يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 21:25
المحور:
الادب والفن
إنه لمن الإغراء أن نشعر بالتفاؤل ، و نطلب الأمان . و من اللباقة أن ندعو إلى الخير و اليمن .
فالهدوء و الطمأنينة مطلب الناس جميعاً .
غير أن الرياح تسير عكس ما تشتهي سفن حياتنا ، و تجري مغايرةً لأذواقنا .
منذ ثلاثة أرباع العقد ، و الأيام تمضي بنا مع مصائبها المحبوكة بدقةٍ متناهيةٍ ، و بحروبها المدروسة بشكلٍ محكمٍ .
و نادراً ما كانت تتحفنا بانتصاراتٍ لا يتعدى سقفها هنيهاتٍ من السعادة الوهمية التي سرعان ما كان يتبدد ضبابها ، و ينكشف زيفها . فيكثر الرهان على جليل الأعمال ، و حسن التصرف للعام المقبل .
عامنا الآثم هذا حان موعد أفوله ، و ها هو يلوح بيديه الملطختين بكل صنوف القهر و الإذلال علامة الوداع ، و حزه للرقاب ، و توتراته العنيفة ، و صدماته المفاجئة بنسف حياتنا ، و تراكم أعباء خيباته المتكررة .
بعيداً عن التشاؤم و قريباً جداً من الحقيقة : إن رائحة محاكاة العام المقبل لسلفه تملأ أنوفنا .
فتقليد الشر و الهدم - لا الخير و النهوض - غدا سيد الموقف .
و اللاحق يقتدي بالسابق ليحظى مكانته في الطيش و المراهقة الخالية من النضج .
و بعيداً أيضاً عن الإجحاف : فإن الترويج للخير و التفاؤل لم يعد وارداً في قاموس عامنا الجديد الذي سيسعى للفوز على الأعوام المنصرمة في الانزلاق إلى التفاهة و الجرائم و التدمير ، و نيل مرتبة الشرف في الفوضى و التخريب و التشرد و زهق الأرواح .
فعامنا الجديد سيكون مقلداً بارعاً في ممارسة قمع العباد ، و تفكيك الأحلام الكبيرة ، و إطفاء الآمال المتوهجة ، و ارتطام كل ما هو جميلٌ متنورٌ بصخور الإحباط و الخيبة .
عامٌ مقبلٌ ثقتنا به مفقودةٌ ، و نكهة أيامه ستكون بطعم العلقم .
فما لم تكملها أيام عامنا الحالي من المرارة و البؤس ، ستتممها السنة الجديدة ، فتزيد عليها ألماً ، و تدفعنا إلى العراء أكثر .
نفحة التفاؤل مهما هبت علينا ، فلا تنعشني بعدوى الحماسة .
مادام القائمون بأمورنا هم هؤلاء ، و لا سواهم .
مستعمرون كلهم طغاةٌ متجبرون ... إرهابيون جميعهم .... مستبدون .... سَفَلَةٌ ... أنذالٌ .... أوغاد عامتهم ......
فكل عامٍ و نحن ضحايا إرهابهم و قسوتهم و صراع مصالحهم .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟