|
الحزب الشيوعي الفرنسي يعقد مؤتمره الثالث والثلاثين
طريق الشعب
الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 12:09
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في ظل أجواء حملة احتجاجات عارمة عمّت باريس والمدن الفرنسية الرئيسية ضد قانون الوظيفة الأولى، انعقد المؤتمر الثالث والعشرون للحزب الشيوعي الفرنسي، خلال الأيام 23-26 آذار الماضي، في مدينة لوبورجيه، الواقعة في ضواحي باريس القريبة. وللتعبير عن تضامن ومشاركة الحزب في الحملات الاحتجاجية التي تقودها المنظمات الطلابية والشبابية ونقابات العمال، بدعم من أحزاب وقوى اليسار بتوافق وتنسيق لم تشهده فرنسا منذ عدة عقود، قرر المؤتمر تعليق جلسته الافتتاحية وتأجيلها إلى ما بعد الظهر، ليشارك المؤتمرون في المظاهرة التي انطلقت في باريس ظهر الخميس 23 آذار.
ألقت الرفيقة ماري جورج بوفيه، السكرتيرة الوطنية للحزب، كلمة افتتاح المؤتمر بحضور أكثر مكن 900 مندوباً و66 وفداً أجنبياً يمثلون 47 بلداً. وقدمت مداخلتها التي استغرقت أكثر من ساعة وربع، تحليلاً شاملاً لتطور الأوضاع في فرنسا وأوروبا والعالم على مدى الثلاث سنوات التي مضت منذ انعقد المؤتمر السابق، مع التوقف عند دور ومواقف الحزب الشيوعي الفرنسي وأوضاعه الداخلية، وأفردت حيزاً مهماً لتوضيح خصائص وملامح نضال الشيوعيين في عصرنا الراهن حيث تبسط الرأسمالية المعولمة سلطانها على الكوكب وتفرض مشروعها الليبرالي الاقتصادي والاجتماعي. وسجلّت في كلمتها، أن السنوات الثلاث الماضية قد كذّبت توقعات وتنبؤات استمرار انحسار الحزب وتضاؤل دوره في الحياة السياسية في فرنسا. فلأول مرة منذ فترة طويلة، زاد عضوية الحزب عام 2005 بأكثر من 8000 عضواً جديداً، كما نجحت قوى اليسار المجتمعة، وبدور فاعل للحزب، في تحقيق انتصار كبير بترجيحها رفض تمرير مسودة الدستور الأوروبي في أيار 2005 ،كما يشهد ايضاً تنامي حركة الاحتجاجات الواسعة ضد المشاريع الحكومية التي تحاول تفكيك المكتسبات الاجتماعية وتطبيق سياسات ليبرالية متطرفة. وأكدت بأنه رغم التعقيدات والمصاعب والأزمات التي يشهدها عالمنا اليوم التي تعكس تناقضات النظام الرأسمالي المعولم، يظل الأمل قائماً في تحقيق عالم أفضل بفضل ازدياد الثروات المنتجة والإمكانات التي تتيحها الثورة المعلوماتية وتنامي القدرات البشرية في جميع أرجاء الكوكب والمنجزات التكنولوجية الهائلة وتيسر الوصول إلى أسباب المعرفة والثقافة لمزيد من الرجال والنساء. ويتأكد يوماً بعد يوم ترابط في المصير بين أبناء البشر وتنامي التطلعات الديمقراطية في كل مكان. وخلصت في عرضها إلى الاستنتاج بأن " إمكانيات هائلة باتت متاحة الآن، ولكن إزاء التحديات الكبرى التي تواجهها البشرية، لا تمتلك الرأسمالية إلاجابات وإنما تخلق أزمات. فكل شيء يدعو إلى تجاوزها ". وأشارت إلى النضالات الواسعة والمتنوعة التي تخوضها شعوب الأرض ضد جميع أشكال الاستغلال والهيمنة والتسلط والتي تنتظمها جميعاً فكرة التحرر الإنساني. والشيوعية التي يدعو لها الحزب الشيوعي الفرنسي ويعمل من أجلها هي تلك التي تقوم على حركة التحرر الإنساني. فالحزب يعمل بأشكال متنوعة من أجل التجاوز الفعلي للرأسمالية والخلاص من استغلالها، وذلك بالنضال من أجل تحقيق الملكية الاجتماعية بالمفهوم الواسع، إذ لا يوجد أي من رهانات وقضايا عالمنا الرئيسية اليوم لا تشمله و لا يقترن بتعزيز الديمقراطية.
وقدمت السكرتيرة الوطنية للحزب نقداً صارماً للتجارب السابقة لحكم اليسار في فرنسا، وقدمت تعهداَ بعدم تكرار التجارب السابقة، فجاء في كلمتها " خلال الثلاثين سنة الماضية، جاء اليسار ثلاث مرات إلى السلطة، وفي جميعها تخلى عن مشروعه في التغيير الحقيقي للمجتمع، فو أحبط الآمال في المرات الثلاث، إذ من تداول لآخر في السلطة، انخفض مستوى الحقوق وتقدمت الليبرالية، فقد ضيّع اليسار بوصلته وانقطع عن الشعب، وهو سبب وجوده الوحيد."..." وإذ يجب أن يظل اليسار جاهزاً لتسلم المسؤوليات، ولكن بشرط أن يعمل من أجل إحداث تغيير فعلي في الأوضاع والانفكاك عن المنطق الليبرالي."
بعد كلمة الافتتاح وانتخاب لجان المؤتمر، شرع المؤتمرون بمناقشة خمسة مسودات وثائق رفعت للمؤتمر بعد مناقشات واسعة شاركت فيها جميع منظمات الحزب وطرحت خلالها أكثر من مسودة لكل موضوع، وهي:
1- الهدف الشيوعي
2- البرنامج : أربعة التزامات من أجل سياسة يسارية تغيّر الحياة
3- أوروبا والعالم
4- إستراتيجية: طموحنا
5- تغييرات في النظام الداخلي
وأتاح استخدام تكنولوجيا التصويت الالكتروني، توفير مجال أوسع للمناقشات وإدخال التعديلات على الوثائق بسرعة ، ومما عزز الطابع الديمقراطي والشفاف للمداولات.
برز في المناقشات تياران، الأول مؤيد للوثائق المطروحة للمؤتمر والتي تحظى بدعم قيادة الحزب والأخر يتبنى موقفاً نقديا ً إزاءها وسعى لتعديلها من منطلقات ومواقع اكثر يسارية، اُطلِق عليه اسم تيار "الشيوعيين الأورثودوكسيين"، وهم يدعون الحزب إلى التمسك بالهوية الشيوعية التقليدية ويعارضون بعض الاتجاهات التجديدية والاصلاحية في الحزب والنهج السياسي المترتب عليها. ويسيطر هذا التيار على تنظيم الحزب في إحدى المحافظات الشمالية لفرنسا، كما له نفوذ في بعض منظمات الحزب في مناطق ضواحي باريس وليون. ودعا المندوبون المؤيدون لهذا التيار لأن يقرر الحزب تقديم مرشحه الخاص للانتخابات القادمة منذ الآن وليس الانتظار حتى تشرين الأول، كما طرح قائمة بديلة للقائمة التي تضم ماري جورج بوفيه وقادة الحزب الآخرين أمام المؤتمر لانتخاب أعضاء المجلس الوطني الجديد للحزب.
وبموجب التعديلات التي اقرها الحزب على نظامه الداخلي، يجب على جميع هيئات الحزب المنتخبة، بما في ذلك المجلس الوطني، أن تتألف من نسبة متساوية من الرجال والنساء وأن تعكس تنوع تركيبة الحزب والمجتمع، أي أن تضم الشباب والفرنسيين من أصول أجنبية. وقد احتوت قائمتا المرشحين التي طرحتا للمؤتمر على 50 بالمائة من النساء وعدد غير قليل من الشباب التي تقل أعمارهم عن 30 عاماً وكذلك مرشحين من أصول عربية وافريقية.
وقد تبنى المؤتمر جميع الوثائق بعد إجراء تعديلات عديدة عليها وفازت القائمة التي تقودها السكرتيرة الوطنية بنسبة تقارب 92% في حين حصلت القائمة البديلة للتيار المتشدد 8 بالمائة. ولكن بعضاً من ممثلي هذا التيار موجودون ايضاً في القائمة الفائزة.
وقد خصص المؤتمر فترات خاصة من أعماله للتضامن الأممي، فاستقبل بحفاوة بالغة ممثلة السلطة الفلسطينية في باريس هند خوري وكذلك رئيس بلدية لا باز، عاصمة فينزويلا الذي أكد في كلمته على تصميم حكومة شافيز على مواصلة تحديها للضغوطات الأمريكية بالاستناد إلى الدعم الشعبي الذي تحظى به نتيجة سياستها الجذرية لصالح الفئات الشعبية، كما حيّا المؤتمر بحماس كبير سكرتير اتحاد نقابات العمل وممثلي اتحادات الطلبة الذين يقودون حركة الإضرابات والاحتجاجات.
وفي كلمتها أمام الوفود الأجنبية التي حضرت المؤتمر، عبرت السكرتيرة الوطنية عن ارتياحها لمجريات المؤتمر ومناقشاته التي عكست حقيقة أن الحزب الشيوعي الفرنسي، بات بعد المصاعب التي عانى منها ، قوة مبادرة وفي حالة هجومية كما يمثل قوة تجميع وتوحيد يحسب حسابها، وأصبح يحتل من جديد موقعاً مهماً في رحم المجتمع الفرنسي.
وقد مثّل حزبنا الشيوعي العراقي في المؤتمر الرفيق رائد فهمي، عضو اللجنة المركزية للحزب.
#طريق_الشعب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبقة العاملة.. توحد صفوفها وتعيد بناء نقاباتها على أسس ديم
...
-
مأساة اللاجئين عند السواحل الاندونيسية
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|