|
ماذا يعني قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا؟
إيما ويلد
الحوار المتمدن-العدد: 6105 - 2019 / 1 / 5 - 20:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الناشر وحدة الترجمة – مركز الدراسات الاشتراكية صراعات وعواقب: ماذا يعني قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا؟ في هذا المقال، تُقدِّم إيما ويلد وشيرين أكرم بوشار، من صحيفة “العامل الاشتراكي” الأمريكية، خلفيةً قد تساعد في فهم صراعات وعواقب خطة ترامب لسحب القوات الأمريكية من سوريا.
أطلق إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب القوات الأمريكية، البالغ قوامها ألفيّ فرد، في خلال 30 يومًا (امتدت لاحقًا إلى أربعة أشهر)، عاصفةً من الانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على السواء.
يُعَدُّ قرار الانسحاب، جزئيًا، إشارةً لافتةً إلى شعار “أمريكا أولًا” الانعزالي، الذي هو بمثابة العمود الفقري لقاعدة ترامب اليمينية، التي هو بحاجةٍ إلى دعمها في مواجهة الاستياء المتنامي ضد حكمه في أوساط الطبقة الحاكمة والمؤسسة السياسية الأمريكية.
وعلى المستوى الدولي، فإن انسحابًا كهذا من شأنه أن يمنح المزيد من القوة والنفوذ لنظام بشار الأسد وداعميه الدوليين، روسيا وإيران، في وقتٍ يعيد فيه نظام الأسد تأسيس شرعيته المزعومة. سوف يوطِّد ذلك انتصار الثورة المضادة التي شنَّها الأسد على الثورة السورية التي اندلعت في العام 2011.
لكن المعارضة الضارية من جانب الديمقراطيين والجمهوريين لإعلان ترامب لا تمت بصلةٍ لحماية الشعب السوري من الإرهاب الذي يمارسه نظام الأسد. إنهم يريدون أن يحافظوا على القوة العسكرية للإمبراطورية الأمريكية من أجل فرض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتحدي المنافسين الدوليين.
في هذا السياق، جاءت استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس كإعلان احتجاجٍ من الجناح العسكري للصقور الذي يتعرَّض للتهميش بصورةٍ متزايدة في إدارة ترامب. غير أن الأمر ذو دلالةٍ أن تأتي بعض أصوات الاحتجاج الصاخبة التي انحازت لماتيس، في مهاجمة قرار الانسحاب من سوريا، من الديمقراطيين والليبراليين. يدَّعي هؤلاء أنهم يعارضون أجندة ترامب اليمينية، لكن هدفهم هو الدفاع عن القوة العسكرية للإمبراطورية الأمريكية، وليس تشكيل أي نوعٍ من التحدي لها.
يتعيَّن على اليسار أن يكون أوضح بما لا يُقاس من أيِّ وقتٍ مضى في مبادئه المُناهِضة للإمبريالية، والمُعارِضة للتدخُّل، وكذلك في التضامن مع الحركات الجماهيرية من أسفل.
تآلف عربي حول الأسد سيكون هناك عددٌ من العواقب في الشرق الأوسط إذا حدث الانسحاب الذي أقرَّه ترامب رغم معارضة إجماع الحزبين الأمريكيَّين ضده.
سوف يترك الانسحاب المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، التي تخضع حاليًا لوحدات حماية الشعب الكردية، تحت تهديدٍ مباشرٍ من هجماتٍ عسكرية من جانب تركيا المجاورة -التي غزت سوريا بالفعل في يناير من العام الماضي.
أما بالنسبة لنظام الأسد، فقد تغيَّرَت موازين القوى بصورةٍ كبيرة لصالحه منذ أن استولى على مدينة حلب من قبضة قوات المعارضة. واصلت قوات النظام السوري إلحاق المزيد من المناطق التي خضعت لسيطرة قوات المعارضة، وتعمل على إعادة تأسيس حكمها السلطوي من جديد.
في يوليو الماضي، سيطرت القوات الحكومية على مدينة درعا، في الجنوب الغربي، ما أجبر ما يقرب من 300 ألف سوري على الفرار. كانت هزيمة درعا، مهد الثورة في 2011 والتي وقعت طيلة تلك الفترة تحت سيطرة قوات غير جهادية، بمثابة إشارةٍ إلى النهاية الرمزية للثورة الأولى، وكذلك علامة على فقدان موقع إستراتيجي رئيسي. وبذلك لم تكن هناك سوى منطقتين فقط خارج سيطرة نظام الأسد.
بدأت حكومة الأسد في إصدار الآلاف من إشعارات الموت وتسليمها لعائلات المعتقلين الذي قُتِلوا أو خضعوا للتعذيب حتى الموت في سجون النظام. كان أغلب هؤلاء متظاهرين، ومُنظِّمي احتجاجات، ونشطاءً ثوريين قادوا المرحلة السلمية من الثورة السورية. وتُظهِر صورٌ التقطتها الأقمار الصناعية، على مدار الشهور الماضي، السجون السورية وهي تُفرَّغ مِمَّن فيها بعد حالات قتلٍ جماعيةٍ للمعتقلين.
أما الدول العربية، التي كانت من قبل متردِّدةً في تأييد الأسد، فهي الآن تستعد للترحيب به مجدَّدًا.
كانت رحلة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، في منتصف ديسمبر الماضي، هي الأولى لرئيس دولةٍ عربية إلى سوريا منذ اندلاع ثورة 2011، وشهدت هذه الزيارة بداية استعدادات الجامعة العربية لإعادة الاعتراف بسوريا، بينما تتحرَّك الأنظمة العربية لاستعادة العلاقات السياسية والاقتصادية مع نظام الأسد.
وبعد أن كانت الأنظمة العربية المعادية للثورات تخشى نفوذ إيران في المنطقة، صارت الآن تُفضِّل عودة نظام الأسد، وتُفصِح عن ذلك علانيةً، على أمل أن تمنع سلطته المُستعادة إيران من توسيع نطاق نفوذها.
تُفضِّل الأنظمة العربية -بما في ذلك الإمارات والأردن والسعودية ومصر- أن يستعيد نظام الأسد سطوته، بالتحديد من أجل المساعدة في قمع أي انتفاضاتٍ مستقبلية قد تندلع تحت لواء المطالب التي رفعتها ثورات الربيع العربي المُجهَضة في 2011. والاحتجاجات الجماهيرية المتصاعدة في السودان وتونس توضِّح بجلاء الاحتمالات التي تخشاها القوى المعادية للثورة.
تركيا في مواجهة الأكراد لكن بينما ستُقرِّب خطة ترامب القوى الإقليمية والدولية خطوةً إضافيةً من سلامهم المعادي للثورة، فهي تُهدِّد أيضًا بإخلال التوازن بين القوى المتنافسة على السيطرة في سوريا.
ومع استيلاء نظام الأسد على مساحاتٍ شاسعةٍ من سوريا، لا تزال منطقتان فقط من البلاد خارج سيطرته، وتقبع كلٌّ منهما لمراقبةٍ أجنبية: المنطقة الشمالية الغربية الواقعة تحت الهيمنة التركية، والمنطقة الشرقية التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية. وقد اضطلعت الميليشيا الكردية بالدور القيادي على الأرض، بدعمٍ من القوات الأمريكية، في طرد تنظيم داعش.
وهكذا فإن الانسحاب الأمريكي يضع هذه المنطقة تحت تهديدٍ مباشر من الغزو التركي، إذ أن الهدف المبدئي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا هو منع القوات الكردية من السيطرة على المنطقة الحدودية مع تركيا، وضعًا في الاعتبار أن الحكومة التركية لطالما قمعت المطالب العادلة للأقلية الكردية -سواء في ظلِّ النظام العسكري أو الإسلامي. ومباشرةً بعد إعلان ترامب، توعَّدَ أردوغان بدخول مدينة منبج السورية لـ”إطاحة الإرهابيين”.
هدَّدَ إعلان ترامب بترك المنطقة الشرقية من سوريا، الواقعة تحت هيمنة الأكراد، ليتصارع عليها عدوان قويان: القوات التركية ونظام الأسد.
على إثر إعلان ترامب، توجَّهَت وحدات حماية الشعب إلى الأسد، طلبًا للحماية ضد تركيا. وخلال الأسبوع الماضي، وصلت قوات النظام إلى تخوم مدينة منبج. وإذا دخلت قوات الأسد المدينة بالفعل، ستكون تلك هي المرة الأولى بعد ست سنواتٍ منذ حرَّرَت هذه المدينة، ذات الغالبية العربية، نفسها من سيطرة النظام.
من المهم إدراك أنه منذ اندلعت الثورة السورية، عملت قوى مختلفة معادية للثورة -من نظام الأسد إلى تركيا إلى الولايات المتحدة إلى الإسلاميين الرجعيين- على زرع الانقسام بين الثوار العرب والأكراد.
كانت تلك إستراتيجيةً أساسيةً اتبعها نظام الأسد في تعزيز الطائفية، من أجل إلحاق الهزيمة بالثورة السورية منذ البداية. مَنَحَ الأسد المناطق الكردية استقلالًا نسبيًا، بينما شنَّ حربًا لا هوادة فيها ضد المعاقل العربية لثورة 2011.
وبينما كانت الولايات المتحدة تدَّعي دعم الانتفاضة ضد الأسد، فقد غزَّت هذه الدينامية أيضًا من خلال تمويل الفرق العسكرية التي تقاتل فقط ضد داعش، وليس ضد النظام، وكذلك من خلال تأسيس تحالفٍ تكتيكي مع وحدات حماية الشعب الكردية. ومؤخرًا، صعَّدَت جماعاتٌ إسلامية في المناطق المدعومة من تركيا من عنصريتها ضد الأكراد لتشجيع تركيا على مهاجمة المناطق الخاضعة لهيمنة الأكراد.
غير أن من المهم أيضًا الوضع في الاعتبار الدور اللافت الذي لا تزال الاحتجاجات الشعبية تنهض به في سوريا. ففي سبتمبر الماضي، في مواجهة الهجوم الوشيك من جانب النظام، انتفض مئات الآلاف من السوريين عبر منطقة إدلب الشمالية الغربية من سوريا في احتجاجاتٍ جماهيرية كانت هي السبب بالفعل في منع حمام دمٍ جديد.
تحرُّكاتٌ مشابهة لا تزال ممكنة، بل وأكثر ضروريةً من ذي قبل، لإذكاء التضامن بين العرب والأكراد ضد كل القوى المعادية للثورة.
معارضة داخل المؤسسة الحاكمة كان إعلان ترامب بسحب القوات من سوريا مُتوقَّعًا من خلال المستويات المُتعدِّدة من تواطؤ واشنطن مع قوى عالمية وإقليمية لسحق الثورة السورية في مراحل مختلفة -من إيران، إلى روسيا، إلى إسرائيل، إلى نظام الأسد نفسه. لكن تغريدته على موقع تويتر، يوم 19 ديسمبر الماضي، والتي أشار فيها إلى الانسحاب المُخطَّط له بجدولٍ زمني سريع، جاءت لتأخذ الكثيرين من أفراد إدارته على حين غرة.
الغرض من هذا الإعلان المفاجئ -جزئيًا- هو صرف الانتباه عن التطوُّرات الجديدة في تحقيق روبرت مولر في الفساد، ذلك التحقيق الذي يكشف المزيد من تورُّط ترامب ودائرته الداخلية في ما يمكن أن يكون جرائم يصعب الإفلات منها. لكن الانسحاب سيكون متماشيًا مع أجندة “أمريكا أولًا” التي يُتيَّم بها اليمينيون المُتطرِّفون أمثال ستيف بانون، كبير مستشاري ترامب للشئون الإستراتيجية سابقًا.
بيد أن الخطة لا تحظى باستحسانٍ في واشنطن، التي لا تزال ملتزمةً باستعراض القوة الأمريكية في الشرق الأوسط. استقال وزير الدفاع جيمس ماتيس، وكذلك مبعوث الرئيس الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، بريت ماكجورك، احتجاجًا على الانسحاب. وفي خطاب استقالته، كشف ماتيس بوضوحٍ عن الهدف الأمريكي من الإبقاء على وضع القوات في سوريا، إذ جاء في الخطاب: “من الواضح أن الصين وروسيا، على سبيل المثال، يريدون تعزيز مصالحهما الخاصة على حساب جيرانهما، أمريكا وحلفائها”.
جاءت الانتقادات من كافة أطياف الإعلام السائد. وفي داخل حزب ترامب، وَصَفَ عضو الكونجرس عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، الخطوة بـ”القرار الكارثي”، وبالمثل كانت المُتحدِّثة الجديدة باسم مجلس النواب، نانسي بيلوسي، واحدةً من الديمقراطيين الكُثُر الذي يصوِّبون انتقاداتهم ضد قرار ترامب “الخطير”، على حدِّ وصفهم.
أدانت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست الأمريكيَّتَين، ضمن منافذ إعلامية أخرى، خطة الانسحاب، إذ صوَّروا ترامب على أنه زعيمٌ غير كفء للإمبراطورية، مُردِّدين أصداء المُتعصِّبين مِمَّن يشعلون فتائل الحرب، من أمثال مستشاره لشئون الأمن القومي، جون بولتون، بأن الولايات المتحدة لابد أن تظل في سوريا بغية ردع روسيا وإيران.
من المحافظين الجدد اليمينيين إلى المدافعين عن الإمبراطورية الأمريكية، يتحد منتقدو ترامب في دعم الإجماع النيوليبرالي، المُهيمِن منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، على أن الولايات المتحدة يجب أن تشرف على نظامٍ عالمي لا تواجه فيه تحديًا يُذكَر من قوى أخرى. لكن هذا النموذج الذين يتمترسون حوله قد شهد انتكاساتٍ خطيرة في الشرق الأوسط، وهو الآن يتخبَّط في وجه المنافسين الإمبرياليين والإقليميين الصاعدين الذين يستفيدون من التراجع النسبي للولايات المتحدة.
لكن، على الرغم من التخلخُل البادي على السياسة الخارجية لترامب، فإنها تُمثِّل قطيعةً مع الوضع الراهن -وهو ما يُفسِّر هذه الضجة بشأن قرار الانسحاب من سوريا. وكما أوضح بانون بعد إعلان الانسحاب، يريد ترامب تقليص دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من أجل التركيز على المنافسة مع الصين.
لن يضع ترامب هذا شرطًا علنيًا هكذا، إذ سوف تُصدِّق خطته على ما يعتبره جناحٌ في مؤسسة السياسة الخارجية استنتاجًا مفروغًا منه: أن روسيا وإيران ستكسبان المزيد من القوة والنفوذ عبر انتصارهما للنظام السوري. بينما في العلن، سوف يغازل ترامب قاعدته اليمينية بادِّعاء أنه فقط ينفِّذ وعدًا قد قطعه إبان حملته الانتخابية بإعادة القوات الأمريكية بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.
الولايات المتحدة لن تغادر سوريا أو الشرق الأوسط قريبًا، حتى إن نُفِّذَ قرار ترامب بالانسحاب بالفعل، فالبنتاغون لا يزال يحتفظ بقواتٍ في العراق، ولا يزال قادرًا على إعادة نشرهم إلى سوريا إذا تطلَّب الأمر ذلك، وكذلك لديه حربٌ يشنها بالطائرات بدون طيار على سوريا، علاوة على القواعد العسكرية الوفيرة عبر المنطقة.
ومع ذلك، فإن غالبية مؤسسة السياسة الخارجية، من كلا الحزبين، لا تزال تُصعِّد معارضتها ضد قرار الانسحاب.
خلال الأسبوع الماضي، التقى ترامب السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، الذي قال إنه أقنع ترامب بتمديد الجدول الزمني لسحب القوات إلى أربعة أشهر. صحيحٌ أن هذا التنازل لن ينجح في استرضاء منتقدي ترامب، لكنه قد يكون خطوةً أولى في سلسلةٍ من التراجعات بشأن قرار الانسحاب.
قوى معادية للديمقراطية بينما تشترك المؤسسة الليبرالية مع المحافظين الجدد في الإصرار على مواصلة التدخُّل في سوريا، لابد على اليسار أن يدلو بدلوٍ مختلفٍ كليةً عن ذلك. لابد أن نعارض الإمبريالية الأمريكية والتدخُّل الأجنبي في سوريا وغيرها من الدول.
لم تعمل الولايات المتحدة، ولا أيٌّ من الأطراف الأجنبية الأخرى في سوريا، يومًا على هدف زعزعة استقرار نظام الأسد. عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها، على أقصى تقدير، على إزاحة الأسد من السلطة مع الحفاظ على جيشه ونظامه كما هما، حتى حينما كانا يشهدان انهيارًا في وجه الحركة الجماهيرية.
بالطبع كان التدخُّل من جانب روسيا وإيران يهدف صراحةً لإنقاذ الأسد من خلال سحق الثورة بإذكاء حربٍ مُطوَّلة وعنفٍ شرس ضد الثورة. وللأسف، تخلَّت بعض فصائل اليسار عن الأممية وتقرير المصير، إذ شرعوا يدافعون عن إرهاب الأسد وداعميه الروس والإيرانيين الذين فتحوا الباب لتدشين هذا الإرهاب.
لم تكن لدى واشنطن أيُّ مصلحةٍ في دعم انتفاضةٍ ديمقراطية من أسفل ضد الأسد، وبالطبع لم يكن تقرير الأكراد مصيرهم ضمن محاور اهتماماتها. بينما الحقيقة هي أنه مع صعود داعش في شرقي سوريا، صارت الولايات المتحدة أكثر صراحةً في قبول استمرار حكم الأسد لمجابهة العدو الجديد. وحين التمست واشنطن الحاجة إلى قوةٍ على الأرض لتدعيم حرب التحالف الجوية ضد داعش، استندت في ذلك إلى وحدات حماية الشعب لقيادة هذه القوات. ومنذ أن بات واضحًا أن داعش قد طُردَت بالفعل من معاقلها الرئيسية، بدت واشنطن مستعدةً للتخلي عن الأكراد –تمامًا كما فعلت من قبل.
في ظلِّ ولاية باراك أوباما، كما في ظلِّ ترامب، رفضت الولايات المتحدة دعم أي قوات في سوريا إن لم تتعهَّد هذه القوات بحصر جهودها القتالية فقط ضد داعش. كانت حرب واشنطن ضد داعش كارثةً في حدِّ ذاتها، فباسم هزيمة التنظيم دمَّرَت الولايات المتحدة 90% من مدينة الرقة بحملةٍ شعواء من القصف الجوي راح ضحيتها مئات المدنيين.
وكما يجادل الكاتب الماركسي جلبير أشقر، فإن ثورات الربيع العربي في 2011 دشَّنَت بداية عملية ثورية طويلة سوف تشهد طفراتٍ مستقبلية من النضال الذي يتحدَّى المأزق الذي صنعته قوى الثورة المضادة. في تلك الأثناء، سيكون من الحاسم بالنسبة لليسار أن ينمي القدرة على بناء التضامن مع الحركات الجارية من أسفل، بينما يعمل على تنظيم التحرُّكات المناهضة للإمبريالية على المستوى العالمي.
ما احتاجته الثورة السورية بصورةٍ ماسة وأكثر إلحاحًا كان تعزيز الحركات المناهضة للحرب حول العالم -على الأقل في قلب الولايات المتحدة وإيران ولبنان- لتصبح قويةً بما يكفي لمواجهة حكوماتها للضغط من أجل الخروج من سوريا وترك الشعب السوري يقرِّر مصيره ومستقبله.
لابد أن يتعلَّم اليسار هذا الدرس الآن من أجل الاستعداد للمستقبل. لا نؤيد ولا نريد تدخُّلًا من أيٍّ من القوى الإمبريالية التي ترغب في تخريب النضالات الساعية للديمقراطية وتقرير المصير. في المقابل، لابد أن نسعى لتحويل التضامن والأممية والنضال المناهض للحرب إلى حقيقةٍ واقعة في كلِّ مكان.
#إيما_ويلد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا؟
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|