داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 17:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العلم هو قبس من نور الحقيقة التي ننشدها، على أن الانسان كان ولا زال يطارد خيوط الحقيقة كما الصياد الماهر يطارد فريسته، فالحقيقة هي ضالة الانسان، وخصوصاً الانسان العالم، الفيلسوف، الباحث، وما بعد الحقيقة الا الجهل الضاربة جذوره في قاع الفكر المتحجر الذي لا تدك حصونه معاول المعرفة، قليلا ولا كثيراً، والسبب أنه لا يأمل أن يحرث تلك القاع أو الارض ومن ثم يقذف فيها بذور المعرفة ليحصد بالتالي ثمارها اليانعة، وهي النتاج العلمي المصفّى وما يخدم به الانسانية قاطبة، وعلى جميع الاصعدة، اين ما كانت وحيثما تحلُ. على اعتبار أن العلم قوة، وقوة عظيمة هي اقوى سلاح ممكن أن يستخدمه الانسان في جميع قضاياه، اذ أن - كما قال الفيلسوف برتراند راسل (1872 - 1970): "قوة العلم لا حدود لها, فقد أُعلمنا سابقاً أن الإيمان يزيل الجبال, لكن أحداً ما لم يصدق ذلك, واليوم يقولون إن القنابل الذرية يمكن لها أن تزيح الجبال, ويصدق الكل". وليس هذا فحسب، وانما كما يضيف راسل أن "العلم لا يهدف إلى إنشاء حقائق ثابتة وعقائد أبدية.. بل يهدف إلى الاقتراب من الحقيقة بالتقريب المتتالي دون الادعاء أن الدقة النهائية والكاملة قد تحققت في أي مرحلة". وهذا الاقتراب الذي يتحدث عنه راسل هو لحظات التجلي التي يصل اليها الباحث عن الحقيقة بعد جهد وعناء ومواصلة الليل بالنهار، وتحد المخاطر التي تقف كعقبة في طريقه والتي تتمثل عادة في الحرب الضروس التي تشنها عليه كثير من الجهات المتمثلة، سواء بالسلطان أو الحاكم او المؤسسات الدينية، الكهنوتية، التي تعد أن كل من يغوص في بحور العلم ويستخرج منها نظريات علمية تتعلق بالكون أو بالوجود او بما يخص المهندس الاول، فهم يعدون ذلك كفراً، ويطلقون على ذلك العالم أو الفيلسوف أو الباحث بأنه زنديقاً. لكن، مع ذلك كما يعبر مسكويه (الفيلسوف المسلم) "من خلا بالعلم لم توحشه خلوة، ومن أنسَ بالكتب لم تفته سلوة". وبشرط أن يبتعد الباحث والسائر في طريق العلم أن يجفو ملذاته الشخصية، وأن يخوض في امواج العلم من اجل العلم نفسه، وخير ما عبر عن ذلك مايكل فاراداي (وهو عالم كيمياء وفيزياء انجليزي) بقوله "أنا سأعبّر ببساطة عن اعتقادي الراسخ أن هدف التعليم الذاتي والذي يقوم على تدريب العقل على مقاومة الرغبات والميول حتى تثبت صحتها هو أهم من كل شيء.. ليس فقط في العلم إنما في كل مناحي الحياة".
#داود_السلمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟