الثّورة على الفكر القديم المتحجّر، وتدعو إلى القطيعة الإبستيمولوجيّة وتحطيم كل أوثان الماضي النّخر، وما جاء نبيّ أو إمام إلا ليجدّدَ ويبني على الأنقاض فكراً آخر تتطوّرُ به الإنسانيّة، لكنّنا اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى فقدنا هذا الدّور التَّجديديّ، وأصبحنا نعيش حالة من النّكوص والتّقهقر، وأصبح همُّ الإنسان اليوميّ لقمة عيشه، وهو الخائفُ أبداً؛ خائفٌ من الطّاغية، خائف من الحروب المشتعلة، خائف من الأمراض والأوبئة، خائف من أبيه القاسي وأمه اليائسة، خائف من الخوف نفسه. لقد دمّرَ الإنسانُ العربيّ نفسه بنفسه، فلا هو يستطيع أن يقرأ ويتثقّف كما يجبُ، ولا هو قادر على تخليص نفسه من هوس الاستهلاك لكلّ ما تصدِّرُه له التّكنولوجيا الغربيّة. هناك خلل وجوديّ وثقافيّ وسياسيّ واقتصاديّ رهيب في منظومة العقل العربيّ، خلل بحاجة إلى قراءة الجهل المركّب الّذي يعاني منه الإنسان العربيّ وذلك بهدف تفكيكه وغربلته من الأوهام، وتحريره من سيطرة ما هو سياسيّ وإيديولوجيّ بالدّرجة الأولى.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [60]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [59]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [58]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [57]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [56]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [55]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [54]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [53]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [52]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [51]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- الجزء الثاني: كلمة صبري يوسف، رحلة المئة سؤال وجواب رحلة فسي ...
- مقدّمة الأديب والتَّشكيليّ صبري يوسف والخاصّة بالكتاب النّقد ...
- مقدّمة الأديب والتَّشكيلي صبري يوسف والخاصّة بديوان (99 قصيد ...
- 50. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ح ...
- [49]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [48]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [47]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [46]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [45]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [44]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [61]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي