|
خسوف بدر الدين/ النور الذي خُسِف
يوسف صالح خندقجي
الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 22:20
المحور:
الادب والفن
رواية خسوف بدر الدين الشاعر و الروائي الفلسطيني باسم خندقجي..
رواية تاريخية تحمل في ثناياها علمًا صوفيّا لا يعرفه الكثيرون، حيث سافر بنا الكاتب باسم في أوراق التاريخ و معالمه التي نجهلها، دخلنا قصورا و التقينا سلاطين و أمراء و شيوخ زوايا مارّين بجبال،متوغّلين في البراري. باسم خندقجي الذي تحدّى السجان للمرة السادسة بثلاث دواوين شعرية و هذه ثالث رواية بعد نرجس العزلة التي أبدع فيها و ثاني رواية تاريخية بعد مسك الكفاية. بدر الدين محمود ابن قاضي سيماونة، ترك وطنه الأم مسافرا لطلب العلم لتحقيق رغبة والده الذي أراده في أعلى المناصب، تنقّل من مسقط رأسه ليكون تلميذا لصديق والده يُجوّد القرآن في الأزهر ،ليتحوّل لمعلّم وليّ عهد السلطان برقوق الأمير الأحمق كما سمّاه لأنه أفقده أعصابه و لم يتمكّن من إتقانه اللغة العربية ،ذلك لأن أمّه الجارية تركية الأصل و تتكلم اللغة العربية بطريقة بشعة مُشوّهة. هناك في القاهرة كان عاشقا لمكنونة جارية السلطان وطربها. بعد مناظرة بينه و بين ابن خلدون يوما ترك التعليم هربا من استبداد السلاطين و سطوتهم أولا لأنه لا يقبل الذل و المهانة و نجاة من خونذ شيرين والدة الأمير الأحمق التي راودته عن نفسها لأكثر من مرة و اعتبرته عبدا لها. و بعد أن قُتلت معشوقته على يد السلطان الذي فصل رأسها عن جسدها في مجلسه على مرأى الجميع و علّقه فقد بدر الدين صوابه. يتشرّد و يتوه في البراري و الجبال و يشتغل حاله حال المواطن البسيط، و رغم إفلاسه لم يتركه صديقه طورة كمال الذي أعاله و أسكنه عنده. مسافرٌ و هائمٌ على وجهه في البرية و أرض الله الواسعة ليصل إلى تبريز مُتردّدا على زاوية صوفية لابن النور هناك،لكنه لم يتقبّل الانتماء إليهم، و أنكر ما يفعلونه فسخطوا عليه، لكن أمير تبريز أكرمه لعلمه و معرفته فأهداه بيتا و طلب أن يكون ابنه تلميذا عنده، و هذا ما حدث.. بمرور الوقت كان يغيب عن زاويته مُتخذا جبل المقطم مكان خلوته فيرقص هناك كدراويش قونية مستديرا حول نفسه. يلتقي بصديقه مصطفى نور الدين بعد زمن طويل و يحرره من أسره هو أبناء بايزيد بعد معركة طاحنة. فيلتمّ شمل الرفاق الثلاثة بدر الدين و طورة و مصطفى بأحداث متسلسلة في أوراق التاريخ بقلم الكاتب المبدع باسم خندقجي، حيث دخلنا قصورا و زوايا صوفية، و استمعنا للناي. هناك في تبريز يختار بدر الدين سبعة تلاميذ في ريعان شبابهم من أصول و مشارب مختلفة و معهم حبيب عازف الناي و أمين فؤاد بدر الدين، و شيخ يمينه طورة،فيشدّون الرحال حيث صديقه مصطفى و ابن السلطان المقتول بايزيد، فيُكرمه الامير و يجعله قاضي ليرافقهم في معاركهم و يخطب في الجند لمناصرتهم و تشجيعهم. و هكذا نصرا تلو الآخر و بدر الدين يزداد في تجلّيه الصوفي و عشقه و نوره، و يأمر بالعدل والمساواة و عدم التعرض لأهالي المناطق التي يفتحونها بعدم سفك الدماء. هذا ما لم يرق للأمير محمد الذي اعتبره تمرّدا و خروجا عن العادات العثمانية في الحروب و نفاه في منطقة في الجبل مع تلاميذه مُشدّدا الحراسة الأمنية عليهم. تشاء الصدف أن يهربوا و يصلوا إلى سيماونة بمساعدة مصطفى شيخ يساره، و يتحصّنوا في قلعتها بمساندة أهاليها الذين أكرموهم مرحّبين ببدر الدين الذي نجّاهم من الذلّ و حرّرهم من عبودية الأمير بعد استيلائه على سيماونة. لم يتوقّف بدر الدين يوما عن نشر العلم في زاويته التي توسّعت أكثر في قصر أبيه القديم في مسقط رأسه و زاد نوره هناك. ابتعد عن الدنيا بشهواتها و ألوانها الزاهية و بهرجها و سلاطينها الذين لم يُعجبهم أمره. فهم دوما يكرهون صاحب العلم و يخشون معرفته لأنه و ببياطة يُشكّل تهديدا يهزّ عروشهم. بدر الدين الذي اجتمع حوله الفقراء و المساكين و الثقيلي الأحمال و المتعبين الهاربين من ظلم الدنيا و جور مماليكها. بدر الدين كان يملك روح الحلاج و عشقه الالهي و رقصة دراويش جلال الدين الرومي و حبّ تبريز بنوره الذي خُسف في الأخير في مشنقة بايزيد باشا القائد الرهيب للأمير محمد. كما صُلب يسوع شُنق بدر الدين. نهاية حزينة في الأخير حيث خُسف بدر الدين بعلمه و نوره و معرفته. هكذا عاش من تلميذ لمعلّم لممسوس لثائر و متمرّد فيُخسف نوره . أروع رواية تاريخية قرأتها في حياتي حيث عرفت متصوّفا لم أسمع به يوما و أنا المعجبة بعشق جلال الدين الرومي و شمس الدين التبريزي و الحلاج لأعثر على بدر الدين في ثنايا رواية البطل باسم خندقجي. ( نوميديا جروفي) ناقدة جزائرية
#يوسف_صالح_خندقجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خسوف بدر الدين/ النور الذي خُسِف
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|