عبد الرزاق بوعلي
الحوار المتمدن-العدد: 6121 - 2019 / 1 / 21 - 18:44
المحور:
الادب والفن
بعد أن أخذنا الكاتب في روايته السابقة ( الحركي ) إلى الجانب الٱخر من التاريخ المعقد للثورة الجزائرية المسلحة، وجعلنا نلامس جزءا وجهها المخفي بنوع من التجرد، هاهو الٱن يأخذنا إلى الجانب الٱخر من الإنسان، الإنسان في مجتمع الجنون وماهية الوجود بتجرد المجانين وفلسفتهم ونظرتهم للكينونة
الرواية مليئة بالرمزية رغم سهولة لغتها وانسياب تعابيرها وواقعية تصويرها ، وأكثر ما فيها جاذبية هو تلك الحديقة التي تتوسط مشفى المجانين، والتي عجزت كل المجهودات لإعادة الحياة لها بعد أن مات فيها كل شيء وأصبحت خربة كئيبة فجاء ( الناصر ) بفكرة حرقها دون رحمة للقضاء على جميع السموم التي نخرتها ثم إعادة غرس النباتات والشجيرات فيها من جديد. إنها تمثل الحياة في رحم الموت، والثورة الشاملة التي أحرقت كل شيء بال وسيء، ليولد بعدها كل شيء جميل وحسن، حتى أنها أصبحت معبدا تبعثر فيه جسد عواد ( رفيق ناصر ) بعد أن تم حرق جثته بناء على وصية منه فأصبح رمادا خالدا يتناثر في بستان الحياة....
إن تلك الحديقة التي تتوسط المشفى، هي في الأساس فكرة تتوسط الرواية.
فلقد أبدع فعلا بن جبار في جعل مجانينه بفريقيهم ( البوبريون ) و (الهايدجريون ) يتجاوزون الخوف واليأس وانتظار الموت البطيء ويتحدون القهر والظلم والسياج المعنوي، ليفتكوا السلام والحرية ويؤسسوا للديمقراطية وحقهم في التعبير والكتابة والقراءة، بل وحقهم في الحياة بشرا والموت مرتاحين
تلك الحديقة التي أزهرت متحدية ذلك الحريق الشامل الذي قضى على تلك الإرادة السامية لمملكة الرب.
#عبد_الرزاق_بوعلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟