بسام الرياحي
الحوار المتمدن-العدد: 6121 - 2019 / 1 / 21 - 00:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوافق اليوم عشرين جانفي من سنة 1946 تأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل، أكثر من نصف قرن من الزمن وهذه المنظمة الشغيلة قائمة ومتماسكة بهياكلها وقواعدها التي بدورها تتمسك بالإتحاد كعنصر توازن وحكم في المسألة الإجتماعية في تونس.بالعودة لتاريخ المنظمة التي تأسست منذ أربعينات القرن العشرين ، فترة ما بين الكفاح السياسي الذي قاده الحزب الحر الدستوري الجديد وبين العمل الثوري المسلح الذي تلى تلك الفترة والذي كان يعني التمرد على الإستعمار والحشد لطرده من البلاد.الإتحاد ألحق أضرار فادحة بالإستعمار عن طريق شل إقتصادة عبر الإضرابات التي أعلنت في بنزرت وتونس وصفاقس والجنوب التونسي مما أربك سلط الإحتلال وحملها على التنازل في مرحلة متقدمة.بعد الإستقلال كان الإتحاد موجود في بناء الدولة الوطنية وبدأ يظهر كمنظمة ذات قواعد عمل نقابي وكهيكل قادر على الحشد الجماهيري الواسع وكناطق بإسم عمال تونس الأمر الذي جعله يكسب الإنتشار في الداخل وعلاقات دولية بمنظمات نقابية عالمية بدأت حتى قبل الإستقلال.رافق الإتحاد أيضا هزات كبرى في تاريخ البلاد وعرف مناضلوه السجن والتعذيب عندما تحول الحكم البورقيبي لديكتاتورية مطلقة لا سيما آواخر السبعينات تلك كانت أول أزمة عرفت صدام عنيف بين السلطة والمنظمة الشغيلة والتي يذكرها التاريخ بكثير من الألم والحسرة على سنوات ضاعت من طاقة وجهد البلاد وعلى أجساد أبنائها وخيرة مناضيليها.فترة بن على عرفت شئ من التوازن في العلاقة بين المنظمة والسلطة غير أن الإحتجاجات الإجتماعية التي تفجرت في سيدي بوزيد جعلت الإتحاد يعلن الإضراب العام الذي أوقع النظام السابق وساهم في دخولنا نحو الجمهورية الثانية رغم الهينات العديدة وعجز الطبقة السياسية المعزولة إلى حد الآن عن الإيفاء بإستحقاقات الثورة التي كان من بين شعاراتها المركزية الكرامة الوطنية والسيادة والعدالة الإجتماعية...الإنتقال السياسي الحاصل في تونس لم يمنع المنظمة الشغلية من الإضطلاع بمهامها الوطنية والتمسك بحق الشغالين في الكرامة والعدالة بكل معانيها، في وقت تنشط فيه محركات التهريب والإقتصاد الموازي والتهرب الضريبي وضعف سلطة القانون تجاه رموز الفساد وحيتان التخريب التي تنهك شعب يتحمل إلتهاب الإسعار وضعف الأجور وثقل الضرائب.والأكيد أن الإتحاد لا يزال في دائرة الإستهداف على الأقل معنويا من خلال هز مصداقيته أمام منظوريه وتشغيل المكنة الإعلامية لتشويه نضالاته ووسمه بنعوت لا أخلاقية وتركيب صورة في ذهن الشعب قد تكرس الإمتعاض والسخط على هذه المنظمة التي تخوض مفاوضات صلب قضية إجتماعية عادلة وضرورية كي لا يطبق الإستغلال والفقر على أغلبية الشعب التونسي. اليوم نحتاج للإتحاد في تعديل المشهد أولا كما يجب الوعي بجسامة المرحلة القادمة ومراجعة السياسة الإتصالية للمنظمة وتشبيب هياكلها ومكاتبها قصد مواكبة البلاد وزخم شبابها وتطلاعاته المشروعة.
#بسام_الرياحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟