|
التضامن مع نضال العمال والجماهير الشعبية في فرنسا (ديسمبر 2018)
لجنة التنسيق المنظمات الماركسية اللينينية
الحوار المتمدن-العدد: 6103 - 2019 / 1 / 3 - 10:22
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بيان لجنة التنسيق للمؤتمر العالمي للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية: التضامن مع نضال العمال والجماهير الشعبية في فرنسا (ديسمبر 2018) منذ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حشدت حركة واسعة النطاق عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يرتدون سترةً صفراء ويحتلون تقاطعات الطرق، ويمنعون المرور على الطرق السريعة، ويتظاهرون كل يوم سبت في باريس وفي عدّة مدن أخرى. كما وصلت هذه الحركة إلى جزيرة ريونيون”l’île de la Ré-union-”، إحدى مستعمرات الإمبريالية الفرنسية.
إنطلاقاُ من رفضها زيادة أخرى من الضريبة التي تفرضها الدولة على الوقود، انتشرت هذه الحركة بسرعة كبيرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتمتّعت بتغطية إعلامية قوية للغاية، خاصة من قنوات الأخبار المستمرة.
جالت صور المصادمات العنيفة ومئات “السترات الصفراء” حول العالم، دون رايات التنظيمات أو أعلامها (باستثناء العلم الأزرق والأبيض والأحمر) التي تهاجم المخازن الموجودة في الأحياء الثرية في باريس، تصرخ مطالبةً ب”استقالة ماكرون”. في العديد من البلدان وخاصة في أوروبا، وجد الكثير من الناس أنفسهم في هذا الغضب، في هذا الاستنكار الراديكالي ازدراءً لكبار القادة والنخب، وفي الخطاب المتطرّف وأفعال المتظاهرين. بينما ولّدت تحرّكات السترات الصفراء تعاطفاً في فرنسا كما في بلدان أوروبية أخرى، فقد طرحت أيضاً أسئلة حول طبيعة هذه الحركة وأهدافها وآفاقها.
حول حركة “السترات الصفراء” إحدى خصائص حركة “السترات الصفراء” هي تكوينها: من البورجوازية الصغرى، المتقاعدين، عدد كبير من النساء، أصحاب المشاريع الذاتية، عمال المؤسسات الصغيرة TPE وبعض المهن الحرة، العمال اليدويون، والعمال الفقراء، والعاطلين عن العمل، وخاصة سكّان المناطق الريفية أو شبه الحضرية…
هي إذاً حركة غير متجانسة من الفئات الفقيرة التي كانت تنتمي للبرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة التي تعمل في مؤسسات صغيرة في الريف دون أن تنضوي تحت راية النقابات، بالإضافة إلى متقاعدين فقراء وكادرات التنظيمات والحرفيين وصغار أرباب العمل.
غالبية هذه الفئات هي جزء من الجماهير الشعبية وللغالبية منهم خبرة قليلة في النضال السياسي الجماعي، حتى أن الكثيرين منهم يشاركون للمرة الأولى في عمل سياسي جماعي. لا يقتصر ما يوحّد هذه الفئات على رفض زيادة ضريبة الوقود، بل الشعور بأنها ضحية السياسات التي اتّبعتها الحكومات لسنوات، وبأنّها مستهدفة من “ماكرون” وحكومته. فبالنسبة للكثيرين، هو “رئيس الأثرياء”، الشخص الذي قرّر “الاستغناء” عن عدد كبير من أعضاء قوى الأمن الداخلي وألغى الضريبة على الثروات الكبيرة.
لكن يجب ألّا نصدّق أن هذه الحركة، التي تسمّي نفسها “غير سياسية”، لا تتحرّك تحت تأثير القوى السياسية، ولاسيما القوى اليمينية المتطرفة التي لها تأثير في القطاعات غير البروليتارية، من أصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين والمهن الحرة وغيرها.
حتى أن الناشطين اليمينيين موجودون في الخطوط الأمامية للاعتصام، لكنهم يعملون بشكل أساسي على الشبكات الاجتماعية، عبر “سترات صفراء” تخفي انتماءاتهم السياسية. وإذا لم يظهر حزب “لوبين” ظاهرياً، فلا يمكن إنكار أن أفكار اليمين المتطرّف، مثل اليمين القومي (حزب دوبون إينيان المتحالف مع مارين لوبان في الانتخابات الأخيرة) موجودة، خاصة بالنسبة لمسألتين أساسيتين:
1- الدعاية ضد الضرائب موضوع دائم في الديماغوجية اليمينية المتطرفة في فرنسا.
2- ما يُسمّى بـ “لا يسار ولا يمين”، ديماغوجياً شعبوية ضدّ النخب والأثرياء دون محتوى طبقي.
من ناحية أخرى، فإن اليمين المتطرّف نشط للغاية من خلال جماعات مدرّبة، خاصة عبر عمليات التخريب وتكسير واجهات المتاجر وتدمير السيارات وحتى الاشتباكات مع الشرطة.
هذه الحركة ذات الأشكال الجديدة هي عرض من أعراض الأزمة التي تدفع الأوليغارشية المجتمع بأكمله نحوها، والتي تدفع لاعتراض الفئات الجديدة.
حركة تطرح قضايا اجتماعية عادلة وشرعية. إن شعارات الغضب والمطالب المكتوبة على السترات كما النصوص التي خُطّت من مجموعات من السترات الصفراء وتمّ تعميمها على شبكات التواصل الاجتماعية، التقطت بعض المطالب التي قدّمتها الحركة العمالية والنقابية لسنوات، كرفع الأجور والتقاعد والتدابير الضريبية التي تفرض المزيد من الضرائب على الثروات الكبيرة.
بَيد أن حركة السترات الصفراء لم تأخذ أي موقفٍ من القوانين المناهضة للعمّال والمناهِضة للنقابات التي تضاعفت والتي خاضت الحركة العمالية والنقابية ضدّها معارك كبيرة. وليس هناك مثلاً أية محاولة لإعادة فتح النقاش في موضوع قانون السكك الحديدية، الذي خاض ضدّه عمّال السكك الحديدية ونقاباتهم معركة قوية في عام 2018 لعدة أشهر. لا يمكن هنا أن تكون المسألة مسألة “نسيان”، بل هي ترجمة للمصالح المتباينة التي تعبّر هذه الحركة، كما الرغبة في جعل الأولوية لل”وحدة” بين الموظفين والرؤساء الصغار، بين رجال الأعمال في القطاع الخاص والموظفين.
نؤكّد على هذه الجوانب، لأن هناك بعض الأساطير التي تضع هذه الحركة “فوق” التنظيمات المتعثّرة للطبقة العاملة والجماهير العاملة، بذريعة أنها فشلت في منع تنفيذ السياسات النيوليبرالية.
على الصعيد العالمي، أخذت حركة السترات الصفراء مسافة من المنظّمات النقابية منذ البداية. وحيث كان نقابيون يرتدون السترة الصفراء في خطّ المواجهة، لم يكن هناك عداء تجاه النقابيين الذين جاءوا “للحديث”، خاصة منذ اللحظة التي عمدت فيها الحكومة إلى قمع المظاهرات بعنف. لكن هذه الحركة تريد أن تكون أيضاً غير سياسية. العديد من متظاهري السترات الصفراء لا يشعرون بأنهم ممثلون إما من قبل النقابات أو الأحزاب السياسية، وقد أبقوا أنفسهم بعيدين عن التعبئة السياسية.
يمكن تفسير رفض النقابات من خلال اتجاهين رئيسيين: من ناحية، التأثير الرجعي للدعاية المناهضة للنقابات، القادمة من أصحاب العمل واليمين بوجه عام، ومن ناحية أخرى؛ فإن حقيقة أن الفكر الإصلاحي المهيمنة على رأس قيادة النقابات والذي وصل إلى نوع من الخيانة الطبقية، يترافق مع الإصلاحات المضادة التي فرضتها الحكومة والضربات التي سدّدها أرباب العمل. ومن هنا كان الشعور بين هذه الفئات من العمال بأنهم “متفرجون” وليسوا جزءاً من الحركة النقابية، أن “النقابات عديمة الفائدة” أو أن النقابيون “جميعهم فاسدون وتم شراؤهم من قبل النظام”.
في الختام، تمثّل حركة “السترات الصفراء” دخول القطاعات البرجوازية الصغيرة في النضال الاجتماعي، من قطاعات الطبقة العاملة التي تعمل بشكل رئيسي في المشاريع الصغيرة والصغيرة جداً القليلة الانخراط في النقابات، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى (الحرفيون، وأصحاب المهن الحرة، وصغار أرباب العمل، وغيرهم…). هذه الحركة غير المتجانسة تندّد بعواقب سياسات ماكرون النيوليبرالية التي تطيل وتضخّم سياسات أسلافه واحتقارهم للطبقة العاملة. هذه الحركة تطالب بسياسات ضريبية تفرض الضرائب على الأثرياء وتعمل من أجل إلغاء التفاوت الاقتصادي الكبير الحاصل.
غير أن حدودها هي تركيبتها الاجتماعية، وحقيقة أنها لا تستطيع ولن تهاجم مصالح رأس المال. إذا كانت للحركة عواقب اقتصادية، فهي في تعطيلها لنقل البضائع بالشاحنات وعدد من المراكز التجارية، كما استهدافها بشكل أساسي للحكومة المتهمة بإعطاء الأثرياء أكثر من أولئك الذين يعملون.
نحن لسنا في مرحلة ما قبل الثورة، خلافاً لأوهام البعض، لكننا في سياق معيّن بحيث أننا يجب أن نرصّ الصفوف في مسألة الثورة ومسألة الحزب الشيوعي وتدعيمه، والعمل على تثوير الحركة النقابية وتنظيم الشباب والنساء من خلفيات شعبية في القواعد الثورية والمناهضة للإمبريالية.
فرنسا ديسمبر 2018
#لجنة_التنسيق_المنظمات_الماركسية_اللينينية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التضامن مع نضال العمال والجماهير الشعبية في فرنسا (ديسمبر 20
...
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|