ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 6121 - 2019 / 1 / 21 - 13:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تجسد الله في إنسان والتناسخ والحلول
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org
عقيدة التوحيد [والتنزيه] الفلسفية، أي المحايدة دينيا، تقرر أن واجب الوجود منزه عن المادة والتحيز المكاني أو الزماني، لأن كل ذلك من خصوصيات الوجودات الممكنة الحادثة المفتقرة إلى العلة، والمحدودة في وجودها بحدود الزمان والمكان. أما القول بأن الله باعتباره مطلق القدرة غير ممتنع عليه أن يحل في إنسان، أو يستحيل إنسانا، أو يتناسخ من إنسان إلى إنسان، فيُرَدّ عليه أن ما يقال أنه ممتنع على الله ليس بمعنى عجزه عن ذلك تعالى الله علوا كبيرا، بل بمعنى الامتناع العقلي، كامتناع عدم وجود الله، وامتناع فقره إلى العلة، وامتناع حدوثه، وبالتالي لاأزليته، وامتناع الظلم والجهل والعبث، وكذلك العجز عليه، فلا يمكن فهم القول بامتناع العدم على الله أنه عاجز عن أن يُعدِم نفسه، أو امتناع العجز عليه أنه عاجز عن أن يُعجز نفسه، وهكذا بالنسبة لكل الكمالات، فامتناع النقص عليه، لا يعني عجزه عن التحول من كامل إلى ناقص سبحانه وتعالى عن كل ذلك، فليس من الكمال تحوّل الكامل إلى ناقص، أو إلى أقل كمالا. وهذا يشبه القول إن العدد لا يمكن إلا أن يكون إما فرديا وإما زوجيا، فإننا لا نتكلم عن عجز العدد، فالعدد لا يصدق وصفه بالقدرة أو العجز، بل يجري الكلام عن الوجوب والامتناع والإمكان العقلي الرياضي. من هنا فكل أنسنة لله انتقاص من تنزيهه، وكل ألهنة للإنسان غلو في الإنسان المُألهَن أو المؤلَّه، وشرك بالله، ولا أستخدم مفردة الشرك هنا بالمعنى الديني المثقل بروحية كراهة الآخر وتكفيره، بل كتشخيص حالة، كما يوصف قصير القامة وضعيف النظر وسقيم البدن، بل كما يوصف الملحد واللاأدري والمؤمن اللاديني والديني، دون أن يكون ذلك انتقاصا من إنسانيته وكرامته، بل كتوصيف موضوعي، خال من الأحكام القيمية السلبية.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟