أنشودةُ الحياة ـ 1 ـ ( ص 10 ـ 12 )
خارَتْ مفاصلُ الجبالِ ..
خارَتْ أجنحةُ السماءِ
لم يَعُدْ للربيعِ نكهةً ..
ولا للصيفِ بهجةً
تحوَّلَت شهقةُ الاشتياقِ
إلى رماد!
إلى ضبابٍ مغلَّفٍ بالسموم
إلى حالةِ اختناق
دوراتٌ حلزونيّة
دوَّخَت خيالَ المبدعين
حوَّلَت أجملَ الأشياءِ
إلى سراب
زمنٌ تهربُ مِنْهُ الفراشات
أينَ تلاشَتْ وداعات الحمام؟
جداولُ
الروحِ
عطشى
ماتَت فراخُ العصافيرِ
فراخُ طيورٍ برّية
ماتَت كائنات بحريّة
قَبْلَ أنْ ترى السواد..
نورٌ كثيفُ الغبارِ
يحملُ بينَ ثناياه
طبقاتٌ سميكة
من دخانِ العصرِ
عصرٌ حافلٌ بالمراراتِ
حافلٌ بكنوزٍ مخبوءة
في فوّهاتِ المدافعِ
حافلٌ بموتِ المبادئِ
بتضخُّمِ جموحِ الصولجان
زمنٌ مبرقعٌ بالفقاقيعِ
يذهلكَ بنموِّهِ
بانزلاقِهِ في آبارِ الجنون ..
لماذا وجهُكِ متصدِّعٌ
أيّتُها الحرّية؟
آلافُ السلاحفِ ماتَت
على
شواطئِ
البحار!ِ
صديقتي ..
لماذا وجهُكِ مضرَّجٌ بالكآبةِ
وخدّاكِ الحنونانِ باهتان؟
هل نضحَتْ كآبتُكِ
من لوعةِ الاشتياقِ،
أمْ تفاقمَتْ
من أوجاعِ هذا الزمان؟
تاهتِ الجِمالُ بعيداً
هربَتْ مِنْ هطولِ الشظايا
من تراكماتِ تدفُّقِ الحنظلِ
فوقَ جباهِ المدائنِ
فوقَ شفاهِ الأريافِ
الحزنُ حائمٌ حولَ حدباتِها
لَمْ يفارقْ شفاهَهَا المتدلّية عطشاً
يزدادُ قلقُهَا بازديادِ
مساحاتِ الاصفرارِ
عَبَرَتْ من غيظِهِا
أعماقَ الصحارى
تجترُ أوجاعَ السنين!
..... .... ..... ...... يُتبع
راجع ما فاتك من النصّ ( ص 1 ـ 9 ) على موقع الحوار المتمدِّن.
لا يجوز ترجمة هذا النصّ إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خطّي مع الكاتب.
ستوكهولم: كانون الثاني 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]